قليل ما في حياتي ألاحظ مقدمة برامج من العيار . لقد شاهدت عدة برامج تلفزيونية في قنوات عربية أوربية و أمريكية.. ونادرا ما أجد مثل الأستاذة ماجدة اليحياوي، المشرفة على برنامج «شدى الالحان» الذي جدب أولا، المغاربة.. من كل الأعمار و المستويات، باختيارها المبدعين الذين أعطوا للعمل الفني الكثير، وتمتاز باختياراتها و ذكائها وثباتها .. المثقفين الذين لهم دراية بالفن المغربي و العالمي . و الذي أثار انتباهي جيدا كونها تملك قلوب محبيها بتقديمها الشيق و أسلوبها الرائع و بالسهل الممتع . ماجدة اليحياوي لم أعرفها شخصيا، ولكن كعين فنية أتابع أعمالها النيرة و خبرتها لمن تقدم أعمالها بدون تبجح.. وتعرف كيف تنتقل من الذي تحاوره إلى الفنان الذي سيقدم عمل برنامجها بذكاء خارق، خال من الملل، بابتسامة عميقة واحترام لضيوفها وللمشاهدين عبر الشاشة الصغيرة، ليس في المغرب فحسب بل حتى في الجزائر و تونس و موريتانيا و ليبيا و مصر و في إسبانيا و فرنسا و بلجيكا و ألمانيا و هولندا و سويسرا..، حيث الجالية المغربية متعطشة لأعمالها وتنتظر برامجها على أحر من الجمر.. إن جماهيرها العريضة الطويلة من الخليج إلى المحيط يكنون لها كل احترام. إنه من البرنامج القليلة لتي يمكن لأسرة بكاملها أن تشاهده ولن تمل منه كونه خال من الابتذال.. الذي يجعل الأسر تتفرق وتتوزع.. ماجدة اليحياوي تقدم من كل فن طرف، إذ أصبح المشارقة يعرفون بفضلها أبعاد ألوان الموسيقى المغربية . في الماضي القريب كان المشارقة والمغاربيون يتسألون لماذا براعم المغرب يأخذون الرتب الأولى في المهرجانات ؟ ولماذا الفنان المغربي يغني مغربي، فرنسي، تونسي، جزائري، خليجي ومصري أفضل بكثير منهم أحيانا.. في برنامج ماجدة اليحياوي اكتشفوا سر نجاحهم ، لان المغاربة غنوا بالإقاعات المختلفة والأنغام المركبة وغير المركبة.. بحكم ذكاء الملحنين المحنكين، وصلوا إلى ما وصلوا إليه . .. و الجدير بالذكر أن ماجدة اليحياوي أصبحت من الباحثات من العيار الثقيل في الأغاني العالمية، واكتشفت برزانتها ومستواها العالي أن توضح للعالم العربي أن الأغنية المغربية لن تأتي من فراغ واستطاعت أن تحبب كلمات الأغاني المغربية للمشارقة، لأن اللهجة المغربية كانت تشكل عائقا أمام انتشارها شرقا و غربا، لكن باختيارها النبيل عرفت من أين يؤكل الكتف، وهاهم الفنانون اللبنانيون و المغاربيون و الخليجيوين يتهافتون على تحفنا لأدائها و لا فخر.. بفضل برنامج « شدي الألحان « وبفضل الطريقة المتميزة التي أبدعت فيها ماجدة اليحياوي أقبل مجموعة من الفنانين الكبار على أداء أغانينا بالدارجة المغربية، وبفضلها وفضل برنامجها هذا اشتهرت مجموعة من أعمالنا التي ضحوا من أجلها فنانون منهم معاصرون و غابرون . ماجدة اليحياوي التي من عادتها تقديم برامجها ببساطة متناهية، تظهر فيها هندستنا المعمارية وصناعاتنا التقليدية.. بما فيها القفطان الذي أصبح يرتديه كبار النجوم من النساء،, زد على هذا تنقلاتها الذكية لتملك قلوب الملايين من العشاق في الداخل وما وراء البحار . في الستينيات من القرن الماضي، كان المشارقة لا يعرفون الأغنية المغربية بالدارجة، لكن بعدما أصبحت ماجدة وآخرون يقدمون أعمالهم و وبرامجهم .. أصبح العالم العربي يعرف ما هي هذه الأغنية التي جذبت ملايين العشاق .. إلى أن ظل كبار الفنانين يسهرون الليالي لحفظها لأنها كلها تحدي كهاني ، عبد الحليم حافظ ،علي الحجار ? الشحرورة صباح ، راغب علامة ، محرم فؤاد وهم كثيرون ، لأنهم وجدوا في لهجتنا نكهة وأبعادا وبحرا لا ساحل له من الإيقاعات والأنغام وحتى الكلمات التي هي لغة عربية قحة ، وأكثر من هذا اكتشفنا مغنيين صينيين أندنوسيين وماليزيين يتغنون بتحفنا الغنية.. أما إقاعاتنا فأصبح الفنانون الأمريكون يوظفونها في أعمالهم التي اجتازت حدود الدنيا . ماجدة اليحياوي إعلامية مقدمة برنامج « شذى الألحان» كانت من السباقين لهذا الانجاز السهل الصعب وحققت ما كانت تصبو إليه من زمن طويل وسر نجاح وانتصار فننا وصناعاتنا التقليدية من جميع الحرف يعود لها ولغيرها الفضل وكل الفضل سيما وأننا نقدم أغاني هادفة و ألحان رائعة تحظى باهتمام كبير من قبل مغنيين و ملحنين عالميين و شريحة واسعة من الجمهور في العالم أجمع . ماجدة اليحياوي المحترمة، تقدم أعمالها زيها المغربي الذي بهر نساء الدنيا من مطربات و ممثلات عالميات .. وهذا ليس بالسهل ، وهذا الانفتاح لن يأتي بسهولة لولاها وغيرها ، بطبيعة الحال، لما عرفت هذه الشريحة من الطبقات لهجتنا وفهم ثقافتنا واكتشف خبايا صناعاتنا من جبس وخزف ونحاس و ثياب . هذه المرأة المحترمة نكن لها كل تقدير لأنها ببرنامجها البسيط كانت سفيرة المغرب ، وساهمت في للنهضة التي عرفتها الساحة الفنية - الموسيقية .. ماجدة اليحياوي لن تنحصر في تقديم صناعاتنا التقليدية بطريقة غير مباشرة، فهي تسعى لتقديم كتاب وأدباء وملحنين ومطربين ليس في الأغنية المغربية المعاصرة بل حتى التراث الأندلسي-الملحون ، الشكوري ،العساوي-الحمد وشي ، الكناوي و غيرهم ، لأن كل منطقة من المغرب لها أهازيجها وفنها الأصيل الدين أبدع فيه فنانون كبار قل ما يجود الزمان بمثلهم ماجدة اليحياوي التي اهتمت بالأصوات أولا والأناقة المغربية ثانية أصبحت أغانينا وتقاليدنا موجة أثرت على العالم شرقا وغربا .