في زمن انتحار الكلمة وصراع مع النوطات الموسيقية تظهر الكلمة واللحن التي اشتاقت إليها الجوارح. ينبوع وبراعة تقديم الفن الراقي، في وقت اكتسحت فيه الفن موجة اعتبرها البعض موجة عابرة والبعض الآخر موجة فساد، فظل أنشودة عذبة في فم الحياة، وأصبحت الحياة جوهرة عذبة في فمه، وغدا جوهرة نادرة في خزانتها، فأبت إلا أن تكون جوهرة نادرة في خزانته، لقد غنته فغناها وأغنته فأغناها. لما نفكر في الأغنية الرومانسية يأتي فورا بأذهاننا الليل والنجوم وصوت البحر الموج، وأنين البيانو والكمان.. ويتهافت في مخيلتنا الحب وشغف الحب وعذاب الحب.. إنه الفنان اللبناني مروان خوري، الذي سيفتتح مهرجان موازين بالرباط في دورته المرتقبه في ماي القادم - كما هو مقرر - رفقة الفنانة المغربية كريمة الصقلي بأغنية خاصة من ألحانه. مروان الخوري حالة فنية متميزة، فريدة من نوعها، قد يعرفه البعض على أنه ملحن، والبعض الآخر على أنه شاعر، هو ببساطة شخصية حساسة مرهفة تكونت بفضل طفولة متميزة وحب موسيقي محض منذ الصغر، حلمه كان الموسيقى وواقعه الموسيقى، لم يستطع أن يفصل بين اللحن والكلمة والصوت، فجمعهما معا لتكون مسيرته مبنية على ثقافة موسيقية. رسم لنفسه طريقا مختلفا حتى أصبح اسما لامعا في عالم الأغنية العربية، حيث قدم العديد من الأعمال الناجحة وغنى ألحانه كبار الفنانين في الوطن العربي حتى الأتراك أعجبوا بعذوبة صوته وشفافيته، إذ قدم بصوته العديد من الألبومات التي حملت توقيعه شعرا ولحنا، فهو خبير في تحمسه لأفكاره، مثلما هو رزين في تمجيده لعشقه. من هو مروان خوري؟ تبدو على مروان خوري - 44 سنة من مواليد مزرعة التفاح (شمال لبنان)- ملامح وسامة، وسامة تعامل معها ترف العيش بطراوة. يضع على محياه ابتسامة صادقة غير متطفلة حاضرة كل الوقت. رجل فارع الطول أنيق المظهر، أطلق عليه البعض لقب الفنان الشامل وآخرون نادوه بالموسيقار. واسع الطلعة والخيال وروح مطبوع عليها الصدق والبساطة، مارس الموسيقى ودرسها بأصولها، وتلقى تعليمها على أيدي أساتذة وتمكن من التسلل إلى قلوب المستمعين من خلال عفويته وآدائه المتميز. مساره الفني متنوع الحافل بالإنجازات..، كتب ولحن لكبار نجوم الغناء بالوطن العربي، لدرجة أنه تفوق لحنه وكلماته على النجم نفسه، فألحانه وكلماته تحكي كلى لغات الحب. الحلم الكبير يتحقق: كانت بداية مروان مع الموسيقى منذ الصغر، حيث كان يلحن القصائد التي يأخذها في المدرسة ليسهل عليه حفظها، وكانت الموسيقى تأخذ معظم وقته، فنمت موهبته مع تقدم سنة.. تخرج من جامعة الروح القدس، حيث درس فيها السولفيج والهارموني والعزف على البيانو، فصقل موهبته بالثقافة الموسيقية العالية. في السابع عشر من العمر كان مروان عازفا محترفا يشارك في شتى الحفلات الفنية. كما قاد فرقة برنامج «ليلة حظ» مع المخرج سيمون أسمر، إضافة إلى مشاركته كعازف في فرقة رفيق حبيكة في برنامج استوديو الفن عام 1993، حينها كان مايسترو فرق موسيقية لعدة فنانين، منهم الشحرورة صباح ووائل كفوري. ولكن في الوقت الذي كان فيه خوري نشيطاً فنياً وكعازف، كانت بداخل الفنان محاولات تلحينية لم تصل إلى الجمهور بصورة رسمية. وفي سنة 1987 حصل مروان على الجائزة الثانية في التلحين من جامعة روح القدس، وقتها أخذت روح مروان تسيل شعراً ولحناً، ثم راحت تفيض وتفيض. فكانت أولى محاولاته في صناعة الأغنية سنة (1992 / 1993). كان الفنان مروان خوري في غضون سن 24، عندما لمع اسمه لأول مرة في دنيا الغناء. والفضل يعود في ذلك إلى والدته التي تهوى الطرب والغناء، التي مال بفضلها إلى الموسيقى منذ سن مبكرة. فالانسجام كان تاماً ورائعاً بين الفن الذي كان يخلقه من حين إلى حين، وبين الحياة التي كان يحياها من ساعة لساعة ومن يوم لآخر. ألبوماته: في سنة 1987، صدر شريط «كاسك حبيبي» يتضمن خمسة أغاني من تأليف تلحين وغناء مروان خوري. مهد هذا الشريط الطريق لمشواره العريق. وخلال عام 1995 صدرت له أغنية «فيا ياما بلاك» على شريط وكان جوها رومانسي. الأغنية نالت إعجاب الجمهور وعرفت انتشاراً سريعاً. وفي سنة 2002، صدر ألبوم جديد تحت عنوان: «خيال العمر»، صور من هذا الألبوم أغنية «يا شوق» على طريقة الفيديو كليب، وفي العام الذي تلاه (2003) حصل الفنان المبدع على جائزة «الموريكس دور» كأفضل ملحن، وذلك بعد أن تنفجر قنبلة «كل القصايد» في ماي 2004 من إخراج شقيق مروان الأكبر كلود خوري.. وبعد سنتين (2006) حضر مروان ألبوماً بعنوان: «قصر الشوق». وفي عام (2007)، صدر للفنان الشامل عمل ديوان جمعه مع الفنانة المتألقة كارول سماحة بعنوان يا رب. ولم يلبث الفنان الشامل أن أصدر ألبوما جديداً يحمل عنوان: »أنا والليل«. وآخر تحت عنوان «راجعين» من كلمات وألحان مروان خوري. وفي ثنايا هذا العمل ينهي مروان فوزي العقد مع شركة روتانا وينهي التعاون معها بأجمل حلة، بعد أن راح يسير بخطى واسعة من نجاح إلى نجاح، وراح اسمه يمتد أبعد فأبعد في البلاد العربية، بل العالمية. أعذب الاصوات التي غنت لمروان خوري خلال مسيرته الفنية أعطى مروان عدة أغنيات لفنانين كلاما ولحنا، وأبرز هذه الاغنيات: «معقول» لفضل شاكر و«أحب جدا» للفنانة ماجدة الرومي، وهي من كلمات نزار قباني، ثم «غني للحب» و«ماراح ابكي عشي»، زد على ذلك تعاونه مع الفنان التونسي صابر الرباعي بأغنيته «عز الحبايب»، و«صابر »، وثمة جملة من الأعمال الناجحة قدمها لإليسا وشهدت نجاحا في العالم العربي، كما هناك عدة تعاملات مع أصالة نصري وأشهرها «لا تخاف» .. ومؤخرا صدر للفنانة الجزائرية ألبوم جديد من ضمنه أغنية «أمل» من كلمات وألحان الفنان الشامل.. هكذا ظلت الكلمات والأنغام والألوان تنقاد لمروان انقياد القطيع لراعيه والفرس لفارسه وأصبح اسما لامعا في مجال التلحين والتأليف..