توفي صباح أمس الخميس، بأحد مستشفيات الرباط، الفنان والملحن المغربي، عبد النبي الجراري، أحد رواد الموسيقى المغربية، بعد معاناة مع المرض. وبرحيل عبد النبي الجراري، عن عمر87 عاما، تفقد الساحة المغربية هرما متميزا، باعتباره مدرسة كبيرة، تخرجت منها العديد من الأصوات الغنائية، التي وصلت إلى النجومية، كما أعطى للأغنية المغربية بريقا متميزا، على مدى عقود. واعتبر العديد من الفنانين وفاة الجراري خسارة للأغنية المغربية، وللفن والفنانين المغاربة، إذ قال مصطفى بغداد، رئيس النقابة الحرة للموسيقيين المغاربة، في تصريح ل"المغربية"، "كنا نلقب عبد النبي الجراري بأستاذ الأجيال، لأنه كان رجلا ذا مسؤولية كبيرة في المجال الفني، فهو مؤسس الأجواق الوطنية، وأحد مؤسسي الأغنية المغربية، كما كان ينفق من ماله الخاص على الفنانين". وأضاف بغداد أن الراحل، وهو من مواليد الرباط سنة 1924، احتضن فنانين كبارا من خلال برنامج "مواهب"، الذي كان يعده في ستينيات القرن الماضي، موضحا أن البرنامج كان بمثابة مدرسة تخرجت منها جل الأصوات المغربية الكبيرة، التي لمعت في سماء الموسيقى والغناء بالمغرب والعالم العربي، وبينهم عبد الهادي بلخياط، ونعيمة سميح، ومحمود الإدريسي، وسميرة بن سعيد، وعزيزة جلال، وليلى غفران، والراحلة رجاء بلمليح، والبشير عبده، وأنور حكيم، ومحمد الغاوي، والملحنين، عبد القادر وهبي، وعبد اللطيف السحنوني، وعز الدين المنتصر، وغيرهم من الوجوه الفنية، التي تألقت في سماء الأغنية المغربية. وأضاف بغداد أنه زار الراحل في المصحة، الأسبوع الماضي، إلى جانب بعض الفنانين، للاطمئنان عليه، فوجدوه متفائلا ومتشبثا بالحياة، وابتسامته العريضة لا تفارقه، معتبرا أن "الجراري فنان لن يتكرر في مجال الإبداع الفني المغربي، فهو من المساهمين في وضع الأسس الأولى للأغنية المغربية، بمواهبه المتعددة، وطموحاته، وحبه للموسيقى والفن". وقال إن من "ميزات الراحل أنه كان موثقا، إذ يحتفظ في خزانته بكل الصور والرسائل، التي يتوصل بها، بينها رسائل تجاوز عمرها خمسة عقود، والتي توصل بها في برنامج "مواهب"، ما جعل نقابة الموسيقيين المغاربة تفكر في إصدار كتاب، يضم جميع هذه الوثائق". من جانبه، عبر عبد الهادي بلخياط عن أسفه لرحيل عبد الجراري، الذي قال إنه يعتبره أخا وصديقا وأبا لكل فنان مغربي، مضيفا أن "الراحل أعطى الكثير لهذا البلد، والفضل لله وله في الإشعاع الفني، الذي شهدته الأغنية المغربية"، مشيرا أنه تعامل معه في العديد من الأعمال الغنائية منها، "بلادي"، "وحبيب القلب"، إلى جانب العديد من الأناشيد الوطنية. وكان الفنان الراحل، الجراري، من أمهر العازفين على آلة البيانو، وأفرد لهذه الآلة مساحة واسعة أحيانا في بعض ألحانه، كما هو الشأن في قصيدة "أتظن"، كما غنى في بداية حياته الفنية الكثير من القطع، ولحن بعض المعزوفات الموسيقية. ومن بين الأغاني، التي وضع ألحانها الراحل "ابتسم يا غزال، و"أسرار الجمال"، و"مناجاة عصفور"، و"أقبل الصبح"، و"الصباح الجديد"، و"سق أغنامك يا فلاح"، و"عيد الربيع بشر"، و"أرض الجمال".