ضمن سلسلة المعرفة الفلسفية، صدرت حديثا، عن دار توبقال للنشر، الطبعة الأولى من كتاب لعبد السلام بنعبد العالي بعنوان «البوب - فلسفة»، وذلك بدعم من وزارة الثقافة. وجاء في الغلاف الأخير للكتاب أنه «سعي للخروج بالفلسفة من أسوار الجامعة، حيث تغدو المعرفة عائقا ضد الفكر، بهدف إنقاذها من مرض التأويلات والشروح والتعليقات، وجرها بعيدا عن التقاليد الفلسفية التي رسخها تاريخ الفلسفة بما يعطيه من قدسية للنصوص، وتأليه للأسماء، وإعلاء للمعاني، مع ما يستدعيه كل ذلك من مرور عبر «الدواخل».. دواخل الوعي، و»دواخل المفهوم»، ودواخل النصوص» (الصفحتان 14 و15 من الكتاب). وفي تقديم لعبد الفتاح كيليطو، يقول إنه شعر منذ أول اطلاع على كتابات عبد السلام بنعبد العالي أنه «جاء بنغمة جديدة في الفكر العربي، نغمة لا يخطئها قارئه»، مضيفا قوله «تساءلت مرارا عن سرها، ودون أن أدعي معرفة حقيقة الأمر، يمكن أن أقول إنه، في سياقه الخاص وفي جانب هام من انشغالاته، يقوم برصد البلاهة في شتى مظاهرها ويعمل على مقاومتها». ويوضح كيليطو قائلا عن المؤلف «عند تناوله موضوعا ما، يبدأ عادة بذكر ما يدور غالبا في الأذهان، فيشعر القارئ بنوع من الاطمئنان، ثم فجأة يأتيه بما يخالف رؤيته للأمور ويجعله يعيد النظر في آرائه وفي نفسه»، مستشهدا بقول عبد السلام بنعبد العالي، في الصفحة 68 من الكتاب، إنه «لا يتبقى للمثقف إلا الانخراط في شبكات مقاومة تسعى جهدها إلى بلورة أسئلة وإحداث شروخ في عالم ينحو نحو التنميط والتخشب وتكريس البلاهة». وتحاول المقالة الأولى، التي استقى الكتاب عنوانه من عنوانها، تحديد دلالة مفهوم «بوب- فلسفة» التي ظهرت أول مرة ضمن رسالة رد فيها جيل دولوز سنة 1973 على نقد لاذع وجه إلى كتابه «ضد -أوديب». وفي تأبين المفكر الراحل سالم يفوت، يتعرض عبد السلام بنعبد العالي في مقالة بعنوان «تكريم رفيق درب.. في حدود الإيبيستيمولوجيا» إلى المشترك بينهما ويسترجع ما تقاسماه من ذكريات وما شغلهما معا من اهتمامات، كما يقف في مقالة بعنوان «التزامنا والتزامهم» عند افتتاحية العدد الأول من مجلة (الآداب البيروتية في مستهل سنة 1953 ، ووعي صاحبها سهيل إدريس، موقع الافتتاحية، «بأن المجلة ليست منبرا يأتي إليه الكاتب «الجاهز»، وإنما هي مدرسة لتنشئة الكتاب» (ص 85). ويخصص المؤلف للكاتب الراحل عبد الكبير الخطيبي مقالتين، أولاهما بعنوان «الخطيبي بصيغة الجمع»، يعتبر فيها الخطيبي من الكتاب الذين يصعب تصنيفهم . أما المقالة الثانية، وهي بعنوان «جرح الهوية في كتاب-الاسم العربي الجريح-»، فيشير فيها إلى أن أهمية هذا الكتاب ،لا تكمن فحسب في ما كان لهذا الكتاب من مفعول، وما خلفه من أثر امتد خارج المغرب، بل خارج الثقافة العربية، بل تعود «لجرح آخر، وأعني ذلك الذي أحدثه سواء في الموضوعات التي تناولها، أو المنهجية التي اعتمدها، ساعيا إلى هدم الهوة التي تفصل المكتوب عن الشفوي، والجسد عن الروح، والصورة المرسومة عن النص» (ص 107). صورة غلاف الكتاب، الذي يقع في 159 صفحة من القطع المتوسط والذي يهديه مؤلفه «إلى العزيز أنس.. متمنيا لك ألا تعول على تقليد النصوص»، عمل الفنان هنري ماتيس. (و.م.ع)