بتعليمات من الملك محمد السادس: ولي العهد مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    الاستثمار العمومي.. بين الأرقام والواقع    زنيبر يبرز الجهود التي تبذلها الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان لإصلاح النظام الأساسي للمجلس    وهبي: مهنة المحاماة تواجهها الكثير من التحديات    رئيس مجلس النواب…المساواة والمناصفة أبرز الإنجازات التي شهدها المغرب خلال 25 سنة    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    تفكيك منظمة إرهابية بتعاون أمني بين المغرب وإسبانيا    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    الأحمر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ارتفاع مؤشر التضخم الأساسي ب3% الشهر الماضي في المغرب        بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    دفاع الناصري يثير تساؤلات بشأن مصداقية رواية "اسكوبار" عن حفل زفافه مع الفنانة لطيفة رأفت    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    انهيار سقف مبنى يرسل 5 أشخاص لمستعجلات فاس    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    مشروع قانون جديد لحماية التراث في المغرب: تعزيز التشريعات وصون الهوية الثقافية    استئنافية طنجة توزع 12 سنة على القاصرين المتهمين في قضية "فتاة الكورنيش"    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        كيوسك الجمعة | إيطاليا تبسط إجراءات استقدام العمالة من المغرب    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    أنفوغرافيك | صناعة محلية أو مستوردة.. المغرب جنة الأسعار الباهضة للأدوية    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شباب الفايسبوك.. طموحات وأحلام في حاجة إلى بوصلة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 25 - 01 - 2016

«الكود ..الباسوورد.. الرقم السري .. المودباس .. النويمرات ..» تنويعات لفظية لمسمى واحد اسمه الارتباط المجاني بالأنترنيت.
أصبح إقبال القاصرين على المواقع الاجتماعية يطرح إشكاليات تربوية و اجتماعية و قانونية رغم أن إدارة مواقع التواصل الاجتماعي حددت سنا أدنى للتسجيل في مثل هذه المواقع . كما اشترطت ضرورة موافقة ولي الأمر . فموقع فايسبوك، حسب الأستاذ غسان باحوأمرسال المحامي بفاس، حدد السن الأدنى في 13 سنة. إلا أن آليات المراقبة ، لا تسمح بتحقيق نتائج ملموسة بسبب التحايل بإعطاء سن وهمي. ويوضح الأستاذ أمرسال أنه بالرغم من أن القانون الجنائي المغربي حدد سن الرشد الجنائي في 18 سنة ، فقد سجلت في هذا الصدد عدة جرائم للتحرش بقاصرين أو استعمال صورهم لأغراض جنسية ،أو تسبب هذا التواصل في ارتكاب جرائم مثل هتك عرض قاصر بدون عنف أو اغتصاب.
لقد أصبح إقبال القاصرين على المواقع الاجتماعية يطرح إشكاليات تربوية و اجتماعية و قانونية رغم أن إدارة مواقع التواصل الاجتماعي حددت سنا أدنى للتسجيل في مثل هذه المواقع . كما اشترطت ضرورة موافقة ولي الأمر . فموقع فايسبوك، حسب الأستاذ غسان باحوأمرسال المحامي بفاس، حدد السن الأدنى في 13 سنة. إلا أن آليات المراقبة ، لا تسمح بتحقيق نتائج ملموسة بسبب التحايل بإعطاء سن وهمي. ويوضح الأستاذ أمرسال أنه بالرغم من أن القانون الجنائي المغربي حدد سن الرشد الجنائي في 18 سنة ، فقد سجلت في هذا الصدد عدة جرائم للتحرش بقاصرين أو استعمال صورهم لأغراض جنسية ،أو تسبب هذا التواصل في ارتكاب جرائم مثل هتك عرض قاصر بدون عنف أو اغتصاب.
ويشرح ذ: أمرسال البعد السيكولوجي والقانوني للظاهرة بكون هذا النوع من التواصل بات يأخذ جل وقت هؤلاء القاصرين و يؤثر في تربيتهم و تكوينهم النفسي و مردوديتهم الدراسية. فمرد ذلك بالأساس إلى غياب رقابة فعالة لأولياء الأمور أو عدم قدرتهم على منع أبنائهم من ذلك لمبررات عدة. ويراهن الأستاذ المتحدث على التنسيق بين المؤسسات التعليمية و أولياء التلاميذ كحل لهذه المعضلة ، مؤكدا على أهمية القيام بحملات تحسيسية من قبل متخصصين في المجال القانوني لتوعية القاصرين و القاصرات بهذه الممارسات الناتجة عن عدم الوعي بخطورة الأفعال و اللامبالاة، والتي قادت البعض للسجن و آخرين للانحراف وضياع مستقبلهم.
وفي السياق نفسه ، يسجل الروائي المصري عبد الواحد محمد التأثير السلبي لهذا النوع من الارتباط الشبابي حيث ينعكس على العقل التربوي العربي بآثار غير مألوفة .ويرى أن الصورة التي عليها الوضع اليوم ، قد خرجت عن نطاق الفلسفة التعليمية التربوية الهادفة ، وأخذت طرقا مرفوضة عند بعض النشطاء الفايسبوكيين ، مستدلا بأمثلة من قبيل الإساءة إلى زملاء المهنة الواحدة ،أو الدعاية المغرضة بهدف تحقيق مكاسب مالية و بطرق رخيصة، أو إفشاء معلومات تعرض المؤسسة للخطر، أو فضح العلاقات الخاصة عند الخلاف بين طرف وآخر، أما الناحية الإيجابية فيبرزها الكاتب والصحفي صاحب رواية « حارس المرمى «، في «توسيع هامش الحرية ما يسمح بتنوير العقل العربي التربوي من خلال فلسفة منهجية تعتمد علي بث الابتكار وروح الإبداع وتحفيز العقل البشري للنجاح من خلال وضع خبرات وتجارب يفخر بها الوطن ، وأيضا جذب العقل التربوي إلى حب الاطلاع دوما ودائما . و تدعيم العلاقات الطيبة بين زملاء وزميلات المهنة وتقديم «روشتة» وصفة نجاح لا هدم ،هنا سيكون الفيس بوك صوتا محمودا وصوت وطن» .
حقائق فاضحة
حينما عن ببالي تحضير استبيان أستمزج من خلاله رأي فئة شبابية في موضوع الشباب ومواقع التواصل الاجتماعي « خاصة الفايسبوك، كأبرز موقع اجتماعي تواصلي يسترعي اهتمام الشباب « ، حرصت على أن تكون العينة من الجنسين ومن مختلف الشرائح والأعمار، بدا لي الأمر شيقا وممتعا للوهلة الأولى ، لكن عندما بدأت الردود المتحمسة وأحيانا المتهورة تصلني تباعا، وجدت نفسي مثل ثور جامح لا يقوى على السير دون أن يرتطم ، كانت قراءة الإجابات «الطلاسم» وتفكيك رموزها أشبه بعملية تحقيق مخطوطات تعود إلى القرون الوسطى ، وبات علي أن أتقمص بقليل من الخبرة ودون تردد ، مهمة محقق تاريخي لنصوص غابرة من غير امتلاك حقيقي هذا المنهج العلمي الدقيق .
أولى المعيقات ،يمكن تلخيصها في صعوبة قراءة بعض الإجابات ،وهي تكشف الوجه البشع لمنظومتنا التعليمية، فالطالب في السنة الثانية باكالوريا يعبر عن رأيه بلغة هجينة مولدة بلا ملامح لا هي عربية ولا فرنسية ..هي عبارة عن رموز وأرقام . جمل وعبارات لا شكل ولا لغة ، المفاهيم الواردة لا دلالة لها ، إجابات سطحية ومختزلة ومقرفة أحيانا ،تجسد في مجملها رموزا ذات دلالات جنسية تتشكل داخل مجموعة من الانحرافات بلبوس أخلاقي مائع ، والمحصلة ،مجموعة أفكار وتدوينات لا رابط يجمعها سوى الانحلال ..بكل أبعاده ومستوياته ، أوفي أحسن الأحوال، كان الوضع مجرد استعراض للمأثور الشعبي التقليدي في شقه « المحظور « والمحرم من أمثال شعبية دون تحليل ولارابط منطقي يحكمها ، إنه مجرد اجترار لنفس الفكرة وتكرار ممض لمضمونها ،وحدثت نفسي لحظتها ..إذا كان هذا هو باب الدار فكيف فناؤها ياترى ؟
وتعتبر الحقيقة أو الصراحة والمصداقية الغائب الأكبر في مجمل الأجوبة ، لكن والحقيقة تقال ، أن المرور بنكهة الفلسفة على مجموع تلك الردود والإجابات بمختلف صيغها وأنساقها ، من تحليل وتأمل ومعالجة فكرية، تحتاج إلى دارس متخصص حتى يتسنى الإحاطة الضرورية بعناصر الإجابة وتحديد أدوات العمل المطلوبة في عملية تحليلها والخروج بخلاصات علمية مستنيرة ومضيئة تفيد المدرسة المغربية والمجتمع برمته.
تكشف لنا القراءة الأولية لخلاصة الاستمزاج في ضوء الصعوبات التي أشرنا إليها، حقيقة واحدة ، أن الارتباط بالأنترنيت عبر الهواتف الذكية وغيرها ،باتا قبلة الشباب بدون منازع، وأن المقهى كفضاء عمومي أفضل مسرح لبلورة هذه التجربة وإخصابها ، ثم أن استثمار هذا المعطى على النحو الأمثل من قبل البعض ،من شأنه أن يحقق تطورا نوعيا على مستوى هذه الفئة العمرية التي تشكل عماد المستقبل ورهان المغرب لركوب عصر العولمة بثقة محسوبة .وخلافا لذلك ، كما تفعل بعض المقاهي الراقية التي اجتهدت لتوفير فضاءات معزولة للجنسين بستائر مخملية وأثمنة مرتفعة ومبتزة ، يعد انزلاقا غير محمود العواقب، ليس لشباب المرحلة فقط ، بل بالنسبة للمجتمع برمته .
يلخص لنا نادل بمقهى وسط المدينة أوضاعه النفسية في جملة واحدة « الويفي هو السبب « اللعنة على الويفي ولي جابو ...»مضيفا بنبرة فيها غصة» من الجورنان للويفي ..يقصد بعد صداع الجورنان .. جاء دور الويفي ...يالطيف ثم يركز قدمه أسفل طاولة، قبل أن يشرع في تمرير خرقة مبللة فوقها.
حميدة الجامعي متزوج وله طفلان ، يشتغل نادل مقهى وسط حي شعبي آهل ، ورغم أنه عريق في مهنته ، وصاحب تجربة تفوق عشر سنوات في مواجهة الزبائن وتلبية طلباتهم المتعددة، فهو يعيش أوضاعا نفسية لا يحسد عليها « يقول حميدة « الناس باتوا يطلبون الجريدة والمودباس قبل المشروب ! ثم يضيف بنبرة ساخرة بعد أن غمزبعين « أضطر إلى تغيير المودباس كل يوم ؟ بل كل 5 ساعات ، بعد ماكنت لا ألتفت إليه بالمرة ؟ « .
مستنقع بارد
مرتادو المقهى الكائنة في الزاوية المأهولة من حي بنسليمان أغلبهم شباب، وقد دفنوا رؤوسهم على غير العادة ، في شاشات بلورية تتفاوت من حيث الضوء والمساحة والجاذبية ، هذا يشاهد فيديو سرقة ، والآخر يلعب شوطا من مقابلة كرة القدم الإسبانية ، فيما ترتسم الدهشة على محيا شاب على وقع أصوات نسائية تدعو إلى الانخراط في صفقة شبق مشبوهة ..هكذا حول الويفي حياة الشباب من حيوية الشارع وطيشه إلى مستنقع بارد من صورة وصوت ووجدان جاف ، إنه المكان الأزرق الضاج بالآهات والزفرات ، حيث صمت ودخان يكتنف فضاء المقهى ، وما بين الشاب الجالس في الزاوية وزميله سور من زجاج مسلح .
إنه الفضاء الوحيد الذي يقول فيه الشاب ما يريد وما يشاء دونما رقابة ،وما يرغب فيه أن يكون وأحيانا دون ضمير أو وازع أخلاقي أو مجتمعي ، تقول الباحثة التربوية « ب ل» لقد تسمر لساعات أمام جدار من زجاج فاصل ، يترجم سنوات الكبت والقهر والحرمان إلى تدفق عاطفي جامح بوجدان وبلا بوصلة» .
كل الأحلام والانتظارات تنطلق من لحظة الارتباط على الفايسبوك ، لقد اختزل هذا المارد الأزرق حياة الشباب وفكك أوصالها ، وعبث بكل أليافها العميقة، لتصبح عبارة عن إنتاج فيديوهات للمشاهدة بنكهة مرضية ، بلا طعم لكن برائحة ، مصحوبة في الغالب بتعاليق هجينة تكشف ضعف التكوين وهزالة التربية ، مجرد تعليقات بذيئة شاردة واهنة شائخة ذابلة واهنة، وفي أحسن الأحوال مستجدية ومتسولة .
لا شيء سوى الإدمان والتدوين، ومع شساعة الزرقة ، واتساع رقعة الحرية الشخصية تنبجس الصدمات لتعبر عن نفسها تناقضات مريبة تتذاكى في إبراز عيب الناس أكثر مما تكشف حسناتها ، تركيب ومزج وتشويه للصورة كما للحقائق والأشياء ، وحينما لا يجد المرء ما يقوله ، يستعيد نعي خال جد عمته، ويستجدي طوفان الأدعية والمعسول من الكلام.
حين طلب « ر. م» من النادل فنجان قهوة» نورمال Normal» وهو الذي ظل يلكنها « رورمان» هكذا لشهور طويلة ، قبل أن يتدخل أحدهم بلطف لتصحيحها ، يبادر حميدة إلى الانصراف على عجل لأنه يعلم علم اليقين أن وراء الطلب القهوة هناك شيء مقرف إسمه «مودباس» ، لكنه ، سرعان ما سيعدل عن وجومه حين يعرف أن الزبون من فصيلة سخية، فيبادر إلى الهمس « هاد لولاد الله يبدل المحبة بالصبر « يشفطون الواي في ولا يتركون سوى الفتات للكليان».
«الويفي « .. علامة تجارية
ظاهرة الويفي بالمقاهي في كافة المدن والقرى، باتت خدمة ضرورية انضافت الى الجريدة المجانية ، جاءت لتؤثث فضاء غالبية المقاهي حتى ولوكانت من الصنف الرديء . فالويفي عنوان المقهى المدني للاستقطاب الجماعي للزبناء ، لقد أضحى علامة تجارية يعلن عنها بالبنط العريض في المداخل ، وتوزع مع المشروبات ، إنها أفضل طعم لاصطياد أكبر عدد من الزبناء النشيطين من كل الشرائح والأطياف والأعمار ، ولا يقتصر توفير هذه الخدمة على الفضاءات الثابتة مثل المقاهي والمحلات التجارية، بل تجاوزها الى المتحركة كحافلات النقل العمومي بين المدن ..
حينما طلب رشيد، تلميذ السنة 1 باكالوريا ، نقود سيارة الأجرة لوالدته ، كان يعلم أنه بإمكانه قطع المسافة ما بين المؤسسة الخاصة حيث يتلقى الساعات الإضافية ومنزله راجلا ، حتى يتمكن من ادخار المبلغ لاحتساء القهوة ، أو أي مشروب غازي، لكي يستمتع رفقة زملائه من الطلبة ، ويقضي لحظات ممتعة بمقهاه ، فالارتباط بالشبكة بات أولوية ، وبديلا حيويا لاغنى عنه .
ولأن الحيلة لم تعد تنطلي على نادل المقهى ، فقد أصر على تغيير «المودباس» الخاص بالمقهى كل حصة مسائية ، فتكفيه جولة أو مسحة بصرية يستطلع فيها عدد الشباب المرتبطين بالويفي والمتواجدين بجوار المقهى أو الفضاءات المحيطة بها حيث يصل العدد أحيانا إلى 10 ، ليحدد زمن تغييره ، بهذه الوسيلة بات يوسف يتحكم في رفع مداخيل المقهى ، ويجبر الشباب خارج السيطرة على استهلاك مشروب قبل الاستفادة من الارتباط بالشبكة عبر ويفي المقهى .
ويقدم أحد الشباب معلومة لزميله بفخر متقافز» تريد معرفة الهواتف المتصلة بالأنترنيت بالمقهى ؟ « فيرد زميله بتواطؤ ماكر ، أفهم إن وضع كلمة سر أ و كود من حروف وأرقام إلى Wi-Fi ليست دائما الحل الأنجع لمنع جار أو شخص غريب من سرقة اتصالك بالأنترنت . ربما تلاحظ أن جل ارتباطاتك وإبحارك لا تتحرك بالسرعة التي اعتدتها . قد لا تكون المشكلة بسبب السرقة ، إن محاولة الكثير من الهواتف الذكية وغيرها ، استخدام اتصال على شبكتك يجعل الصبيب ضعيفا وبطيئا في أفضل حالاته «.
يقول « ع ز « ساخرا من الأستاذ الزياني موجها كلامه إلى الشلة: « الزياني» دائما يختار أقرب مكان إلى الويفي ، ولأنه يتوفر على هاتف من الحجم الكبير فسيشفط لنا كامل الصبيب ، ولا يترك لنا شيئا «أما زميله «ن ق « فيعلق ساخرا « إنهم الأذكياء المهرة ، يأتون مبكرا ، ويستحوذون على أكبر منسوب للطاقة ، ولا يهمهم أمر الباقي ، أولئك الذين يفضلون الالتحاق متأخرين « .
محمد الزياني أستاذ متقاعد في نهاية الخمسينيات ، مزدوج التكوين . أصبح من مرتادي الشبكة عبر هاتفه الذكي، فبواسطته يعرف خدمات الكنوبس والوضعية الإدارية له على موقع الوزارة وكذا معلومات، ويستقي دروسا ومعلومات بحثية .
ورغم أنه لا يمتلك أي بريد إلكتروني على أي من النطاقات على الشبكة ، إلا أنه أصبح مبحرا ماهرا رغم حداثة عهده بالشبكة . فهو حريص على متابعة المستجدات والإخبار ودائم التصفح ، لذلك تجده دائما مصدر نقاش ساخر بين الأصدقاء حين يقدم مبكرا للمقهى مستمتعا بقهوته ويستغل فراغها من المبحرين ليستحوذ على أكبر نسبة صبيب من الويفي ..».
بين الواقع والافتراض
اختراع الويفي وتطويره جاء لخدمة الاتصالات في داخل شبكة العمل المحلية LAN يقول أحد المهندسين المتخصصين في مجال الاتصال ، ولكن بدون استخدام أسلاك، مضيفا أن في بداية الأمر ، كان الهدف منها هو خدمة أجهزة الحاسوب الشخصي المحمول، ولكن ، وبالتطور السريع لهذه التقنية، أصبحت تخدم متصفحي شبكة الإنترنت العالمية وخاصة في المقاهي والمطاعم والفنادق والمطارات والبنوك. كما أنها أصبحت تلعب دوراً مهماً في تقنية الصوت عبر الشبكة VoIP، وتؤدي خدمة كبيرة الآن في أماكن حساسة كردهات المستشفيات والمواقع الأمنية بجل الدول المتقدمة ،بحيث يتمكن الطبيب أو رجل الأمن من الدخول على تطبيقات معينة لخدمة المرضى أو التعرف على هوية أشخاص غير مرغوب فيهم من دخول أماكن حساسة وغيرها.»
بالعاصمة العلمية فاس هناك المئات من الشركات والفضاءات الخدماتية، مقاهي، مطاعم ، والمحلات التجارية الكبرى توفر خدمة إنترنت مجانية عبر الويفي لزبنائها ، ويقدم الخبراء والتقنيون أفضل خمس تطبيقات في نظام الأندرويد للمساعدة على معرفة كلمة مرور شبكات الويفي ، التي يمكن للراغبين في استخدامها العثور على كلمة السر واي فاي، أثناء تنقلهم ويستفيدون من خدمات الشبكة دون علم صاحبها.
أمر مدهش حقا .. تقول شابة في حوالي العقد الثاني ، لقد تمكن « الويفي « بمعظم مقاهي العاصمة العلمية، من تخفيض درجة التحرش الجنسي بالفتيات بالشارع العام إلى النصف ، تفتل شعرها إلى الخلف بدلال ، وتضيف « لاحظ كيف يدفن هؤلاء الشباب رؤوسهم في تلك الأسوار الإسمنتية السيليكونية بدل تركيزها على أجسادنا نحن الفتيات. الواقع أننا أصبحنا نحن اللواتي نتحرش بهم « لكن أحد زملا ء سعيد سيسجل أنه لم يعد يتلصص على زميلة له خلال فترات دخولها أو خروجها من منزلها صوب الثانوية ، لقد فضل الدردشة معها عبر الواتساب بعد أن عبأ حوالي10 دراهم لهذا الغرض ، ويضيف متسائلا ما العمل ياسعيد بعد أن تم الاستغناء عن هذه الخدمات المجانية لهذه المواقع التواصلية من قبل الفاعلين الاجتماعيين ؟
ويضيف معلقا « من الشارع للواتساب، ومن الوات ساب عاوتني « ليظل الشغب هوهو «وفي هذا الصدد يوضح الأستاذ «ح ت» أن فعل التحرش لم ينتف ولم يختف ، وإنما أخذ اشكالا جديدة في البروز تتماشى وسرعة الوقت والتحولات العولمية الطارئة ، ويختم صديقه ساخرا» إن التحرش انتقل من الشارع إلى العالم الافتراضي ... لا فرق مرجحا كفة ظنه .إنها مسألة تربية و قناعات....لنفترض أن الويفي انقطع...هل ستعود حليمة لعادتها القديمة....؟
« الحمد لله ، تقول أمال بن دحو من كندا «الويفي قام بتربية بعض الناس « لكنها ستستقبل رأيا مخالفا لها من زميلة لها بالمغرب حيث ترد «لم يقم بتربيتهم، بل فقط نقلهم إلى عالم افتراضي بعيدا عن الأعين».
جلس إبراهيم للحظات ثم قام مستاء وحزينا للغاية « فكرون هذا ماشي الأنترنيت « يحدث ذلك على الرغم من أنه مجرد زبون ولا يؤدي فاتورة الارتباط على الشبكة .
إلى ذلك ، وارتباطا بالتطور المارد لتكنولوجيا الاتصال، يتحدث الخبراء اليوم عن ثورة تكنولوجية جديدة في الأفق ، حيث تم الاعلان عن تطور تكنولوجي جديد بعد اختراع «LI-FI»، وهي التكنولوجية اللاسلكية الأكثر سرعة من WI-FI، والتي تقوم بنقل البيانات بسرعة عالية تصل إلى 1 «جيكابايت»، في التجارب التي تم إجراؤها.
وبحسب ما نشره الموقع البريطاني «تيليغراف»، فإن تقنية «LI-FI» أكثر سرعة ب 100 مرة بالمقارنة مع تكنولوجية «WI-FI»، ما يمكن من تنزيل أفلام عالية الجودة في ثوان معدودة، وذلك باختراع من الشركة الإستونية «فيلميني»، التي قامت بتجريب هذه التقنية في المختبرات والمكاتب والبيئات الصناعية في منطقة تالين بإستونيا، وتبين بأنها تستطيع الوصول إلى سرعة واحد «جيكابايت».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.