كلما عاشت دولة أوربية أحداث شغب في الشارع العام، أو تم تفكيك شبكة إجرامية في مجال ترويج المخدرات أساسا، أو قام متطرفون باسم الإسلام بعمليات إرهابية، إلا وبرزت أسماء متهمين من أصول مغربية ضمن لوائح المتهمين.إلى جانب هذه الصورة السلبية، ثمة مغاربة ولدوا في الوطن الأصل قبل الهجرة إلى أوربا، أو ازدادوا في بلاد المهجر بعد استقرار آبائهم أو أجدادهم هناك، يقدمون كل يوم صورة مغايرة، مشعة، ملامحها أن النجاح ممكن مغربي في أوربا.ضمن كوكبة مسارات المغاربة الفاعلين في الشأن العام الأوربي انطلاقا من صفوفه الأمامية، تحتل النساء المغربيات، مسقط رأس أو جذورا، مكانة مرموقة. مكذبات بذلك الصورة النمطية السائدة عنهن ليس غربيا فقط، بل ووسط مغاربة المغرب والمهجر أيضا، باعتبارهن مجرد كومبارس للجالية المغربية الذكورية في العالم.آخر من وضعت مسمارا إضافيا في نعش الأكذوبة السالفة الذكر التي تغذيها أنساق فكرية معينة، تمتح أحيانا من نظرة جوانية منغلقة للتقاليد والمعتقدات المغربية، وأحيانا أخرى من بقايا المقاربات الاستشراقية المنبهرة بغرائبية الأهالي فقط، تختزل الشرق (ومنه المغرب) في عجائبيته مقارنة مع نمط العيش الأوربي، أو من احتقار عنصري براني للآخر باعتباره غير قابل لتمثل القيم الحضارية ذات المنبع المسيحي- اليهودي المزعوم، آخر من دقت مسمارا في النعش هذا خديجة عريب، سليلة تربة الشاوية، وبالضبط إقليمسطات، وهي تتربع على عرش الغرفة الأولى للبرلمان الهولندي.وصفة نجاح الرئيسة المغربية الجديدة لمجلس النواب الهولندي لا تمت لوصفات المغربيات السحرية العتيقة بصلة التي يعتقد البعض أن مغربيات اليوم مدمنات عليها لا تزلن، ولا هي نتيجة لتعويذات فقيه هدفها «القبول» كما يخال ذلك من به عور يجعل المرأة مجرد عورة شيطانية الطقوس، بل هي وصفة مكوناتها المسارات الدراسية والأكاديمية والجمعوية والسياسية المكللة بالتفوق.وهي وصفة ذات توابل مشتركة مع المغربيات الأخريات اللواتي تسلقن سلم المسؤوليات المحلية والوطنية في أوربا، أو تبوأن مراكز أساسية في الحقل الأكاديمي وبعض الحقول المهنية والجمعوية الأخرى.بعضهن تعرضن بكل تأكيد لتجارب فاشلة قبل النجاح، لأن طريق الأخير ليست معبدة بالورود، وحتى إن كانت كذلك، فوردها يزخر بالشوك، لكنهن أعملن جميعهن ربما مقولة وزيرة التربية الوطنية الحالية في فرنسا، الريفية نجاة بلقاسم حين صرحت: ««ليس عيبا أن نفشل طالما أننا نستمر في المحاولة. لقد كانت أمي دائما تقول لي: لا تقلقي، إن بالحياة خيالا وأحلاما أكبر مما تتصورين». في هولندا إذن، وفي فرنسا وبلجيكا أيضا، تسللت مغربيات بفضل وصفة النجاح المومأ لها أعلاه إلى مناصب المسؤولية الجماعية والبرلمانية والحكومية، مخلصات نوعهن من صورة الجدة الأمية الصالحة للطبخ والإنجاب وإسعاد الزوج والأسرة فحسب، ومن صورة الأم الخانعة الخاضعة للسلطة الذكورية المطلقة، معلنات على رؤوس الأشهاد، لمواطنيهم في بلد الاستقبال مثلما في البلد الأصل، عن قطيعتهن مع «الحريم»، حريم مغرب عتيق قضى، وحريم مغاربة ما زالوا يعتقدون أن عجلة التاريخ متوقفة لا تبرح مكانها منذ 14 قرنا.