مازالت تداعيات تنقيل السوق المركزي ببني مكادة المعروف باسم سوق الشعيري «البلاصا» إلى مكان آخر مستمرة، بعد أن شهد الملف تطورات نتج عنها لجوء التجار بصفة جماعية إلى المحكمة الإدارية بالرباط بعد عدم توصلهم ، سواء مع الجماعة الحضرية أو السلطات المحلية، إلى أي اتفاق بغية إلغاء قرار إداري يرمي إلى إفراغ السوق، وقعه عمدة المدينة ووالي الجهة، وجهوه بصفة فردية إلى كل تاجر على حدة والبالغ عددهم 154 . تعود أطوار القضية ، عندما أصدرت السلطات المحلية في شخص محمد اليعقوبي والي ولاية جهة طنجة ومحمد البشير العبدلاوي رئيس المجلس الجماعي عن حزب العدالة والتنمية، بتاريخ 15 دجنبر 2015، قرار هدم السوق المركزي وترحيل التجار الذين يستغلونه منذ سنين بعقود كراء تربطهم مع الجماعة الحضرية، مع تحديد أجل 48 ساعة للإفراغ من تاريخ التوصل بالقرار. واستند الموقعون على القرار، على محضر المعاينة التقنية للجنة المحلية المختلطة بتاريخ 18 أكتوبر 2015 ، والذي أشار إلى عناصر تهم «استتباب المرور والمحافظة على الصحة العمومية» . دعوى إلغاء القرار الإداري التي رفعها التجار بواسطة محاميين ضد كل من عمدة المدينة، والي الجهة، وزير الداخلية والدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة، أشارت إلى أن «قرار الترحيل ينعدم فيه التعليل ويشكل تجاوزا في استعمال السلطة، حيث أن محضر المعاينة التقنية للجنة المحلية المختلطة لم يتضمن السبب المؤسس عليه القرار، ولم يبين الأخطار الصحية للسوق في النقطة المتعلقة بالمحافظة على الصحة العمومية التي ارتكز عليها. الدعوى القضائية، التي رفعها التجار، ذهبت بعيدا حين أشارت إلى عدم اختصاص رئيس الجماعة الحضرية بطنجة في إصدار قرار الإفراغ، إذ يتطلب الأمر قرارا من المجلس الجماعي وأن دوره يتمثل فقط في التنفيذ لا غير . وعلاقة بالموضوع، أكد مصطفى عبد الغفور رئيس رابطة تجار السوق المركزي بني مكادة ورئيس المكتب الجهوي للفضاء المغربي للمهنيين في تصريح خص به جريدة الاتحاد الإشتراكي، «أن العلاقة التي تربط التجار مع الجماعة الحضرية بصفتها صاحبة السوق، هي علاقة سليمة قانونيا وجبائيا، وأن إصدار قرارات من قبيل الإفراغ هي قرارات جد متسرعة، وإن كانت الأهداف نبيلة في شقها المتعلق بإحداث مستشفى مكان السوق» . وأضاف المتحدث، «أن القضية لها علاقة بالسوق النموذجي بئر الشعيري الذي تم إنجازه في إطار مشاريع طنجة الكبرى من أجل احتواء الباعة المتجولين أو ما يطلق عليهم "الفراشة"، إلا أن هذه الفئة رفضت الالتحاق بالسوق النموذجي وتسلم المفاتيح باعتبار أن السوق بعيد ومهمش وسينتج عنه ضعف الرواج الاقتصادي»، واشترطوا إلحاق السوق المركزي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لأسباب أخرى مرتبطة بالبعد الأمني وبالتشنجات الاجتماعية التي تحدث في تلك المنطقة من حين إلى آخر ، كل هذه الأسباب وأخرى، يؤكد المتحدث، دفعت بالسلطات المحلية إلى إصدار قرار بإفراغ السوق المركزي، وختم بقوله إن "الفراشة لهم حماية وامتيازات أفضل من التجار الذين هم في وضعية قانونية جد سليمة". من جهتها، أكدت رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين بجهة طنجة – تطوان في بيان لها بالمناسبة، أن هناك قلقا وخوفا من المجهول في صفوف التجار بعد غياب الضمانات لمستقبلهم المهني، وأن «المحور الخامس من مشروع طنجة الكبرى، المخصص للشق الاقتصادي لم يتضمن السوق المركزي لبئر الشعيري «البلاصا»، مما جعل المهتمين بالإنزال السليم لمقتضيات المشروع يفاجأون بإقحام السوق». هذا وقد طالبت الرابطة، من خلال نفس البيان، «بمراعاة الحالة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للتجار وعائلاتهم عبر خلق بديل فوري، باعتبار أن السوق يشكل مصدر قوتهم اليومي مند ثلاثة عقود من الزمن، مع الأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية للساكنة بالمنطقة وأهمية أسواق القرب بالنسبة لها». معنيون بالملف أجمعوا في تصريحات لجريدة الاتحاد الاشتراكي، على كون «أن القضية تشوبها العديد من الاستفهامات. أولها أن حزب العدالة والتنمية الذي يملك أغلبية مريحة في جميع المقاطعات وبالمجلس الجماعي، لا يملك رؤية واضحة لحل هذا المشكل»، متسائلين «هل الأمر يتعلق بخلاف نشب بين أجنحة الحزب على المستوى المحلي، أم هو فقط تبادل للأدوار ، حيث تم توقيع قرار الإفراغ بيد وكتابة عرائض الاحتجاج على نفس القرار باليد الأخرى» . «ثانيا ، وحسب نفس المصرحين، تساءلوا عن السر من وراء اتخاذ موقف المتفرج من طرف مؤسسات معنية بالدرجة الأولى بالموضوع، ويتعلق الأمر بكل من مقاطعة السواني التابع لها ترابيا السوق المركزي، وغرفة التجارة والصناعة والخدمات بولاية طنجة». ويذكر أن التجار نظموا وقفات احتجاجية، أمام قصر البلدية وأمام مقر المجلس الجهوي لجهة طنجة – تطوان-الحسيمة، وراسلوا العديد من الجهات المسؤولة والمعنية، كما رفعوا تظلما لأعلى سلطة في البلاد مطالبين بتحكيم ملكي في الموضوع، وهذه المبادرة قد تعيد فتح باب المفاوضات من جديد في الأيام المقبلة. خاصة أنه يلاحظ، رغم ما حمله الدستور الجديد من تقليص لسلطات الوصاية لفائدة الجماعات الترابية، إلا أن هذه الأخيرة بطنجة تتنازل عن حقها في تسيير الشأن العام المحلي جملة وتفصيلا لفائدة ممثل سلطة الوصاية، الذي يقترح الحلول ويعقد الاجتماعات التفاوضية مع المتضررين.