طالب عدد من الأساتذة المتدربين الذين تعرضوا لحملة قمعية شرسة يوم أمس بعدد من المدن المغربية خلال مسيرات سلمية حضارية، رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران بتقديم استقالته نظرا لهول الفضيحة التي وقعت في الشارع العام. وتعرض الأساتذة المتدربون لحملة عنف وقمع من قبل القوات الأمنية، خلال المسيرات التي نظمها الأساتذة المتدربون بعدد من المدن المغربية، يوم الخميس، في الوقت الذي كان ينتظر فيه من الحكومة أن تفتح باب الحوار في وجه أساتذة المستقبل. ونتج عن هذه التدخلات الأمنية العنيفة في حق مسيرات كل من مراكش، والدار البيضاء، وإنزكان، ووجدة، وفاس، وطنجة، عشرات الإصابات، بعضها خطير، زيادة على اعتقالات وإغماءات، ما خلق فوضى عارمة في الشارع العام وتجمهر المارة حول المصابين، مع إنزال كثيف للعناصر الأمنية بأطياف متعددة، نُقل بعدها الجرحى والمصابون في صفوف الذكور والإناث إلى المستشفى لتلقي العلاجات. ووصف أحد الأساتذة المتدربون ذلك اليوم الذي تظاهر فيه الأساتذة بشكل حضاري وسلمي "بالخميس الدموي"، نظرا لأن دماء الأساتذة المتدربين قد غمرت ساحات الاحتجاج بفعل سياسة الزرواطة التي نهجتها الحكومة في حق الأساتذة الذين سيربون أجيال الغد بالمغرب. وتساءل بعض هؤلاء الأساتذة في تصريحات لهم لجريدة "الاتحاد الاشتراكي" عن صمت الجميع أمام هذا التعنيف الذي لا يتماشى مع المقتضيات الدستورية التي تنص على السلامة الصحية للمواطن المغربي. وأضاف هؤلاء في ذات السياق، "أينهم الوزراء الذين كانوا دوما يلحون بتقديم استقالاتهم لأسباب تافهة، ولم نشهد أي استقالة تذكر؟ ألا يستحق ما وقع أن يقدم رئيس الحكومة استقالته من منصبه؟ أليس هناك وزير له هذه الجرأة و الشجاعة ليقدم استقالته احتجاجا على ما وقع في هذا الخميس الدموي؟" ويذكر أن الأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بالمغرب، يطالبون بإلغاء مرسومين وزاريين أثارا الكثير من الجدل وتسببا في مقاطعة الدروس النظرية و التداريب التطبيقية وتم تهديدهم بسنة بيضاء، وقد نظم هؤلاء، العديد من الاحتجاجات السلمية لإثارة الانتباه لكن الحكومة نهجت تجاه هذا الملف سياسة الآذان الصماء والهروب إلى الأمام. تدخل أمني شرس بإنزكَان يسفر عن إصابات وإغماءات في صفوف الأساتذة المتدربين. وكان لإنزكان نصيب الأسد من القمع الذي طال الأساتذة المتدربين، حيث واجهت السلطات هذه المسيرة بجحافل من مختلف قوات الأمن المشكّلة من عناصر الأمن الوطني وقوات التدخل السريع والقوات المساعدة وأعوان السلطة وغيرها من القوات التي كانت مدججة بخوذاتها وعصيها وهراواتها وأحزمتها. وكان المشهد مرعبا حين طاردت هذه القوات المحتجين وأنزلت بقساوة ضربات متتالية وعشوائية على أجساد المنددين بالمرسومين الوزاريين الراميين إلى فصل التكوين عن التوظيف، وتقليص منحة الطلبة الأساتذة. وأسفرت هذه التدخلات العنيفة التي نفذت بخشونة عن إغماءات كثيرة في صفوف المحتجين وأزيد من مئة إصابة طالت الرؤوس والعيون والوجوه ،حسب ما استقرت عليه هراوات قوات الأمن،مما استدعى نقل المصابين إلى المستشفى الإقليمي بإنزكان والمستشفى الجهوي بأكَادير. وقد نال الأساتذة المتدربون الذين لا يملكون إلا وزرة بيضاء ومحفظة بداخلها كتب وأقلام عنفا قاسيا من خلال الهجوم عليهم بالعصي والهراوات، وتسديد ركلات مباشرة بالأقدام إلى المناطق الحساسة بالجسم، وأخرى فوق الحزام زيادة على الصفع والسب والشتم في حق أساتذة المستقبل الذين ،للأسف، سيدرسون غدا ويربون أبناء المعنِّفين. كما سُجلت أغلب الإصابات في صفوف الأستاذات المتدربات اللواتي نلن النصيب الأوفر من هذا العنف من خلال تلقيهن لضربات متتالية على مستوى الرأس والوجه والبطن. ومهما كانت المبررات التي اعتمدتها قوات الأمن والسلطات العمومية لمنع مسيرة احتجاجية كان من المقرر تنظيمها من طرف المحتجين ضد القرارين الوزاريين بشأن فصل التكوين عن التوظيف،فإن الطريقة التي استعملت لتنفيذ التعليمات ومنع المسيرة كانت مبالغ فيها،إلى درجة أن قوات الأمن لم تكتف بثني تقدم المسيرة، بل طاردت المحتجين والمحتجات حتى داخل الحرم التربوي و اقتحمت المركزالجهوي التربوي لاقتناص ضربة أو ضربتين فوق ظهر أو رأس الأساتذة المتدربين، وإلحاق أضرار جسدية في صفوفهم. وجوهر المشكل في هذين المرسومين موضوع الاحتجاج أن الأول ألغى التعيين المباشر لهؤلاء الأساتذة بعد سنة من التأهيل بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، وألزمهم باجتياز مباراة التوظيف حسب عدد المناصب المفتوحة من قبل وزار التربية والتكوين خلال تلك السنة، ما يفيد تزايد البطالة في صفوفهم بعد الإجازة وبعد سنة من التأهيل بهذه المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. أما الثاني فقد نص على تقليص منحتهم الشهرية أثناء التكوين من 2450درهما إلى 1200 درهم وهذا يعد مسا أخر بمكتسباتهم.