اعتبر فتح الله ولعلو أن ما حدث في تونس يعتبر بالدرجة الأولى حركة رفض لنظام سياسي معين، ورفض لجشع اقتصادي يمارسه أفراد الأسرة الحاكمة. وأوضح عمدة مدينة الرباط، في كلمة ألقاها يوم الأربعاء الماضي في ختام أشغال منتدى باريس بالدار البيضاء حول «تأمين التنمية»، أن تلك الحركة الاحتجاجية في تونس كانت تعبر عن غضبها من تردي الأوضاع الاجتماعية، حيث كانت الانطلاقة من منطقة سيدي بوزيد، قبل أن يتطور الوضع إلى تعبير عن الاستياء من تردي الأوضاع السياسية أيضا، فكانت تلك الحركة تعبيرا عن التطلعات الكبرى للشعب التونسي من أجل التغيير. ولقد عكست الأحداث التي شهدتها شوارع تونس، يضيف ولعلو، محدودية النموذج التنموي الذي كان معتمدا في ذلك البلد المغاربي، حيث إن الضرورة تفرض انفتاح اقتصاد هذا البلد المنعزل على محيطه وعلى أوربا، حيث أضحت الشراكة مع أوربا ثنائية، وليست إقليمية. وفي هذا الاتجاه، أوضح ولعلو أن الأزمة وحالة الركود الاقتصادي التي عرفتها أوربا ساهمت في ضعف الاقتصاد التونسي، سيما في ما يتعلق بقطاعات التصدير، السياحة وتحويلات المهاجرين، كما أن غياب سوق داخلية موسعة ساهم في تعميق الأزمة، مما أثر سلبا على باقي قطاعات الدولة. وأكد ولعلو أن المرحلة التي تمر بها المنطقة بالغة الأهمية، ويتعين تحليلها بكل دقة من أجل استخلاص الدروس، دون إغفال خصوصيات كل بلد على حدة، مرحلة ذات دلالات عميقة يقودها شباب حداثي يطالب بالتغيير والقطيعة مع الماضي، مرحلة تمثلها حركة تنادي بكرامة المواطن، وتقف في وجه القمع والحزب الواحد والإعلام الواحد ولا تقبل باقتصاد الريع وترفض الإقصاء الاجتماعي، ولا تريد الخلط بين ما هو سياسي وما هو ديني. إنها حركة شبابية تنادي بالمزيد من الديمقراطية والتعددية. وهذا ما يفرض ، يقول ولعلو، ضرورة التعبير عن التضامن مع تلك المطالب الداعية إلى التغيير والإصلاح والتحديث، والمساهمة في خلق ثقافة تعددية منظمة وحديثة، وينبغي على قوى البلد تقديم الدعم الكافي للتونسيين من أجل مواصلة مسيرة النهوض بالديمقرطية. ومن الدروس التي ينبغي استخلاصها مما حدث في تونس، ولا يزال يحدث في مصر، هناك ضرورة وضع حد لكل الانتهاكات، وإعادة تأهيل المجال السياسي، بما في ذلك الأحزاب السياسية، تشجيع المشاريع ذات الطبيعة الثقافية، مباشرة إصلاحات من الجيل الثاني، بعد تلك التي تم اعتمادها متم سنوات التسعينات والعقد الأخير، إلى جانب إعادة الروح في الحكامة الاقتصادية، وخوض معركة ضد الإقصاء الاجتماعي.