ودعت الحركة الجمعوية بالمغرب ، ومعها شرفاء هذا الوطن ، مابين المؤتمرين 21 و 22 سي الطيبي بن عمر الرئيس المؤسس إلى دار البقاء، لكنه سيبقى في قلوب الأجيال بما تركه من تراث أخلاقي وعمل جمعوي ملتزم بالتطوع وخدمة الوطن، وهو الذي استطاع ان يعيد للعمل التطوعي رمزيته القوية وللعمل الجمعوي التزامه المستمر ، وقدم حياته للعملية التربوية ولم يعش لنفسه أبدا ، بل للطفولة والشباب . إنه سجل مضيء في ذاكرة النضال التربوي ، ونذر حياته للنضال من أجل الحقوق المشروعة للطفولة المغربية وطنيا ودوليا . فقد عاش في حياته مثالا للالتزام التربوي والأخلاقي، ومثالا لتجديد الأفكار والممارسات التربوية ، وتوسيع آفاق العمل التطوعي داخل المجتمع المغربي . كما تميز الأستاذ الطيبي بنعمر بقدرته الفائقة على تجاوز كل الأزمات التي عاشها الوطن ، و كل التأثيرات الخارجية على الفعل الجمعوي، وأسهم في توسيع دائرة المهتمين بالعمل الهادف لصالح الطفولة والشباب . لقد كان المرحوم بحق ركنا رئيسيا في المعادلة الجمعوية ، ومنبعا للتوجيه والرأي في العمل التربوي، متميزا بالواقعية والعقلانية ، بعيدا عن المجادلة واللامسؤولية . وبأسلوبه هذا أفرز مدرسة لتكوين المواطن الصالح أساسها الالتزام بالمواقف الثابتة ، وهو ما تجلى في عدد من الأطر والكوادر المسؤولة اليوم في عدة مؤسسات خدمة لهذا الوطن ، معترفة بفضل هذا الرجل الملتزم، الذي سيبقى أستاذا ومناضلا يستحق الإجلال والإكبار بفضل حنكته وتكوينه والتشبث بأفكاره ومبادئه ، كما كان رجل التراضي والإنصات ولم يفقد يوما حيوية التواصل الأخلاقي والعاطفي والعملي مع أبناء حركة الطفولة الشعبية . لقد كان المرحوم رجل التربية والرياضيات بامتياز بعد الشهيد المهدي بن بركة، رفيق دربه النضالي، وظل يعمل في صمت بعيدا عن البهرجة بكل أشكالها وعن الانتهازية بكل مواصفاتها . رجل عاهد الله والوطن على العمل بكل تفان وإخلاص وواكب مختلف المراحل التي مر بها النظام التربوي ببلادنا، وأسس للفعل التنشيطي والتربوي والحقوقي والترفيهي وطنيا ودوليا . وبمناسبة انعقاد المؤتمر الوطني 22 ، الذي يتزامن والذكرى 60 لحركة الطفولة الشعبية، سيظل سي الطيبي بنعمر الرئيس المؤسس، نبراسا لنا ولكل الأجيال التي عاش معها والآتية على نفس الدرب، وسيظل منارة مشعة في التربية الشعبية، وسيظل فقيها في مدرسة بناء الوطن والإخلاص للوطن، ومرجعا للعمل الجاد والولع بحب الشعب والتفاني في عشقه. عهدا لك سي الطيبي أنك باق في قلوبنا وفي عقولنا، و لنا في المستقبل أمل دائم . وعهدا لك أننا على درب خدمة الأطفال والشباب، أمل وعماد والاستثمار الأفضل في المستقبل سائرون ، وكما علمتنا بأن الولع يقتضي وجود اعتقاد شخصي وشعور داخلي بالحق عند عمله ، و الذي يتمكن من التبليغ الى الآخرين ما يعتقده بواسطة التفسير والمثال . والإيمان يبرهن عن عدالة القضية التي يدافع عنها وينشرها وعن انتصارها المحقق. وأن المواطن النشيط يبتكر ويحقق أكبر المشاريع . رحم الله فقيدنا الفقيه سي الطيبي بن عمر، وعاشت حركة الطفولة الشعبية قوية بمبادئها ومتجذرة في خيارات الشعب المغربي التواق إلى الانعتاق والتطور .