يبدو أن لهيب احتجاجات الأساتذة المتدربين لن تخمد, وقد تعصف بسنة بيضاء في المراكز الجهوية للتكوين ,أمام تجاهل وزارة بلمختار لمطالبهم, وردود رئيس الحكومة الشعبوية الحبلى بأساليب التهكم التي تستفز مشاعرأساتذة الغد المطالبين بالحق في التكوين والتوظيف وخدمة المدرسة المغربية التي تعاني الخصاص في الموارد البشرية. لم يشهد تارخ المغرب السياسي اضمحلالا في الخطاب السياسي المستفز لمشاعر المواطنين كالخطاب الذي يتبناه بنكيران, و الذي يفتقر للديبلوماسية والحس السياسي في التعامل مع القضايا الكبرى للوطن,بل يساهم في تأجيج مظاهر الاحتقان في الشارع المغربي. ففي جواب له عن تساؤلات شباب حزبه عن مصير الأساتذة المتدربين قال بنكيران»أطلبوا منهم العودة إلى مراكز التدريب ومتابعة دراستهم.. فعموم الأساتذة لن يفقدوا التدريب، بل سيفقدون وظائفهم". وتأتي تحذيرات بنكيران للأساتذة المتدربين من فقدان وظائفهم، عقب مشاروات بينه وبين رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني حول الإعلان عن سنة بيضاء في مراكز التكوين. حيث طلب بنكيران من وزيره في التربية الوطنية,حسب أحد المصادر, التريث قبل الإعلان عن سنة بيضاء حتى دراسة تبعات هذا القرار . تهديد رئيس الحكومة هذا ,أثار موجة استياء لدى الأساتذة المتدربين ,حيث أعلن المنسق الإعلامي ل»التنسيقة الوطنية للأساتذة المتدربين بالمغرب»، سفيان إعزوزن « نقول لبنكيران عوض أن يقوم بخرجاته الشعبوية المفرطة، عليه أن ينفتح على الحوار الجاد والمسؤول مع فئة الأساتذة المتدربين وأن يستمع لصوت الشارع الذي يناديه بالاستماع للمطالب المشروعة للأساتذة التي كانت واضحة منذ اليوم الأول.فإذا كان يهددنا بسنة بيضاء فنحن سنعلنها سنة سوداء بالنضال من أجل الوظيفة العمومية والتعليم العمومي, ومستعدون لكل التضحيات من أجل هذه الرسالة النبيلة». سياسة شد الحبل هاته التي تنهجها الحكومة مع ملف الأساتذة المتدربين, والتي ترخي بظلال الأزمة على قطاع يشهد ترهلات على كل المستويات, أدت إلى مقاطعة للدروس النظرية لثلاثة أشهر مصحوبة باحتجاجات على الصعيد الوطني عبر جميع المراكز الجهوية للتدريب, تخللتها عمليات عنف ضد المحتجين والمحتجات من طرف قوات الأمن , فقد شهدت جل المسيرات عبر ربوع الوطن تدخلات قمعية عنيفة نتجت عنها حالات عديدة من الاغماءات و الكسور و الجروح. و هي الاحتجاجات التي تكثلت في مسيرة الرباط التي احتشد فيها ما يناهز 20 ألف أستاذ متدرب حضروا من كل مناطق المغرب و تخللها تدخل أمني قوي.اندهش له الأساتذة المتدربون وكذا الرأي العام الوطني عبر المواقع الاجتماعية ,الذين أدانوا هذه التدخلات العنيفة القمعية في حق المسيرات السلمية . ونددت مجموعة من الجمعيات الحقوقية والنقابات بالقمع الشديد الذي تعرض له أساتذة الغد, كما أدانت بيانات نقابات التعليم في كل مناطق المغرب بشدة ما يتعرض له الطلبة , وأعلنت استيائها للطرق التي يتعامل بها المخزن مع الاحتجاجات السلمية,معلنين دعمهم اللامشروط مع مطالبهم ,مما دفع بعدد من نساء ورجال التعليم بإعلان نداء على مواقع التواصل الاجتماعي , يدعون فيه بعضهم البعض لحمل الشارة الحمراء تعبيرا عن تضامنهم مع الاساتذة المتدربين المطالبين بإسقاط مرسوم الحكومة القاضي بمنع خريجي المراكز الجهوية من التوظيف المباشر، و تنظيم مباراة لفائدة المرشحين الحاصلين على شهادة التأهيل التربوي للتعليم الأولي والتعليم الابتدائي، وشهادة التأهيل التربوي للتعليم الثانوي الإعدادي، وشهادة التأهيل التربوي للتعليم الثانوي التأهيلي، المسلمة من المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين».حتى يصبح الولوج إلى مراكز التكوين لا يعني بالضرورة الادماج في أسلاك الوظيفة العمومية. وحسب ما يبدو من مؤشرات ,فإن حكومة بنكيران حسمت في قرار فصل التكوين عن التوظيف وأصبح الإعلان عن سنة بيضاء وشيكا في مراكز التكوين الجهوية, في حالة عدم فض الاساتذة المتدربين لاحتجاجاتهم وعودتهم للدراسة كما طالبهم بذلك بنكيران , الذي قد يفهم من كلامه خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب عن الأساتذة المتدربين، «أنا متعاطف معهم، لكن عليهم أن يعودوا لدراستهم، لأنهم سيضيّعون على أنفسهم سنة من التكوين ووظائفهم»، ما يعني أن قرار عدم التراجع عن فصل التكوين عن التوظيف جاهز ,وما يجهزه الأساتذة المتدربون للرد على القرار نافذ , فكيف ستمر هذه المسألة؟؟ . يذكر أن إصدار الحكومة لمرسومين حول فصل التكوين عن التوظيف، والخفض من قيمة المنحة المقدمة لطلبة المراكز الجهوية لمهن التربية والتعليم، أثار جدلا في أوساط الأساتذة المتدربين، الذين خرجوا إلى الشارع، وقاطعو الدروس للتعبير عن احتجاجهم، بينما أعلنت الحكومة غير ما مرة عن تشبثها بهذين النصين، دون استبعاد عدة مصادر لفرضية إعلان سنة بيضاء في بعض المراكز