بمصادقة مجلس النواب على مقترح قانون، يهدف إلى تمديد فترة إثبات الزوجية لخمس سنوات إضافية جديدة، يكون قد فتح الباب على مصراعيه لاستمرار ظاهرة زواج القاصرات. هذا الإجراء التشريعي رفضه الفريق الاشتراكي، مسجلا أن استمرار وتوسيع زواج «الفاتحة» على نطاق واسع، يعاكس روح الفقرة الأولى من مدونة الأسرة التي اعتبرت أن أصل إثبات العلاقة الزوجية هو عقد الزواج المكتوب لأجل القضاء على ظاهرة زواج القاصرات، لكنه وفي المقابل صوتت له فرق من الأغلبية وتم تعبيد الطريق أمام تمديد جديد «لقبول دعاوى ثبوت زواج الفاتحة». هو تمديد له تداعيات اجتماعية ثقيلة، باعتبار أنه يهم نواة تشكل المجتمع الكبير، المتمثلة في الأسرة ، يكشف عنه في عز «الحملات المناهضة للعنف الممارس تجاه المرأة « بكافة تمظهراته ! تمديد يأتي في الوقت الذي كشف فيه تقرير لمؤسسة إيطو «لإيواء وإعادة تأهيل النساء ضحايا العنف عن أرقام تترجم نتائج بحث ميداني شمل ساكنة مداشر و دواوير تتموقع بكل من تنغير وزاكورة أنجز خلال الصيف الماضي، تفيد بأن 61 في المئة من الزيجات المؤسسة على «الفاتحة « تهم القاصرات بإقليم زاكورة وأن ما يناهز 91 في المائة من الزيجات في قرى الأطلسين الكبير والمتوسط غير موثقة لدى الجهات الرسمية وتتم تحت مظلة «الفاتحة « ومن ضمنها نسبة 52 في المائة تخص زواج القاصرات . كما أنها في معظمها «زيجات إجبارية وعرفية» تشمل « القديمة منها ، والأخرى التي سجلت بعد صدور مدونة الأسرة عام 2004! معطيات رقمية - وغيرها كثير- يبدو أن ما تحبل به من دلالات ورسائل عميقة ، لم تر فيها الأغلبية البرلمانية التي صوتت للتمديد ما يستحق القراءة المتأنية واستخلاص العبر اللازمة، بعيدا عن الحسابات العددية بين الأغلبية والمعارضة، ففضلوا الانتصار ل»العرف « على حساب التوثيق القانوني السليم الحافظ لحقوق الفرد والجماعة والذي يقطع الطريق على زواج بطعم الاغتصاب ! موقف يجعل المتتبع يتساءل : هل التمديد الجديد بمثابة إعلان عن فشل الحملة الرسمية، المنطلقة منذ سنوات، من أجل توثيق عقود الزواج، علما بأن وزارة العدل والحريات كانت قد حددت الأسبوع الأول من شهر فبراير 2014 كآخر أجل لتسجيل عقود ثبوت الزوجية ؟ سيل الأسئلة المتبادرة إلى الذهن يكاد لا ينقطع استحضارا لصرخات عديدة لقاصرات زوجن بالفاتحة ، وجدن أنفسهن على حين غرة، في وضعية «المتخلى عنهن»، ضمنهن الحامل، والمرضع، والأم للتوأم، زوج اختفى دون أن يترك أثرا، وأهل يرفضون تحمل مسؤولية « فعل « ابنهم، وآباء وأمهات يغلقون «باب العودة « في وجه فلذات كبدهم، هم الذين قرروا يوما في مصيرهن دون أخذ موافقتهن، استسلاما لضغط العسر والحاجة والعوز، والمبررات ذاتها تسيج موقفهم «القاسي» الجديد . بكلمة واحدة ، وبعيدا عن أي قراءة تأويلية تعسفية تلتف على مرارة الواقع، ألا يشكل هذا التمديد بمثابة «الضوء الأخضر» لتأبيد «زواج الفاتحة «ومؤشرا على الطابع الرجعي للحكومة الحالية والتي تضرب عرض الحائط متطلبات الزمن الديمقراطي الذي يعيشه العالم والمرتكز على احترام حقوق الفرد مهما كان عمره وانتماؤه الاجتماعي. ألا تدرك الحكومة وأغلبيتها أن هذا التمديد فيه تشويه لصورة المغرب الذي التزم بمصادقته على مجموعة من القوانين والمعاهدات الدولية ؟