«صادق مجلس النواب على مقترح قانون ، يهدف إلى تمديد فترة إثبات الزوجية لخمس سنوات إضافية ، وذلك بعدما تم تعديل المادة 16 من المدونة التي جعلت وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج « . إنه ملخص خبر ذي تداعيات اجتماعية ثقيلة، باعتبار أنه يهم نواة تشكل المجتمع الكبير ، المتمثلة في الأسرة، يكشف عنه في عز «الحملات المناهضة للعنف الممارس تجاه المرأة» بكافة تمظهراته ، سواء منها المادية البادية للعيان أو المعنوية الجارحة للوجدان ! خطوة «صوتت» لها فرق من الأغلبية، مادام المقترح قانون هذا أتى به أحد فرقها الزاعم دوما بكونه حزبا « فلاحيا» ، أفلح في تمريره داخل لجنة العدل والتشريع بمقتضاه تعبد الطريق أمام تمديد جديد «لقبول دعاوى ثبوت زواج الفاتحة». خطوة تأتي لتعزز مسلسل التمديد الذي انطلق من 2009 إلى غاية 2014 ، بعدما كانت مدونة الأسرة قد أقرت أول التمديدات سنة 2004 . إجراء تشريعي رفضه الفريق الاشتراكي ، مسجلا «أن استمرار وتوسيع زواج الفاتحة على نطاق واسع، يعاكس روح الفقرة الأولى التي اعتبرت أن أصل إثبات العلاقة الزوجية هو عقد الزواج المكتوب ، للقضاء على الظاهرة « . كما انتقدته جمعيات منافحة عن حقوق النساء ، التي رأت أنه «قد يفتح الباب للتحايل على القانون ، وبالتالي الرفع من نسبة زواج القاصرات « ، مذكرة «أن النظر في الدعوى من أجل ثبوت الزوجية يعتبر استثناء كان ينبغي أن ينتهي سنة 2009 بانتهاء الفترة الانتقالية التي حددتها مدونة الأسرة في خمس سنوات « . وفي سياق مواز ، كشف تقرير لمؤسسة إيطو «لإيواء وإعادة تأهيل النساء ضحايا العنف « ، يوم الإثنين المنصرم، عن أرقام تترجم نتائج بحث ميداني شمل ساكنة مداشر ودواوير تتموقع بكل من تنغير وزاكورة أنجز خلال الصيف الماضي، تفيد بأن 61 في المائة من الزيجات المؤسسة على «الفاتحة « تهم القاصرات بإقليم زاكورة ، علما بأن الجمعية ذاتها سبق ، في بحر سنة 2014 ، أن أعلنت ، عقب بحث مماثل، تم إنجازه بشراكة مع منظمة الأممالمتحدة لحماية الطفولة ، أن ما يناهز 91 في المائة من الزيجات في قرى الأطلسين الكبير والمتوسط غير موثقة لدى الجهات الرسمية ، و تتم تحت ظلال « زواج الفاتحة « ، ضمنها نسبة 52 في المائة تخص زواج القاصرات . كما أنها ، في معظمها ، «زيجات إجبارية وعرفية» تشمل « القديمة منها، والأخرى التي سجلت بعد صدور مدونة الأسرة عام 2004 ! معطيات رقمية - وغيرها كثير - يبدو أن ما تحبل به من دلالات ورسائل عميقة ، لم ير فيها بعض «المشرعين» ما يستحق القراءة المتأنية واستخلاص العبر اللازمة ، بعيدا عن الحسابات العددية بين الأغلبية والمعارضة ، ففضلوا الانتصار ل»العرف « على حساب التوثيق القانوني السليم الحافظ لحقوق الفرد والجماعة ! موقف يجعل المتتبع يتساءل : هل التمديد الجديد بمثابة إعلان عن فشل الحملة الرسمية، المنطلقة منذ سنوات ، من أجل توثيق عقود الزواج، علما بأن وزارة العدل والحريات كانت قد حددت الأسبوع الأول من شهر فبراير 2014 ، كآخر أجل لتسجيل عقود ثبوت الزوجية ؟ هل القائمون على هذه الحملة – التي استحالت إلى حملات – قرأوا الواقع الحاضن لتجذر هذا النوع من «العرف» بما يكفي من تعمق في مرجعيته الضاربة في تاريخ هذه القبيلة أو تلك، هذا الدوار أو ذاك، واهتدوا إلى الشعرة الفاصلة بين الأبيض والأسود داخل المتراكم من تقاليد المناطق الجبلية وغيرها ؟ هل دعمت ، فعلا ، قوافل تيسير سبل توثيق الزواج ، التي سبق أن شدت الرحال صوب أكثر من جهة ، بحملات التوعية والتحسيس الناجعة ، التي لا ينمحي أثرها بمجرد انطفاء أضواء الكاميرات التلفزية ، أوتخفت جذوتها بمجرد اقتعاد كراسي المكاتب المكيفة ؟ سيل الأسئلة المتبادرة إلى الذهن يكاد لا ينقطع استحضارا لصرخات عديدة - نقلتها برامج تلفزية سالفة أوتضمنتها مقالات أعداد فائتة للجريدة – لقاصرات زوجن بالفاتحة ، وجدن أنفسهن على حين غرة، في وضعية «المتخلى عنهن»، ضمنهن الحامل ، والمرضع ، والأم للتوأم ... زوج اختفى دون أن يترك أثرا ، وأهل يرفضون تحمل مسؤولية «فعل» ابنهم، وآباء وأمهات يغلقون «باب العودة « في وجه فلذات كبدهم، هم الذين قرروا يوما في مصيرهن دون أخذ موافقتهن، استسلاما لضغط العسر والحاجة والعوز، والمبررات ذاتها تسيج موقفهم «القاسي» الجديد باعتبار أن أفواها أخرى، تحت مسؤوليتهم، تترقب قوتا يوميا مستعصيا على التوفر بغير كثير من المكابدة أو الشقاء. بكلمة واحدة ، وبعيدا عن أية قراءة تأويلية تعسفية تلتف على مرارة الواقع ، ألا يشكل «الضوء الأخضر» الجديد لتمديد «زواج الفاتحة» ، مؤشرا على أن جهود «التنمية البشرية» المبذولة على أكثر من صعيد، ستظل ناقصة مادام أن هناك ، بهذا الشكل أو ذاك ، من يشجع على تأبيد «التنمية العرفية» ذات الفواتير الاجتماعية الباهظة ، التي تطال شظاياها السلبية أجيالا متعاقبة من أبناء هذا الصنف من الزواج ؟