* الصراع الديني بين المسيحيين والمسلمين في أفريقيا الوسطى لم ينته بعد رغم الإجراءات الأمنية والعسكرية التي اتخذتها السلطات بمعية قوات حفظ السلام الدولية، وقد استنفدت الدولة تقريبا كل حلولها الممكنة لإنهاء الحرب الدينية بين ميليشيات ?أنتي بلاكا? المسيحية وميليشيات السيليكا المسلمة المتطرفتين. هذا الفشل حسب مراقبين تطلب تكثيف العمل الدبلوماسي لأفريقيا الوسطى لمحاولة تدويل هذا المشكل الاجتماعي، الأمر الذي فرض على البابا فرانسيس الثاني، بابا الفاتيكان، شمل أفريقيا الوسطى في سلسلة زياراته الأخيرة لأفريقيا حاملا رسالة سلام وتسامح. طلب البابا فرنسيس من جميع الذين يستخدمون ?ظلما? الأسلحة التخلي عنها لأنها ?أدوات للموت? كما دعى إلى مقاومة الخوف من الآخر، أيا يكن دينه أو أصله العرقي، لإنهاء أعمال العنف الدينية التي تعصف بجمهورية أفريقيا الوسطى منذ 2013. وقال البابا في كاتدرائية العاصمة بانغي بعدما دشن بابا مقدسا للتوبة إنه ?حتى عندما تنفلت قوى الشر، فإنه على المؤمنين عموما أن يكونوا حاضرين ومستعدين لتلقي ضربات في هذه المعركة التي ستكون فيها لله الكلمة الفصل، ولكل من يستخدمون ظلما الأسلحة في هذا العالم أوجه هذا النداء: تخلوا عن أدوات الموت هذه?. كما نصح البابا فرنسيس ب?محبة الأعداء التي تحصن من الرغبة في القتل ومن دوامة الانتقام التي لا نهاية لها? في الوقت الذي تشهد فيه جمهورية أفريقيا الوسطى أعمالا انتقامية شبه يومية بين ميليشيات مسيحية وأخرى مسلمة. ووجه البابا الرسالة نفسها في مخيم للاجئين في أبرشية المخلص الفادي، يقيم فيه نحو 3700 امرأة وطفل من أتباع الديانتين المسلمة والمسيحية، وقد هجرتهم أعمال العنف، واشتركوا في المعاناة ذاتها بأن تم استهدافهم من قبل المتطرفين من الديانتين، وقال البابا ?نريد السلام، ولا سلام من دون مغفرة ومن دون تسامح، وأيا تكن الديانة، والظروف الاجتماعية، نحن جميعا إخوة?. وحمل الجموع المتحمسة على أن تردد ?نحن جميعا إخوة?. ويرجع عدد من الباحثين الصراع طائفي بين الأغلبية المسيحية والأقلية المسلمة التي لا تشكّل سوى 15 بالمئة من حجم السكان، إلى نجاح حركة سيليكا في الانقلاب على الرئيس السابق بوزيزي في مارس 2013، وهو ما ترتب عليه ظهور ميليشيات الدفاع المدني المسيحية من العناصر التابعة للرئيس المخلوع. ويقول السيليكا إن الكثير من المواطنين المسلمين يتعرضون مجانا إلى أعمال ذبح بالسواطير وغيرها من قبل الميليشيات المسلحة التي تزعم أن هذه التصرفات تأتي كرد فعل على ممارسات السيليكا العنصرية. كما يؤكد مراقبون وجود حالة من الحقد بين الأغلبية المسيحية الفقيرة التي تعمل في مجال الزراعة، على الأقلية المسلمة الغنية التي تعمل في مجال الرعي والتجارة خاصة تجارة الماشية، كما أن تجارة الذهب والألماس التي تشكّل 80 بالمئة من حجم اقتصاد البلاد في أيدي المسلمين. وقال بابا الفاتيكان فرانسيس الثاني، إن طريق خلاص هذا البلد يكمن في احترام شعاره الجمهوري ?الوحدة والكرامة والعمل?. وأضاف في خطاب ألقاه بالقصر الرئاسي في العاصمة بانغي، بحضور القوى السياسية في البلاد، إنّ ?شعار جمهورية أفريقيا الوسطى، الوحدة والكرامة والعمل، يعبّر عن اهتمامات وتطلّعات كلّ المواطنين، وبالتالي، فهو يشكّل بوصلة ثابتة بالنسبة إلى السلطات التي تقود هذا البلد?. كما أعرب عن قناعته بأنّ حلول المشاكل التي تواجهها أفريقيا الوسطى تكمن في احترام شعارها الجمهوري، لافتا إلى أنه ?تكفي إعادة الاعتبار إلى هذا الشعار من أجل الحصول على مفاتيح التسامح والغفران والسلام?. ووصل بابا الفاتيكان نهاية الأسبوع الماضي إلى بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى في أوّل زيارة له للبلاد، في إطار جولته الأولى في أفريقيا، منذ توليه منصبه، في 13 مارس عام 2013، استهلّها، بزيارة إلى كينيا، قبل أن يتوّجه إلى أوغندا ثم أفريقيا الوسطى. وقد أكدت إذاعة الفاتيكان أن ?الهدف الرئيسي من هذه الزيارات هو بحث السبل الممكنة مع حكومات تلك الدول لإنهاء الحروب الدينية والقبلية والطائفية التي تدور في مناطق وسط أفريقيا?. وأفادت تقارير صحفية أنّ حشودا كانت في استقبال البابا في مطار ?بانغي مبوكو?، في مقدّمتها السفير البابوي ومطران المدينة، إضافة إلى الزعماء الدينيين البروتستانت والمسلمين، علاوة على الرئيسة الانتقالية للبلاد، ?كاترين سامبا بانزا? وأعضاء حكومتها. وشدّد بابا الفاتيكان، في ختام خطابه، على أنّ ?الوحدة هي القيمة الأساسية لانسجام الشعب?، مضيفا ?لقد جئتكم رسولا للسلام?، وهي الرسالة الأساسية التي مثلت عنوان جولة البابا في أفريقيا. وقد أكد الناطق باسم الفاتيكان أن المجمع المقدس بالفاتيكان بصدد بحث استراتيجية دبلوماسية شاملة لقضايا التسامح والسلم في العالم.