في ثاني أيام زيارته إلى جمهورية أفريقيا الوسطى، توجّه بابا الفاتيكان "فرانسيس الثاني"، اليوم الاثنين، إلى معقل المسلمين في العاصمة بانغي، معلنا أن زيارته البلاد كان سيشوبها الفشل لو أنه ألغى لقاءه مع المسلمين. ووصل بابا الفاتيكان، صبيحة أمس الأحد، إلى العاصمة بانغي، في أوّل زيارة له للبلاد، في إطار جولته الإفريقية، الأولى من نوعها أيضا، منذ توليه منصبه، في 13 مارس 2013، والتي استهلّها، الأربعاء، بزيارة إلى كينيا، قبل أن يتوّجه، الجمعة، إلى أوغندا. وتوجّه البابا، اليوم، إلى المسجد المركزي بحيّ "الكيلومتر 5"، حيث كان في استقباله إمام المسجد، تيدجاني موسى ناييبي، وعمدة الدائرة الثالثة بالعاصمة، بالا دودو، قبل أن يلقي كلمة أمام عدد من كبار الشخصيات المسلمة، مشدّدا على ضرورة التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين. وأمام جمهور ضمّ العشرات من أعيان المسلمين، قال البابا "فرانسيس الثاني"، متحدّثا باللغة الإيطالية وترجم حديثه كاهن يرافقه إلى لغة "سونغو" المحلية، إنّ "أزمة إفريقيا الوسطى ليست، في الأساس، أزمة بين الأديان، بما أنّ شعبها، مسيحيين ومسلمين، لديه تقليد عريق في التعايش السلمي، ينبغي المحافظة عليه". وأضاف أنه "عبر تكريس هذا التقليد، فإن بإمكان سكان أفريقيا الوسطى أن يكونوا نموذجا يحتذى به من قبل بقية البلدان الأفريقية، عليهم أن يشدوا على أيدي بعضهم البعض للتغلّب على الإنقسام والكراهية والعنف، وتكريس أنفسهم للتحضير لانتخابات تكون عادلة ومفيدة". ولا يزال إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في دجنبر القادم، رهين عودة الهدوء إلى البلاد التي يمزّقها الصراع الطائفي منذ فترة. بينما حذّر البابا من أنه "لا ينبغي انتخاب رئيس للبلاد يخدم مصالح طائفة على حساب أخرى". وعقب خروجه من المسجد اقترب من الحشود، التي ضمّت الآلاف من سكان أفريقيا الوسطى من المسلمين والمسيحيين، رجالا ونساء وأطفالا، تدفّقوا من مختلف الأنحاء من أجل الظفر بفرصة إلقاء تحية أو لمس البابا، حتى أنّه وجد صعوبة في التقدّم وسط الحشود. وقال ياسر محمد، وهو شاب ثلاثيني من حيّ المسلمين في بانغي، "سعادتي لا توصف برؤية البابا في حي الكيلومتر 5، وهذا الاستقبال الحار المخصص للبابا من قبل سكان الحي، يثبت أنه لا توجد مشاكل، في الأساس، بين الطائفتين المسلمة والمسيحية". أما بابيكير، وهو مسلم آخر، فقال إنّ "زيارة البابا تعتبر الحافز الذي سيعيد السلام بين المسلمين والمسيحيين في أفريقيا الوسطى، فخلال اللحظات السابقة، لم يكن هناك المسلمون فقط في حي الكيلومتر 5، وإنما تواجد المسيحيون أيضا من القادمين من دائرتنا ومن الدوائر المجاورة". وتأتي زيارة البابا فرانسيس إلى أفريقيا الوسطى في سياق يتّسم بتجدّد العنف الطائفي في البلاد، على خلفية مقتل شاب مسلم يوم عيد الأضحى الماضي، ما نجم عنه اندلاع حوادث انتقام بين المسلمين والمسيحيين. ولتأمين زيارة البابا فرانسيس الثاني، كثّفت سلطات أفريقيا الوسطى، من التدابير الأمنية، حيث حشدت الآلاف من جنود البعثة الأممية في البلاد، إضافة إلى قوات الأمن المحلّية، وتمركزت الوحدات الأمنية في مختلف شوارع وأزقة مدينة بانغي، وخصوصا في محيط الملعب وحي "الكيلومتر 5". * وكالة انباء الاناضول