فى خطوة كبيرة نحو القضاء على كل أشكال التمييز ضد النساء و حماية أقوى لحقوق المرأة في تونس، أقر البرلمان التونسي بتاريخ 10 نونبر المنصرم ، قانونًا جديدًا يسمح للمرأة بالسفر مع أولادها القاصرين دون الاضطرار للحصول على إذن الأب. نوقش هذا القانون من طرف لجنة الحقوق والحريات في وقت سابق، ثم عرض للمصادقة عليه فى الجلسة العامة فى أكتوبر وأقرته بموافقة 143 من أصل 148 عضوا. و بموجب هذا القانون، يمنع منعا باتا على السلطات التمييز ضد النساء فيما يتعلق بمغادرة الأراضى التونسية مع الأبناء، حيث أضيف فصل إلى قانون جوازات السفر ينص على أن يخضع سفر القاصر لترخيص أحد الوالدين فقط.. مما يؤشر على أن تونس تتقدم بجرأة و ثبات إلى المساواة بين الجنسين و اعترافًا بأن المرأة شريك على قدم المساواة مع الرجل فى اتخاذ القرارات التى تخص أطفالهما. أما بالنسبة لبلادنا، فلا تعتبر مدونة الأسرة قانونا للمرأة وحدها، بل للأسرة ككل، أبا وأما وأطفالا، وتحاول بنودها على أن تجمع بين رفع الحيف عن النساء، وحماية حقوق الأطفال، وصيانة كرامة الرجل.. كما أنها عدلت بما يتناسب وروح الشريعة الإسلامية التي أولت اهتماماً كبيرا لأحوال الأسرة وحقوقها وواجباتها. ويبقى الإذن الممنوح للمرأة من طرف زوجها للسفر بأولادها هو من القضايا المهمة التي باتت تشغل بال الناس نظرا لتطور المجتمع إلا أن النساء المطلقات هن الأكثر معاناة. و في هذا الصدد يفيدنا الأستاذ جلال الطاهر وهو محامي بهيئة الدارالبيضاء بخصوص مسألة سفر الأطفال أنه يمكنهم ذلك بعد موافقة الطرفين كما يمكن للأم السفر بأطفالها بموافقة الأب الذي يعطيه القانون سلطة الإذن لأنه الولي و لأنه المنفق ، و يلزمهما إمضاء التزام يوضح اتفاقهما، أما في حالة ما إذا اختلف الوالدان ، فلا يسافر الصغير خارج المغرب إلا بحكم قضائى نهائي .. فبناء على طلب من النيابة العامة أو النائب الشرعي للمحضون و غالبا ما تكون الأم، يمكن لمحكمة الأحوال الشخصية أن تمنع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب دون موافقة نائبه الشرعي. وتتولى النيابة العامة تبليغ الجهات المختصة مقرر المنع قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تنفيذ ذلك. في حالة رفض الموافقة على السفر بالطفل المحضون خارج المغرب، يمكن التقدم بأمر استعجالي من رئيس المحكمة إلى قاضي المستعجلات الذي يتولى النظر في الطلب لاستصدار إذن بذلك. و يتطلب الاستجابة لهذا الطلب، الإدلاء بالسبب والدواعي للتأكد من الصفة العرضية للسفر، ومن توفر الضمانات و الالتزام بعودة المحضون إلى المغرب.. فقانون الأحوال الشخصية يحاول سد الثغرات ويعطى الحق للقاضي بالسماح للأطفال بالسفر مع والدتهم، في حال حددت الأم مدة غيابها خارج البلاد وأسباب سفرها، و في ذلك حماية للأطفال من مغبة عدم العودة إلى الوطن و حرمان الأب من حقه في رؤية ابنائه كما يحدث كثيرا نتيجة الزواج المختلط. وحتى نستوفي الموضوع جوانبه، ومن مدينة الدارالبيضاء و بالضبط من محكمة الأسرة التقينا نسوة مطلقات اجتمعن لذات السبب الذي دفعهن للقدوم للمحكمة، ويتمثل بطلب الحصول على الإذن قصد السفر بأبنائهن خارج المغرب، حيث تحتاج الأم موافقة الطليق على استصدارها، كونه هو الولي على الأبناء. فالسيدة «أمال» اعتبرت نفسها محظوظة لأنها جاءت إلى المحكمة برفقة طليقها، لاستصدار هذا الإذن حيث وافق على سفر أطفاله المقيمين مع الأم أساسا، لبضعة أسابيع خارج البلاد، مرفقين بالتزام أمضاه الأبوان معا موضحين فيه الموافقة على السفر و الأسباب الداعية إليه ثم التزام الأم بإعادة الأبناء فور انتهاء المدة المحددة في شهر.. أما السيدة « مارية» فقد حضرت إلى المحكمة للسؤال عن إمكانية استصدار الإذن دون حاجة لموافقة الأب، الذي يرفض ذلك، رغم أن سفرها خارج المغرب سيكون لغاية علاج ابنها من مرض في الصمامات القلبية استحال له العلاج في الوطن. وتحكي هذه السيدة بغصة كيف أن طليقها يرفض سفرها بابنها فقط للتضييق وتصعيب الظروف عليها فهي لا تبغي غير إنقاذ حياة الطفل و تمتيعه بحظوظ أوفر للعلاج. وقد علمت أنه إذا كان السفر بالمحضون خارج المملكة لغاية مشروعة ولم يوافق الأب على سفره، فللقاضي أن يأذن للحاضن بالسفر بالمحضون بعد أن يتحقق من تأمين مصلحته وتبيان مدة الزيارة وأخذ الضمانات الكافية لعودته بعد انتهاء الزيارة لذلك .. لذلك قدمت طلبا استعجاليا لاستخلاص الإذن و إنقاذ حياة الطفل.. أما السيدة « رشيدة» فلا تستطيع السفر دون بناتها و لكنها تواجه تعنت الطليق.. فاضطرارها السفر إلى إيطاليا كل فترة لتجديد إقامتها يلزمها السفر بهما إذ لا عائلة لها بالمغرب لاستئمانها عليهن ، فأهلها يقيمون في تلك الدولة الأوروبية، وهي تضطر للسفر و يتعذر عليها ذلك أمام رفض الأب الإذن لها اصطحاب بناته القاصرات .. وتقول أنها لجأت إلى المحكمة للحصول على هذا الإذن بعد أن لم تستطع من قبل الاستفادة منه. وهاته السيدات المطلقات هن بعض من مئات السيدات المنفصلات عن أزواجهن، اللاتي يواجهن مشكلة تعنت الطليق الذي يتسلط بحق الولاية والوصاية على الأطفال، حتى لو كانوا في حضانة الأم. واللاتي قد يفشلن في استصدار وثيقة عدم منع سفر الأبناء دون موافقة الطليق فيعانين بالتالي من تعطل مصالحهن و عدم قدرتهن العيش وفق طموحاتهن و إيجاد أنفسهن في أحايين كثيرة رهينات لا لشئ إلا لأنهن يحضن على أطفالهن مما يدفع المنظمات النسوية والمنظمات المهتمة بحقوق الأطفال إلى الدعوة للالتفات إلى مصلحة الطفل الفضلى، وعدم إعطاء الآباء سلطة كاملة على الطفل، قد «يساء» استخدامها، و المطالبة على تغيير القوانين وسن نصوص قانونية لضمان ذلك.