تصر بعض الأمهات بعد الطلاق على حرمان أزواجهن السابقين من رؤية أبنائهم وتبادل الزيارات وإياهم، بالرغم من أن مدونة الأسرة تضمن للآباء هذا الحق. في الحوار التالي يتطرق الأستاذ محمد أمغار إلى الإجراءات القانونية المتخذة في حق الأم التي تحرم طليقها من حقه في زيارة الطفل المحضون. كيف نظمت مدونة الأسرة مسألة الزيارات المتبادلة بين الآباء والأبناء بعد الطلاق؟ الثابث في مدونة الأسرة أن الحضانة هي حفظ الولد مما قد يضره، والقيام بتربيته ورعاية مصالحه. والحضانة هي من واجبات الأبوين مادامت الزوجية قائمة، وتستمر الحضانة إلى بلوغ سن الرشد القانوني للذكر والأنثى على حد سواء. والمعلوم أنه في حالة انتهاء العلاقة الزوجية فإنه يحق للولد المحضون الذي أتم الخامسة عشر سنة أن يختار من يحضنه من أبيه أو أمه. كما أن أجرة الحضانة ومصاريفها تقع على المكلف بنفقة المحضون وهي مستقلة عن أجرة الرضاعة والنفقة ولا تستحق الأم أجرة الحضانة في حال قيام العلاقة الزوجية. والملاحظ أن حضانة الأم لا تسقط بانتقالها للإقامة من مكان لآخر داخل المغرب، إلا إذا ثبت للمحكمة ما يوجب السقوط مراعاة لمصلحة المحضون والظروف الخاصة بالأب أو النائب الشرعي، والمسافة التي تفصل المحضون عن نائبه الشرعي، كما أن حق زيارة واستزارة المحضون مضمونة قانونا لغير الحاضن من الأبوين، بحيث يمكن للأبوين تنظيم هذه الزيارة باتفاق بينهما، يبلغانه إلى المحكمة ويسجل مضمونه في مقرر إسناد الحضانة. كما أنه في حالة عدم اتفاق الأبوين على تاريخ ومدة الزيارة فإن المحكمة تحدد في قرار إسناد الحضانة فترات الزيارة وتضبط الوقت والمكان الذي تقع فيه الزيارة بما يمنع قدرالإمكان التحايل في تنفيذ القرار. وتراعي المحكمة في تحديد فترات الزيارة وتوقيتها ظروف وملابسات كل قضية على حدا، مع ملاحظة أن قرار المحكمة في هذا الإطار يكون ابتدائيا وقابلا للطعن. ما هي الإجراءات القانونية المتخذة في حق الأم التي تحرم طليقها من حقه في زيارة أبنائه؟ تنبغي الإشارة إلى أنه وفي حالة ما إذا استجدت ظروف أصبح معها تنظيم حق الزيارة المقررة باتفاق الأبوين أو المنصوص عليها في المقرر أو الحكم القضائي، ضارا بأحد الطرفين أو بالمحضون فإنه يمكن طلب مراجعة المقرر أو تعديله بما يلائم ما حدث من ظروف ومستجدات. أما في حالة عدم احترام حق الزيارة أو التحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة من طرف الحاضن أو الحاضنة فإن المحكمة تتخذ ما تراه مناسبا من إجراءات بطلب من المعني بالأمر بما في ذلك تعديل نظام الزيارة أو إسقاط حق الحضانة في حالة الإخلال أو التحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة، بحيث أن المتضرر يمكن أن يطلب من المحكمة ذلك عند عدم احترام حق الزيارة التي تخول للولي الشرعي مراقبة الولد المحضون وتوفر الشروط المتطلبة لتربية وتمدرس الطفل المحضون. كما أن النيابة العامة يمكن أن تتدخل لدى المحكمة لكي تضمن في قرار إسناد الحضانة أو في قرار لاحق، منع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب دون موافقة نائبه الشرعي، و تتولى النيابة العامة تبليغ الجهات المختصة بمقرر المنع قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تنفيذ ذلك والحيلولة دون حرمان الأب أو الولي الشرعي من حق المراقبة لأحوال المحضون. ما هو الهدف من ضمان زيارة المحضون؟ الهدف من ضمان زيارة المحضون هو تمكين النائب الشرعي من مراقبة أحوال المحضون من حيث التربية الدينية والتربية على السلوك القويم وقيم النبل المؤدية إلى الصدق في القول والعمل واجتناب العنف المفضي إلى الإضرار الجسدي والمعنوي، والحرص على الوقاية من كل استغلال يضر بمصالح الطفل، ومراقبة التعليم والتكوين الذي يؤهل المحضون للحياة العملية والعضوية النافعة في المجتمع. إن ضمان حق الزيارة للمحضون تبعا لذلك يعتبر من الالتزامات التي تقع على الأب الذي ينبغي أن يحافظ على المودة والرحمة تجاه المحضون، كما أن تمكين الأم الحاضنة الطفل المحضون من الالتقاء بأبيه يؤدي إلى تنشئة الطفل تنشئة قائمة على التعرف على أبيه واستشارته في أحواله وما يترتب عن ذلك من تجاوز خلافات الماضي التي أدت إلى الطلاق لما فيه مصلحة الطفل ابن الطرفين. محام بهيئة الدارالبيضاء رئيس سابق لجمعية المحامين الشباب بالدارالبيضاء أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء