على هامش مشاركتها في الدورة التاسعة لمهرجان تموايت الدولي للشعر والموسيقى بورزازات، التقت الجريدة الفنانة الرقيقة ذات الصوت الدافيء سعيدة فكري في حوار تحدثت من خلاله عن مسيرتها الفنية الطويلة والغنية ، حيث أكدت بصراحتها وابتسامتها المعهودتين على أن حب الناس واحترامهم لها أهم ما حققته في حياتها الفنية وعبرت عن علاقتها الحميمية بمدينة ورزازات وجمهورها وساكنتها مؤكدة أن مهرجان تموايت الدولي واحد من أحسن المهرجانات المغربية. كما عبرت الفنانة المرهفة الإحساس عن حبها الكبير للمغرب رغم كل المضايقات التي كانت تعرضت لها . o غادرت المغرب للاستقرار بالولايات المتحدةالأمريكية منذ 1998 ، ألا تعتقدين بأنه قد حان الوقت للعودة للوطن؟ n أعتقد أن ليس هناك من لايرغب في الاستقرار ببلده، إلا أن قرار العودة للاستقرار نهائيا بالمغرب ليس سهلا ويتطلب كثيرا من الترتيبات، لكنني قررت أن أمضي أغلب شهور السنة القادمة في المغرب والالتقاء بجمهوري المغربي في عدة مناسبات. كنت مضطرة للمغادرة ولكن الاستقرار بالولايات المتحدةالأمريكية كانت له ايجابياته خصوصا على مسيرتي الفنية. المغرب تطور منذ مغادرتي سنة 1998 وأحسست منذ رجوعي له سنة 2008 أنني أعبر بكل حرية وأتواصل مع جمهوري بحرية وأظن أن هامش الحرية قد اتسع ولم نعد نتعرض لمضايقات بسبب مواقفنا وإبداعاتنا الفنية. o ماهي طبيعة المضايقات والحصار الذي كان مضروبا عليك؟ n أظن أنه قد تم تهويل وتضخيم هذا الأمر، إذ أن تلك المضايقات ربما لم تكن من طرف مؤسسات بل من أشخاص معزولين لهم ربما نفوذ يجعلهم يصرفون مواقفهم الشخصية من أشخاص في مؤسسات الدولة وقنواتها. لكن الأمور تغيرت وأصبح المغاربة أكثر وعيا وأتمنى أن يأخذ كل إنسان فوق هذه الأرض الحق في التعبير عن نفسه بكل حرية. حبي لوطني لم ولن يتزعزع رغم المشاكل التي واجهتها أو سأواجهها، فالمغرب في القلب، وأنا ألتقي الكثير من المغاربة في المهجر وكلهم غيرة على وطنهم ولايسمحون بالمساس به. o ماهي أهم المحطات في مسيرتك الفنية الطويلة والغنية؟ n لقد بدأت مسيرتي شابة مراهقة. لم أختر طريق الغناء، بل جاء تلقائيا، فبدايتي مع الكيتار جاءت كاكتشاف لآلة، حيث أن أول كيتار تعرفت عليه في سن 8 سنوات كان بوترين منحه لي صديق للعائلة وربطتني علاقة متميزة بهذا الكيتار، وكان قلبي ممتلئا بالغضب وعبرت بشكل تلقائي عما كان يعذبني داخليا، وفي نفس الوقت كنت أبحث عن نفسي فنيا كما كنت أبحث عن نفسي أيضا كإنسانة . وهكذا جاء الألبوم الأول " كية الغايب" يعبر عن معاناتنا من طلاق الأبوين وانعكاسه علينا كأطفال، ليأتي بعد ذلك الألبوم الثاني"سالوني عالعذاب" في نفس السياق كتعبير عن المعاناة، وبدأت أجد نفسي فنيا ابتداء من الألبوم الرابع وأحسست أنني أريد حمل قضية وتحمل عبئها والتواصل أكثر مع الناس والتعبير عن همومهم ، وهو ما وجدت فيه نفسي واتخذته منهجا فنيا يميزني. o هل يمكن الحديث عن سعيدة فكري قبل هجرتها للولايات المتحدة وسعيدة فكري لمابعد الهجرة؟ n أكيد قبل الهجرة كنت أحس بنفسي محاصرة خاصة أنني إنسانة أؤمن بالحرية الراقية المشرقة التي ليس فيها ظلام، وعندما يحاصر عندي هذا الإحساس أدخل في نوع من الكآبة. الهجرة أضافت لي الكثير في شخصيتي ومسيرتي الفنية والآن أجد نفسي طائرا حرا أكثر أتواصل مع العالم بدون قناع بدون خوف وبدون حصار ، وهو إحساس جميل . o كباقي الفنانين، تأثرت بمجموعة من الأسماء الفنية خاصة في بداياتك، من هم هؤلاء الفنانون ؟ n أمر طبيعي، فالمغرب له موقع استراتيجي يجعل منه نقطة تقاطع ثقافات العالم وهو ما يشكل غنى الإنسان المغربي عبر التاريخ. لا أستطيع ذكر الجميع، لكنني تأثرت بالكثير من الفنانين من جملتهم " بوب ديلان " ، " جون دايز " ، " هوتيس ويرين" ،" جاك بريل" الفنانة الكبيرة أم كلتوم ، فيروز ، مارسيل خليفة الذي أثر كثيرا في مسيرتي وكنت أؤدي أغانيه ، محمود درويش، نعيمة سميح، ناس الغيوان ، جيل جيلالة واللائحة طويلة. o لكن رغم تأثرك بفنانين، نجحت في أن ترسمي لنفسك أسلوبا فريدا، ما هو أسلوب سعيدة فكري الغنائي؟ n أنا ابنة المغرب بتنوعاته اللغوية والثقافية والفنية والموسيقية. كبرت طفلة استمع لكل شيء، مما جعلني متأثرة بكل الأنواع وخلقت أسلوبي الخاص الذي يمزج بين الموسيقى العالمية بكل تلاوينها. أعتبر أن فني تلقائي وصادق، فأنا لا أبحث عن ما يريد الناس سماعه، بل أغني ما أحس به لإيماني أنني يجب أن أكون صادقة مع نفسي لأكون صادقة مع الناس. واعتبر فني صرخة ضد الظلم والفساد والفقر والتهميش وغياب العدالة الاجتماعية... o تجمعك علاقة خاصة بمدينة ورزازات وجمهورها منذ مشاركتك الأولى قبل سنوات في مهرجان تموايت، ماطبيعة هذه العلاقة؟ n أنا أحمل الكثير من الحب لهذه المدينة ولجمهورها وسكانها الذين أحببت فيهم البساطة والصدق والشفافية والابتسامة التي لاتفارقهم، هم بصدق نموذج ماأريد أن أرى عليه كل الناس، لذلك فأنا اشتاق دائما لهذه المدينة الرائعة وسأعمل على زيارتها كلما سنحت الفرصة. o شاركت في مهرجانات كبرى، ماذا يميز مهرجان تموايت في نظرك؟ n أؤمن إيمانا كبيرا بأن تموايت سيصبح من أحسن المهرجانات في المغرب أن لم يكن أحسنها لكونه وجد الوصفة المناسبة للمزج بين الشعر والموسيقى وإيجاد توازن بينهما، ونجح في أن يعيد الاعتبار للشعر والقراءة الشعرية وترك المستمع يستمتع بالاستماع للشعر . o يطلق عليك الجمهور مجموعة من الألقاب الفنية من قبيل " حمامة الأغنية المغربية" ، " فنانة الشعب" ، " الثائرة" ... ما هو اللقب الذي تجدينه الأنسب؟ n أعتقد أن اسم سعيدة يكفيني وأنا أرحب بهذه الألقاب التي يطلقها علي الجمهور الذي يعشق فني. o سبق وأن صرحت بأنك ستعملين على إنجاز عمل بالأمازيغية ، أين وصل هذا المشروع؟ n فعلا سبق لي أن صرحت منذ خمس سنوات برغبتي في الغناء بالأمازيغية التي أصبحت لغة رسمية للبلاد إلى جانب العربية .كان عندي إشكال في نوعية النص لكنني في الأخير تعاملت مع الأستاذ العدوي الذي كتب لي نصا جميلا بمضمون جميل يعبر عن تلاحم أبناء هذا الوطن . فالأغنية رأت النور مؤخرا ضمن ألبومي الجديد لهذه السنة ، وهي " غاسا ريغ ادساولغ" بمعنى " أريد أن أتحدث اليوم" ، وقد أديتها لأول مرة على الخشبة مع مجموعتي المغربية ضمن فعاليات مهرجان تموايت في دورته التاسعة. o حدثينا عن البوم ONE WORLD n هو ألبوم تم إعداده للجمهور الأمريكي باقتراح من موزعين أمريكيين وتم إنتاجه من طرف أمريكيين . o ما رأيك في المهرجانات التي تنظم عبر ربوع المغرب؟ n المهرجانات شيء جميل خاصة أن الفنان المغربي يعاني من القرصنة ومشكل التوزيع، لكن يجب إعادة النظر في طريقة تنظيم هذه المهرجانات لضمان استفادة أكبر للفنان المغربي . كما أدعو لإيلاء الأغنية الملتزمة ما تستحقه من اهتمام وعناية. للأسف فالكثير من مديري المهرجانات لا يفقهون شيئا في الفن، يتعسفون على الجمهور ويفرضون عليه ذوقا معينا. o ماهي مشاريعك للسنة القادمة؟ n سأعمل على إعادة توزيع بعض أغاني القديمة على شكل فيديوكليبات استجابة لطلب الجمهور . وسأتواصل مع المغاربة طيلة السنة القادمة التي أعتزم أن أمضي الجزء الأكبر منها ببلدي المغرب.