النساء لا يقرأن، أو بالأحرى يقرأن كتب الطبخ لا أقصد الإساءة بقدر ما أنوي لفت الانتباه لظاهرة قديمة وآخذة في الانتشار وأرغب في أن نتكثل لوقف زحفها. نحن النساء للأسف – إلا القليلات جدا منا – نكرس تلك الصورة النمطية التي كبرت معنا من كتب المطالعة بالقسم الابتدائي إلى اليوم، الأب يقرأ الجريدة والأم في المطبخ ,لاشئ تغير لحد اليوم ,الرجل لازال يقرأ الجريدة والأم تقرأ .. كتب الطبخ لا نكاد نصادف البتة امرأة أو فتاة تتصفح جريدة أو كتابا في محطة أو قطار أو مقهى ,حتى أصبح يتخيل لي أن قراءة الجريدة فعل رجولي غير صالح للنساء, حتى وإن ركبن الموضة وتوجهن لمعرض الكتاب أو المكتبات, يتحلقن حول كتب الطبخ أو مجلات القفطان ، وفي الجلسات النسائية، رغم اختلاف المستويات التعليمية، تكون وصفات الكيك سيدة الجلسات أضحى الكيك بألف شكل، فيه الحلو والحار والمستطيل والدائري والمثلث و حتى بالخضار.. رغم أنه من المفروض .. كيك يجب أن نقف أمام المرآة ونعترف أمام أنفسنا ,نحن شعب لا يقرأ، نحن نساء بالخصوص لا يقرأن ,ليست لنا علاقة حب بالكتاب ,بل نحن في طلاق بائن لا رجوع فيه إلا بالزواج ثانية ب..كتاب يجب أن يتولد هذا «العشق الممنوع» هذه العلاقة الهاربة بيننا وبين القراءة، أن تصبح الجريدة جزءا أساسيا من احتياجاتنا اليومية، وأن نجتزئ من مصروفنا اليومي لاقتناء كتاب، سيكون الأمر راقيا لو بدأنا نتبادل الكتب كما نتبادل أطباق الكيك في كل زيارة ما أحوجنا نحن النساء لصالون أدبي، نصغي فيه للشعر ولجميل القول وللنقاش الفكري الهادئ الذي يعطي نكهة مميزة لحياتنا، مغايرة تماما لنكهات الفانيلا التي أنهكتنا في المطابخ ، سنجد أن النساء في الكتب ملهمات وجميلات وفيهن قيل الغزل الكثير الذي لم يسبق لنا أن سمعناه ونحن أمام الأفران. وبهذا سنكون أسسنا لفعل القراءة في هذا المجتمع الذي تنخره الأمية الفكرية وتعشعش في فراغاته ثقافة التيئيس. فلنقرأ إذن، لنحمل كتابا أو جريدة ونحن في الترام أو في القطار ,أن نقرأ في المقهى,في أي مكان.. أن ننشر وعي القراءة ونجعل المجتمع يغير صورة تلك المطالعة اللئيمة التي تصر على أن تعلم الأجيال أن الرجل دوما يقرأ الجريدة أمام التلفاز والأم ثابتة في مكانها بالمطبخ ..تصنع الكيك.