موازاة مع عرض الفيلم السينمائي المغربي " أوراق ميتة" للمخرج الشاب يونس الركاب بالقاعات السينمائية الوطنية، ابتداء من أواسط أيام الأسبوع الماضي، كان هذا الفيلم موضوع عرض خاص لعموم جمهور المركب الثقافي سيدي عثمان مساء يوم الجمعة الماضي بمناسبة المحطة السينمائية الجديدة من محطات النادي السينمائي سيدي بالدار البيضاء الذي يرأسه السينمائي و المنتج عبد الحق المبشور، الذي لازال يراهن على تفعيل دور الأندية السينمائية الوطنية ويؤمن إيمانا كبيرا بلعب دورها الرائد في إحياء وانبعاث ورقي هذا الفن الإبداعي النبيل.. كما لعبته الأندية ذاتها في سنوات سابقة وأفرزت أطرا ومكونات سينمائية جد محترمة قبل أن تسجل فترة أفول.. هذه المناسبة لم تفت دون أن ينوه عبد الحق المبشور بالمخرج يونس الركاب، ابن مخرج التحفة السينمائية" حلاق درب الفقراء" الراحل محمد الركاب، على موافقته على عرض فيلمه بدون مقابل موازاة مع العرض الرسمي له بالقاعات السينمائية، مشيرا إلى أن هذه الالتفاتة النادرة لا يمكن أن تكون إلا من مبدع سينمائي حقيقي يضع انتشار وتحبيب منتوج الفن السابع ببلده قبل أي شيء آخر .. ويبدو أن الأمسية السينمائية الناجحة للنادي، كرست هذه الحقيقة، حيث أن المخرج الركاب، وهو يحاور الجمهور الكبير قبل وبعد نهاية العرض، لم أي اهتمام بالمردود المادي" أوراق ميتة"، بقدر ما أبداه تجاه ردة فعل الجمهور الشاب الواسع الذي غصت به قاعة المركب الثقافي سيدي عثمان ذات المساء.. الذي تفاعل بدرجة كبيرة إيجابيا مع أحداث الفيلم السينمائي،إذا كشف الركاب قائلا أمام الجمهور ذاته :" علي الآن أن أتنفس الصعداء.. الفيلم تابعه المهنيون والنقاد بالمهرجانات الوطنية و الدولية، وخلق نقاشا تراوح بين النظرة الايجابية ونقيضها، لكن ردة الفعل الجيدة التي شهدتها من طرف هذا الجمهور، أدخلت على سعادة حقيقية صادقة، لأنه ببساطة تمثلون عموم الجماهير التي يمكن أن تتابع الفيلم بالقاعات السينمائية الوطنية.." . وأضاف الركاب بالمناسبة، التي حضر فيها مجموعة من الفنانين ممن بصموا على هذه الخطوة السينمائية الأولى في عالم الفيلم الطويل بعد تجارب عديدة في مجال الفيلم القصير والتي بلغت حوالي العشر.. من قبيل الفنان ربيع القاطي، و الفنان حميد نجاح وآخرين، الذين تم الاحتفاء بهم وتقديم هدايا رمزية لهم.. أضاف الركاب أن الدعم المقدم ل" أوراق ميتة" من قبل لجنة الدعم السينمائي قد تم توظيفه كله في إنجاز هذا الفيلم الذي تم تصويره بمدينة إفران والدار البيضاء، ولم يخصص أي سنتيم منه لشراء " فيلا أو سيارة كات كات".. وهي إشارة لها دلالتها وإيحاءتها.. في ما يخص دعم بعض " الحالات" السينمائية التي لا تحمل من السينما إلا الاسم فقط.. وعلى هذا المستوى، فقد كشفت هذه الأمسية السينمائية عن طينة جديدة جيدة ومتميزة من السينمائيين المغاربة الشباب ممن يمتلكون لغة السينمائية حديثة ومتمكنة.. بإمكانها أن تحاور قضايا العصر من مختلف قنواته الاجتماعية و السياسية و النفسية والإنسانية عموما.. بأدوات تقنية فنية عالية وتصورات غنية.. تبرز من خلالها، بالتالي، الوجه الآخر من "المغرب السينمائي" الجديد.. وفي هذا الإطار فقد اطلع جمهور المركب الثقافي سيدي عثمان على نوع من أفلام " البسيكو دراما" تخللته لحظات قوية من مشاهد التشويق و الإثارة، عبر حكاية " اخترقتها" وقائع إجرام وقتل، لكن في الوقت ذاته حبلت بالكثير من الرسائل الإنسانية و السياسية و الاجتماعية من قبيل قضايا تحرر المرأة و حرية التعبير و التسامح الديني والوفاء و الإخلاص للوطن ، وكذا مسالة الإرث.. الشيء الذي وضح أن المخرج الشاب كانت له قدرة عالية على توظيف مجموعة من القضايا في عمل فني واحد.. بالرغم من أن هذا التوظيف كان عبارة عن " مسح" للقضية وليس تشريحا .. هذا، وقد عرفت أمسية النادي السينمائي سيدي عثمان إعلان رئيسه عبد الحق المبشور أن المحطة المقبلة من أنشطة هذا النادي الديناميكي ستقف عند أن أحد أعمال المخرج محمد إسماعيل الأخيرة ، وهو الفيلم السينمائي" ولاد لبلاد" الذي سيتم بمناسبة عرضه تكريم هذا المخرج الذي قدم الشيء الكثير للسينما الوطنية، كما أعلن المبشور بالمناسبة ذاتها أن الدورة المقبلة من ملتقى سيدي عثمان للسينما المغربية في شهر أبريل القادم، ستحمل اسم الفنان الكبير الراحل "محمد بصطاوي" وستسجل إقامة منافسة سينمائية بين الأفلام القصيرة ستخصص لها جوائز قيمة..