مرت أربعة أيام على انتهاء المهلة التي منحتها سلطات مراكش لأرباب المطاعم المتنقلة لإزالة الأكشاك التابعة لهم بساحة جامع الفنا، والتي ثُبتت بفضائها طيلة اليوم منذ تجديد هذه المطاعم. ولوحظ أن تنفيذ قرار الوالي محمد مفكر، القاضي بإزالة هذه الأكشاك في النهار والاكتفاء بالفترة المسائية لنصب هذه المطاعم وتقديم الوجبات بها، اقتصر على إزالة أغطيتها (الباش) مع الإبقاء على هياكل الأكشاك بمكانها طيلة اليوم، وهو ما لم يحمل أي جديد في مظهر الساحة، و لم يسمح لها باستعادة طابعها التاريخي كساحة مفتوحة، وليس كسوق تغطيه أروقة المطاعم طيلة اليوم . و كانت، فعاليات جمعوية معنية بمآل ساحة جامع الفنا ، قد حذرت من تأبيد حالة احتلال الساحة و تزييف طابعها و تحويلها إلى ما يشبه سوق عشوائي ، و طمس مظهرها الثقافي كفضاء تاريخي للفرجة . مثلما نبهت جمعيات لتجار الأسواق المحيطة بالساحة إلى أن الوضع الذي فُرض على جامع الفنا بتثبيت المطاعم بفضائها ، سيفتح الباب لتحويلها من مطاعم متنقلة إلى مطاعم ثابتة تقدم الوجبات طيلة اليوم ، الشيء الذي يمثل إضرارا كبيرا بقيمة الساحة ، مثلما يشكل حصارا على منافذ الأسواق المرتبطة بها . وتعاني ساحة جامع الفنا المصنفة كتراث شفوي للإنسانية من قبل منظمة اليونسكو، من تشوه كبير في مظهرها العام منذ عملية تجديد المطاعم المتنقلة التي تقدم الأطعمة في فضاء الساحة ليلا. وهي العملية التي خلفت صيغة تدبيرها و تنفيذها التباسات كثيرة سمحت بهذا الوضع الشاذ الذي حرم الساحة من طابعها كفضاء للفرجة . وضع جامع الفنا الحالي ، يثير استياء عشاقها و المدافعين عن طابعها كفضاء ثقافي حي ، و كمجال تاريخي للتراث الشفهي ، وذلك بعدما حوصرت الحلقة ، وضيّق الخناق عليها ، بسبب التوسع المسترسل لأكشاك تقديم المأكولات . مما حولها إلى فضاء للأكل و ليس فضاء للفرجة . بل إن التجديد الذي بادرت بإنجازه ولاية مراكش في عهد الوالي السابق من أجل تحسين هيئة هذه المطاعم و منحها رونقا محترما ، جاء ضد تطلعات المدافعين عن الساحة و الذين كانوا يلحون دائما على ضرورة تقليص المساحة المخصصة للمطاعم المتنقلة ، التي أضحى عددها في تزايد و المجال التي تحتله من الساحة في توسع، على حساب المجال المخصص للحلقة. و يعتبر الغيورون على الساحة، أنها في حاجة إلى وقفة حقيقية من قبل المسؤولين في مراكش ، من أجل رد الاعتبار لها ، وإعادة رونقها و قيمتها كتراث حي ، من خلال عمل متكامل ، يسمح بالتصدي لمختلف الشوائب والظواهر التي تخنقها و تشوش على جوهرها هذا، وفي مقدمة هذه الظواهر الاحتلال المفرط للملك العمومي، وظاهرة الباعة المتجولين، والمطاعم المتنقلة، وإيجاد البدائل الممكنة للشرائح المعنية بها ، و إعادة النظر في مخطط السير بها ،و بحمايتها من الاختناق ، وفي نفس الوقت بالحيلولة دون أن يتحول هذا المخطط إلى حصار متواصل للأحياء المجاورة للساحة و لساكنتها .