شغب التلاميذ ظاهرة تستحق المقاربة والمعالجة،ورغم خطورتها ،ورغم أن الجميع يشتكي منها،فإن تقريبا لا أحد (مسؤولين وتربويين ومجتمع...) يطرحها للنقاش العمومي المسؤول(المؤسساتي والإعلامي)،لمعالجتها وإيجاد الحلول الناجعة لها،وبالتالي المساهمة المواطنة والمسؤولة في إنقاذ تعليمنا وأبنائنا من الاختلالات والسلبيات التي قد تعصف بمستقبلهما ومستقبل المجتمع والوطن ككل. وعليه،سنحاول في هذه الورقة إثارة النقاش حول ظاهرة شغب التلاميذ خصوصا في سلك التعليم الثانوي التأهيلي، وقد عملنا على تشخيص الظاهرة من حيث تمظهراتها وأسبابها،ومحاولة إيجاد بعض الحلول القمينة بالقضاء عليها أو على الأقل الحد منها،وذلك بالاعتماد أساسا على آراء بعض التلاميذ(باك) والأساتذة (تراوحت أقدميتهم في التدريس بين 4سنوات و23سنة)والإداريين(عينة من حراس عامين وناظر) التي استطعنا الحصول عليها من خلال استمارة ذات أسئلة مفتوحة(لابد من الإشارة إلى أننا لم نقم ببحث بمعناه الأكاديمي المتعارف عليه،فقط كانت الغاية هي إثارة موضوع الظاهرة). تمظهرات الشغب يمكن إجمال بعض تمظهرات الشغب لدى تلامذة الثانوي التأهيلي في: -داخل القسم/الفصل الدراسي:التشويش على جو الدراسة من خلال:افتعال شجارات وتبادل العنف الكلامي بين التلاميذ،الكلام والضحك أثناء الدرس،قذف التلاميذ وأحيانا الأستاذ/ة (بأوراق وغيرها من المتاح)، واستعمال «الوولكمان»،استعمال الهاتف النقال وتشغيل الموسيقى أو بعض الرنات،إطلاق بعض الأصوات المثيرة للضحك،التحرش بالتلميذات و بالأستاذ/ة،التشنيع والاستهزاء بالأستاذ/ة بكلام مضحك أو مخل بالاحترام،عدم الانضباط الدراسي(لامبالاة،عدم إحضارالكتب والدفاتر وعدم الالتزام بتعليمات الأستاذ/ة(المشاركة،كتابة الملخصات،تهييء التمارين المنزلية...)،الكتابة المبتذلة على الطاولات والسبورة وجدران وأبواب القسم ،تخريب تجهيزات القسم،عدم الانضباط لأوقات الالتحاق بالقسم،افتعال أسباب واهية لعرقلة الدراسة والخروج من القسم(المرحاض،المرض...)،افتعال الاحتجاج على الأستاذ... -خارج القسم (ساحة المدرسة)الشجارات،الصراخ،التحرش بالتلميذات،مهاجمة الأساتذة والإداريين بالكلمات النابية والمثيرة للاستهزاء،عدم الانضباط لوقت الاستراحة،ولأوقات الدخول إلى المدرسة وإلى الأقسام،تخريب وإتلاف التجهيزات والمرافق المدرسية،الكتابة اللاأخلاقية على جدران المؤسسة ومرافقها... ماهي أسباب ظاهرة الشغب لدى التلاميذ؟ أسباب ظاهرة شغب التلاميذ بالنسبة لعينتنا من التلاميذ(من الجنسين) كانت كالتالي: - في القسم:عدم الاهتمام بالدراسة والوعي بأهميتها وغياب روح المسؤولية؛استغلال طيبوبة الأستاذ/ة؛عدم احترام الأساتذة؛سوء التربية من طرف الأسرة؛المعاناة من المشاكل الأسرية والاجتماعية؛الشعور بالملل والوحدة والتهميش والفراغ النفسي ومحاولة إثارة الانتباه لإثبات الذات؛الشعور بالفشل الدراسي ومحاولة التشويش على المجتهدين؛ضعف شخصية الأستاذ/ة؛غياب التواصل الإيجابي بين الأستاذ/ة والتلاميذ؛المعاملة القاسية والصارمة والمهينة للتلاميذ من طرف الأساتذة؛المعاناة النفسية لسن المراهقة. - خارج القسم(ساحة المدرسة):عدم احترام الآخرين وتقديرهم؛الشجار المرتبط بالدراسة؛الشجار حول ومع الفتيات؛عدم احترام قوانين المؤسسة؛اعتماد العنف والتخريب والكلام الفاحش لإثارة انتباه الآخرين وإثبات الذات ولعب دور البطولة؛عدم صرامة وتشديد الحراسة؛الشعور بحرية أكثر خارج القسم الذي يشكل «سجنا» ويمارس ضغطا على هذه الحرية؛اعتبار ساحة المدرسة مجالا لتفريغ المكبوتات؛الموقف العدواني من المؤسسة وأطرها. وبالنسبة لآراء الأساتذة في أسباب الظاهرة فإنها تتمثل فيغياب الرغبة والاهتمام بالدراسة؛عدم قبول المادة والتقويم؛عدم استجابة المقرر والمادة الدراسيين لاهتمامات وحاجيات وانشغالات التلاميذ؛ضعف المستوى وعدم استيعاب الدروس والشعوربالفشل الدراسي؛عدم كفاءة بعض الأساتذة واحترامهم للبرامج المقررة؛الاكتظاظ وظروف العمل المزرية في القسم؛الفروقات الفردية(السن،المستوى...)؛عدم الاهتمام بالمادة(حسب قيمة ونسبة معاملها وعلاقتها بالامتحانات الوطنية أو الجهوية)؛عدم احترام الأستاذ/ة؛ضغط ساعات الدراسة الكثيرة وثقل وتضخم وطول المقرر الدراسي؛غياب قيم الاحترام والواجب والالتزام والمسؤولية؛تراخي الأستاذ/ة وانفتاحه الزائد على التلاميذ؛عدم إحضار لوازم الدراسة(الكتب،الدفاتر...). أما أسباب ظاهرة شغب التلاميذ حسب الإداريين فتتمثل في ضعف المستوى وعدم القدرة على مسايرة الدروس والامتحانات والتكيف مع البرامج والمناهج لعدم فعاليتها وملاءمتها مع الحاجيات والاهتمامات النفسية والفكرية والاجتماعية للتلاميذ؛ضعف المستوى الحقيقي للانتقال من مستوى إلى لآخر؛انعدام الكفاءة البيداغوجية والتربوية لدى بعض المدرسين وضعف وعدم نجاعة الدورات التكوينية؛ضعف شخصية الأستاذ/ة؛التأثير السلبي للمشاغبين على بعض التلاميذ؛صعوبات وضعف التواصل بين الأساتذة والتلاميذ؛ التناقضات و المكونات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية الزائفة والهشة في علاقتها بمفهوم المدرسة والتي تعصف بأهداف ووظيفة المنظومة التربوية. أماخارج القسم ينعكس الشغب سوء التفاهم بين التلاميذ وعدم تشبعهم بقيم الحوار كآلية للتفاهم وحل المشكلات والخلافات؛الرغبة الخاطئة في تأكيد الذات وخصوصا من طرف الذكور أمام الإناث؛سوء معاملة بعض الإداريين والأعوان؛استقالة الأسرة (والمجتمع عامة)من أدوارها التربوية لأبنائها؛ضعف أو غياب الوظيفة التربوية لجمعية آباء وأولياء التلاميذ؛التساهل أوالتراخي في تفعيل الوظيفة التأديبية والتربوية لبعض مجالس المؤسسة؛قلة وعدم كفاية الأطر الإدارية والتربوية المكلفة بتأطير التلاميذ؛إفراغ المنظومة التعليمية من أدوارها التربوية والتأطيرية. كيف نقضي على ظاهرة الشغب كانت إجابات التلاميذ تتلخص في إحداث أو انعقاد مجلس مشترك بين الأطر التربوية وأولياء التلاميذ من اجل تطويق الظاهرة ومعالجتها؛إعطاء حصص في التوعية والتحسيس بأخطار الشغب على المشاغبين والتلاميذ عامة؛حنكة الأستاذ في التعامل مع الظاهرة؛التواصل الإيجابي والمتفهم للأستاذ/ة؛تخصيص فضاءات وأنشطة تربوية لاستثمار حاجيات وطاقات التلاميذ بشكل إيجابي(إثبات الذات،حب الظهور...)؛ معاقبة المشاغبين؛الاحترام المتابدل بين الأستاذ/ة والتلاميذ؛ضرورة انضباط التلاميذ وتوعيتهم بأهمية الدراسة ومصلحتهم؛التواصل مع الأسرة؛القضاء على الأسباب الحقيقية للشغب؛إلحاق خبير أو مستشار اجتماعي او نفسي بالمؤسسة لمعالجة هذه الظاهرة وغيرها؛فرض قوانين داخلية للمؤسسة يساهم في صياغتها التلاميذ أنفسهم والعمل على احترامها وتطبيقها. أما بالنسبة للأساتذة:تحبيب المدرسة للتلاميذ وجعل فضاءاتها جذابة وتحقق رغباتهم وحاجياتهم من خلال الأنشطة الموازية(قاعات متعددة التخصصات،أندية،أنشطة رياضية وفنية وثقافية..)؛تربية التلاميذ على القيم الإجابية(المسؤولية،الاحترام...)؛تعبئة الأسرة والمجتمع عامة(وزارة،إعلام،مجتمع مدني...) للقيام بادوار التوعية والتحسيس والتربية على القيم الإيجابية للأطفال والناشئة عامة؛توفير العدد الكافي من الأطر التربوية والإدارية والذي يوازي عدد التلاميذ بالمؤسسة؛إعادة النظر في الإيقاعات الزمنية وعدد ساعات الدراسة لتكون ملائمة لظروف العمل والدراسة الجيدين؛اتخاذ قرارات صارمة في حق المشاغبين؛توفير الأمن الضروري داخل المؤسسة وفرض واحترام هبة المؤسسة التربوية؛ضرورة إعادة النظر في طريقة توزيع التلاميذ على الأقسام (يجب أن يتراوح عددهم في القسم الواحد بين 20 و30 تلميذا) لأن الاكتظاظ مرتع خصب لتنامي ظاهرة الشغب ويصعب معه ضبط ومراقبة التلاميذ في القسم وبالأحرى خارجه؛توفير أنشطة تلائم المرحلة العمرية والنمائية للتلاميذ؛إعادة النظر في المناهج وفي تضخم البرامج والمقررات حيث تصيب التلاميذ بالعياء والملل؛توزيع الحصص الدراسية بشكل يلائم كل مادة دراسية؛ضرورة معاملة التلاميذ بالاحترام اللازم؛إلزام التلاميذ باحترام القانون الداخلي للمؤسسة؛ضبط مواقيت الدخول والخروج؛عدم الانفتاح الزائد على التلاميذ؛ضرورة صرامة الحراسة العامة والتعامل الحازم مع من يخل بالنظام والسير العادي للمؤسسة؛مساعدة المدير للحراسة العامة؛إلزام التلاميذ بالوزرة واللباس المحترم. - رأي الإداريين:إشراك محيط المدرسة(الأسرة،المجتمع المدني،الإعلام...) لتطويق ومعالجة الظاهرة،من خلال تكثيف أشكال التواصل،و الأندية والشراكات والأنشطة التوعوية والتحسيسية...أنشطة مدرسية موازية ذات بعد تحسيسي وإبداعي... والتربية على القيم والسلوك المدني ؛التعاون بين الأطر التربوية والإدارية للحد من خطورة الظاهرة؛تعميم إطار المساعد الاجتماعي والنفسي على المؤسسات التعليمية؛المعالجة المجتمعية للظاهرة من خلال مشاريع مركبة ومتعددة الأبعاد والتدخلات وربط المدرسة بالمجتمع؛إعادة النظر في المشروع المجتمعي ككل والبرامج والمناهج المدرسية من خلال التركيز على البعد القيمي والتربوي. باحث تربوي