يرى جان بيار فيليو، وهو أحد أبرز الخبراء الفرنسيين في شؤون تنظيم «القاعدة» وأستاذ علوم سياسية في معهد الدراسات السياسية في باريس، أن تنظيم «القاعدة» في الصحراء قد لا يملك أكثر من كتيبتين كثيفتي الحركة، تضمّ كل منهما مائة وخمسين رجلاً، وتدير إحداهما عملياتها في شرق المنطقة، فيما تعمل الثانية في الغرب. ويسود الظن بأن «الأمير دروكدال»، وهو ناجٍ مخضرم من الحرب الأهلية القاسية التي شهدتها الجزائر في التسعينات من القرن الماضي، اتخذ مقراً له في مكان ما في جنوبالجزائر. وتستنبط هاتان الكتيبتان التابعتان لتنظيم «القاعدة» قوّتهما وفاعليّتهما في شكل أساس من الصفقات التي تبرمانها مع العصابات في المنطقة، التي تهرّب المخدرات والأسلحة والسجائر والمهاجرين غير الشرعيين. وهما تتبادلان الخدمات مع هذه العصابات التي تعمل أحياناً على خطف الأجانب وعلى تسليمهم إلى تنظيم «القاعدة». ويشرح فيليو قائلاً إنّه «في حين أن تنظيم «القاعدة» يطوّع جنوداً مشاة قادمين من الدول الأفريقية التي يعمل فيها، ينتمي المسؤولون الكبار في التنظيم إلى الإسلاميين الجزائريين الذين ازدادوا قسوةً في أعقاب الحرب الطويلة ضد النظام الجزائري في التسعينات». عندما فاز حزب إسلامي هو «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» بالجولة الأولى من الانتخابات في الجزائر، ألغت الحكومة النتائج. وتأتى عن ذلك في العام 1992 ظهور «الجماعة الإسلامية المسلّحة» التي كرّست اهتمامها لإطاحة الحكومة واستبدالها بدولة إسلامية عبر اللجوء إلى الانتفاضة المسلّحة. وفي الفترة الممتدّة بين العامين 1992 و1999، كانت «الجماعة الإسلامية المسلحة» مسؤولة عن مقتل ألف شخص على الأقل، وعن عدد مماثل من الجرحى، مع الإشارة إلى أن فرنسا، شأنها شأن بريطانيا وكندا، أدرجت هذه الجماعة على لائحة الإرهابيين لديها. وفي العام 1998، انفصلت مجموعة من المقاتلين عن «الجماعة الإسلامية المسلحة» بحجة أن تكتيكها بالغ العنف، وأسّست «الجماعة السلفية للدعوة والقتال». ويشير الواقع إلى أن الانشقاق ربما حصل بنتيجة نزاع على السلطة في أوساط الزعامة. إلا أن تطوراً دراماتيكياً حصل في العام 2007، عندما أعلنت «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» ولاءها لأسامة بن لادن وبدّلت اسمها إلى «قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي»، المعروفة أكثر باسمها الفرنسي وقامت المهمة التي فوضها بها بن لادن على مهاجمة المصالح الفرنسيّة. وتجدر الإشارة إلى أن «قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي» تدير عملياتها في منطقة قليلة السكان تمتد على مساحات شاسعة بحجم أوروبا تمرّ بموريتانيا وشمال مالي والنيجر وتغور في اعماق جمهوريّة تشاد. ولا شك في أن اتساع مدى الصحراء والأرض المقفرة يسمحان بالتحرك السريع لوحدات «القاعدة» ويَحُولان دون رصدها وتدميرها. ويقال إن زعيم القاعدة في موريتانيا منذ العام 2005 هو رجل يعرف باسم بن مختار، ويسود الظن بأنه مسؤول عن الهجمات على سياح فرنسيين في دجنبر، وعن هجوم على السفارة الفرنسية في نواكشوط في العام 2009. أما نظيره في النيجر وفي شمال مالي، فيُعرَف باسم أبي زيد، وهو زعيم معروف بجرأته ووحشيته. وهو من احتجز جيرمانو في الأسر حتّى لحظة وفاة هذا الرجل الفرنسي. وفيما عدا ثلاثمائة مقاتل تابعين لقاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي» في الصحراء الكبرى، يقال إن الجزائر تضمّ سبعمائة مقاتل آخرين، وهم يستمرّون في مضايقة النظام. وتشير بعض التقديرات إلى أنه منذ مطلع العام، تسبّبت مكامنهم بأكثر من ثمانين ضحية بين قوى الأمن الجزائرية والوحدات التي تساعدها في العمل. ومنذ عام 2005، تمّ اختطاف أكثر من مائة وخمسين شخصاً، وأطلق سراح عدد كبير منهم مقابل تسديد فدية.