الاشهار و التأصيل : يحاول الإشهار تأصيل منتوجاته في الطبيعة و التراث، حيث يصير المنتوج مثالا للأصالة .. من سبعين سنة ...من قرون ... من شجرة الزيتونة العتيقة إلى منتوج زيت للبيع ..ليشير إلى الأصالة و التعبير عن الثقافة المغربية عبر التاريخ ، و يصرح بأن المهم هو استمرار التقاليد .. ويوظف الإشهار العادات و التقاليد المغربية و يحتفل بالأعياد الدينية و خاصة بشهر رمضان ليس باعتباره شهرا للصوم و لكن باعتباره شهرا يتزايد فيه الاستهلاك ، فيقدم بالمناسبة مجموعة من الوصلات الاشهارية عامرة بالتهاني و التبريك بحلول هذا الشهر، إلى الجمهور المشاهد بلباقة و أدب مبالغ فيه في بعض الأحيان : كا نتمنى ليكم شهر رمضان مبارك بالصحة شهر الخير يجمعنا مبروك عليكم رمضان .. كما يوظف الإشهار بعض الرغبات والاعتقادات الاجتماعية كشكل الكف الخميسة كواق من للشر و الحسد و العين : يهديك خميسة ديال الذهب كايهديك سلسلة و خميسة ديال الذهب توظيف القدرات التواصلية للحكاية : و فطنت الشركات إلى الأهمية التواصلية للحكاية الشعبية و قدرتها الخاصة على التأثير على المتلقي ، فوظفت سرودها و رموزها في تسويق عدد من منتجاتها، فالحكاية توفر صورا و رموزا قابلة للاستثمار في استقطاب المستهلك كشكل من أشكال التواصل المحبوبة و المألوفة لدى الناس .. و أهمية الحكاية أنها توهم بالواقع فتدمج المتلقي و المنتوج في وضعيات و مواقف حياتية مشابهة تظهر فيه أهمية المنتوج ، و حاجة الذات إليه للتحقق و الاكتمال والنجاح و السعادة التي ينشدها الجميع .. و يوظف الإشهار فضاءات الحكاية سواء افتتاحيتها فكان يا ما كان حتى كان متداولة فيه و لا أحد يؤدي عنها شيئا.. أو صورها و رموزها كتقنية من تقنيات التواصل الجماهيري لكون هذه الصور و الرموز منغرسة في المتخيل الجمعي ، كصورة الجزيرة الفردوسية التي تتكون من بساتين و قصور و فواكه مشتهاة ، تلك الصورة المتخيلة في الأساطير و الحكايات و الأحلام الجمعية التي تشكل الفضاءات البهيجة و توظفها سياحة ما فوق خمسة نجوم ووصلات الإشهار التي تعد بمثل هذه الفضاءات الفردوسية . الإشهار و التحول الأسطوري : و.في سياق توظيف الإشهار لعناصر التحول في الأسطورة و الحكاية و الحلم لما لها من تأثير سحري نجد عددا من الصور المتخللة في الوصلات الاشهارية : فها هي سيارة في إشهار في الصحافة المكتوبة ، ورائها تنين يقذف النار ، و هاهي ليمونة تتحول في غصنها إلى علبة عصير ...و ها هي سيارة تخرج من البحر و تتحول إلى أسد ..و هذا أسد يتجول حتى يصل الى المنتوج و يربض .. و كأن المنتوج يستند قوته من تلك الرموز التي تأهل المتخيل الجمعي .. و يوظف الاشهار بعض المظاهر العجائبية المستقاة من الحكاية الشعبية كتوظيف الخاتم السحري الذي يحقق الأمنيات : شبيك لبيك جوج مليون و نص بنيديك ... وتسخير الجني لخدمة المستهلك ، فهذا جني يحقق الأمنيات بتوفير المنتوج المطلوب و إنقاذ المستهلك من ورطة تواصلية ، و هذا مارد أخر يقوم بتنظيف الدار في رمشة عين بواسطة المنتوج تخليصا لربة البيت من ملاحظات أم زوجها .. البطل الشعبي في الإشهار : يستفيد الإشهار من التركيب السردي للحكاية ، لكنه يمحورها بحيث يجعل البطل الأسطوري هو ذلك المنتوج الذي يرمي الترويج له و يجعل الجمهور يقبل على استهلاكه ... و يزوده بكل معاني البطولة بحيث يكون هو الذي يحقق التحول السعيد في حياة الشخوص .. حارب المنتوج وحوشا و غيلانا سوداء تهدم في أسنان الصغار من أجل أن يعلن نفسه بمباركة خاصة بطلا لا يشق له غبار في القضاء على الأمراض الفتاكة بالبياض ..و خرج المنتوج على طريقة الكوبوي فأباد ما أباد من الكائنات المعتمة حتى المختبئ تحت الحيطان .. إن المنتوج هو البطل الحقيقي للحكاية الاشهارية و للحياة المفترضة ، فهو الذي ينقل الشخصيات من حالة الانفصال إلى حالة الاتصال ، فيحول الألبسة المتسخة و الزوجة القلقة ، إلى ثياب نقية و زوجة راضية في النهاية .. و بفضله يتحقق الانتعاش التام و الجماعي في الجو الحار ،و تتحول الزوجة الحزينة التي تعاني من مشاكل في المطبخ إلى زوجة فرحة يترضي عنها زوجها و أسرتها .. و يتحول الرجل الوحيد الذي لا يستطيع العثور على شريكة حياة إلى رجل سعيد و يحصل على رفيقة جميلة .. و يتحول الأكل الرديء إلى أكل جيد و ينقذ المرأة من الحرج التي تشعر به .. وبتأثيره السحري تتحول حالة النفور التي يعاني منها الشخص إلى حالة إقبال .. و يتحول الشعر الرديء التي يولد المهانة و السخرية لدى الآخريات ، إلى شعر جيد يضمن تميز صاحبته ويساعدها على تحقيق مرادها أو الظفر بزوج .. هكذا فالترسيمة السردية في الإشهار تتم عن طريق عرض الوضعية البدئية التي تتميز بالانفصال عن الراحة و السعادة ، و جعل التحول الى الوضعية النهائية السعيدة يتحقق بفضل تدخل المنتوج البطل الذي ينقل الشخوص من الشقاء والحرج إلى الراحة و الانتعاش الداخلي و الخارجي ، و الخفة و السعادة .. خاتمة : هكذا يستثمر الخطاب الإشهاري التراث الطبيعي والثقافي ، و يمتح من جمالية الموروث الشعبي المغربي ، ويوظف غناه الرمزي و التخييلي ليقنع المتلقي بقيمة منتجاته، فماذا لو سعى في المحافظة على هذا التراث و ساهم إلى جانب الجامعة في تصحيح وضعه الاعتباري ..