طالبت لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالأممالمتحدة الحكومة المغربية بالوفاء بالتزاماتها فيما يتعلّق بالحدّ من اللاّ مساواة في ولوج الأطفال إلى المدرسة، وذلك بعد أن دقّت جمعيات مغربية ناقوس الخطر، إثر إغلاق 191 مؤسسة تعليمية عمومية بالمغرب ما بين 2008 و2013. وقد راسلت اللجنة المذكورة المغرب من أجل تنبيهه إلى ما اعتبرته تطوّرًا غير متحكم به فيما يخصّ التعليم الخصوصي، ممّا أدى إلى توسيع مظاهر الاختلال في ضمان حق أطفال المغاربة في التمدرس، وذلك بناءً على تقرير الجمعيات المغربية التي راسلت الأممالمتحدة من أجل التدخل للحدّ من نزيف المدرسة العمومية بالمغرب. وقد جاء في التقرير الذي أرسلته الجمعيات المغربية إلى لجنة الأممالمتحدة أن عدد التلاميذ المسجلين بالقطاع العمومي انخفض بشكل واضح عام 2014 مقارنة مع عام 2000، مشيرًا إلى أن نسبة التعليم الخصوصي تصل بمنطقة القنيطرة-الدارالبيضاء إلى ما بين 35% و50%. كما تحدث التقرير عن أن رسوم التمدرس بالمؤسسات التعليمية الخاصة غير مقننة وتتراوح نسبتها بالدارالبيضاء بين 400 درهم و5000 درهم في السلك الابتدائي فقط، رغم أن الدخل الشهري المتوسط في المغرب يتوقف عند حدود 3500 درهم، مبرزًا أن أسر الدارالبيضاء تنفق في المتوسط 31 ألف درهم سنوياً لتمدرس أبنائها في القطاع الخاص. "منذ 15 سنة، والحكومات المغربية المتعاقبة تشجع التطوّر الحاصل في قطاع التعليم الخصوصي، وهو ما انعكس على أرقام التلاميذ في هذا القطاع، إذ انتقلت من 4% من مجموع المتمدرسين عام 1999 إلى 15% عام 2015" يقول سيلفان أوبري، عن مركز البحث في المبادرات الدولية للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. ويضيف أوبري في حديث مع جريدة "لوموند" الفرنسية أن السلطات المغربية هي من تعمّم فكرة أن التعليم الخصوصي أفضل وأحسن من التعليم العمومي، رغم أن الفكرة غير صحيحة، حسب رأي الباحث، متابعًا أن الدولة المغربية تريد التقليص من أدوارها وترمي بالثقل نحو القطاع الخاص، معتقدة أنه يقدم حلولًا ناجعة لمشاكل التعليم التي لم تستطع إصلاحها. ويزيد أوبري في القول إن المغرب يريد تطويرًا أكبر للتعليم الخصوصي عبر مشروع قانون يهدف إلى عقد شراكات بين القطاعين العام والخاص اعتمادًا على نموذج دولة الشيلي، رغم أن هذا النموذج الليبرالي لم يطوّر جودة التعليم، بل ساهم في تفاوتات كبيرة، وهو ما اكتشفته السويد التي كانت تريد العمل كذلك بالنموذج نفسه. ويشرح أوبري أكثر أن النظام التعليمي المغربي يتيح للأسر الغنية تدريس أبنائها في مؤسسات عالية الجودة دون أن يشكّل لها ذلك أيّ عائق، بينما تعاني الأسر الفقيرة كي ترسل أبناءها إلى مدارس خصوصية لا تتوّفر على الجودة المطلوبة أو إلى مدارس عمومية عندما لا تجد بدًا عن ذلك، وهو ما يسمح بنجاح أبناء الأغنياء واستمرار معاناة الأسر الفقيرة. ومن بين الجمعيات التي أعدّت هذا التقرير، هناك الائتلاف المغربي من أجل تعليم للجميع، والفدرالية الوطنية لآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب، وفرع المبادرة العالمية من أجل الحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحركة أنفاس الديمقراطية، وأطاك المغرب، والاتحاد الطلابي لتغيير النظام التعليمي، وبيتي، وجمعية زاينو.