قالت المنظمة الدولية للهجرة، أمس الاثنين، إن أزيد من 351 لاجئ، غالبيتهم سوريون، تمكنوا من الهجرة سرا إلى أوربا، منذ بداية شهر يناير 2015، من بينهم 2643 قضوا غرقا في مياه البحر الأبيض المتوسط. وأضافت المنظمة، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، أنه تم تسجيل، في هذه المرحلة، 60 في المائة من طالبي اللجوء، ما يعني ارتفاع معدل طالبي اللجوء مقارنة مع العام الماضي، في الوقت الذي لا يزال النزاع السوري مستمرا. ويشكل المواطنون السوريون أكبر مجموعة من اللاجئين طالبي اللجوء إلى أوروبا، متقدمين بفارق كبير على الأفغان والإريتريين والنيجيريين على وجه الخصوص. ووفقا للأمم المتحدة فإن نسبة السوريين الذين يحاولون العبور إلى القارة الأوروبية، لا تمثل سوى جزء صغير من أولئك الذين أجبروا على الفرار من منازلهم، حيث معظمهم يفضل البقاء في المنطقة. وخلفت أربع سنوات من الحرب الأهلية في سورية 75 ألف نازحا وأربعة ملايين لاجئ، من بينهم ثلاثة أرباع وجدوا ملجأ لهم في الدول المجاورة. ووفقا لإحصاءات صادرة عن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإنه يوجد بتركيا نحو 1,8 مليون لاجئ وهو ما يمثل 2,3 بالمائة من السكان، و1,2 مليون في لبنان، يمثلون ربع الساكنة، وما يصل إلى 63 الف في الأردن (10 في المائة). وفي هذا السياق، أعربت الوكالات الإنسانية للأمم المتحدة عن اسفها لعدم اكتراث المجتمع الدولي وتردده في دعم اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط. وبرأي الخبراء فإن حالات الفوضى المسجلة على نطاق واسع في بعض بلدان الشرق الأوسط، تذكي نشاط الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم الجماعة المتطرفة "داعش" وأيضا مافيا التهريب. وكان المفوض السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو كوتيريز أكد أن الأزمة الحالية تتطلب "بذل جهد مشترك هائل، غير ممكن تحقيقه مع المقاربة التجزيئية التي يتم نهجها حاليا"، داعيا إلى توزيع ما لا يقل عن 200 ألف طالب لجوء في الاتحاد الأوروبي. وبالنسبة لغوتيريز فإن الأمر يتعلق بأزمة لاجئين وليس مجرد ظاهرة هجرة، بالنظر إلى أن الغالبية العظمى منهم يأتون من مناطق نزاع مثل سورية أو العراق أو أفغانستان. من جهة أخرى أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس أن بلاده ستستقبل 24 ألف لاجئ في السنتين المقبلتين. وأوضح هولاند في ندوة صحفية أن الأزمة التي نجمت عن تدفق اللاجئين على أبواب الاتحاد الاوروبي "يمكن السيطرة عليها"، مضيفا أن المفوضية الاوروبية ستقترح توزيع 120 ألف لاجئ على دول الاتحاد الاوروبي في السنتين المقبلتين ، حيث ستكون حصة فرنسا 24 ألف لاجئ. وتعارض أغلبية الرأي العام الفرنسي استقبال مهاجرين أو لاجئين إضافيين بحسب استطلاعات الرأي. ودافع الرئيس الفرنسي عن اقتراحه المشترك مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إقامة "آلية إلزامية" لتوزيع طالبي اللجوء على دول الاتحاد الاوروبي، مشددا على الحاجة إلى الذهاب ابعد من ذلك. وانتقد هولاند ضمنيا المجر التي أقامت سياجا على حدودها مع صربيا لمنع دخول المهاجرين، ودولا أخرى في أوروبا الوسطى رفضت استقبالهم. وخلص الرئيس الفرنسي إلى انه سيقترح عقد مؤتمر دولي حول اللاجئين وأبدى استعداد باريس لاستضافته، من دون تحديد موعد له. وفي ألمانيا قالت المستشارة أنغيلا ميركل، إن التدفق الكثيف للمهاجرين "سيغير" ألمانيا، متعهدة بالعمل على أن يكون هذا التغيير "ايجابيا" للبلاد. وأبرزت ميركل، في تصريح للصحافة، أن "ما نعيشه هو أمر سيشغلنا في السنوات القادمة وسيغير بلادنا، ونريد أن يكون هذا التغيير ايجابيا ونعتقد أن بوسعنا تحقيق ذلك". وبعد أن تحدثت عن نهاية أسبوع "مذهلة ومؤثرة"، شهدت وصول حوالي عشرين ألف لاجئ جاء عدد كبير منهم من سورية، عبرت المستشارة الالمانية عن "ارتياحها لان المانيا أصبحت بلدا يربطه الناس بالأمل وهذا أمر ثمين جدا إذا نظرنا إلى تاريخنا". وعبرت عن قناعتها بأن ألمانيا ستتمكن من استقبال اللاجئين الذين يصلون بالآلاف واستيعابهم، ودعت الاتحاد الأوربي لبذل جهود إضافية في هذا الصدد. وقالت "لن ننجز هذه المهمة إلا عن طريق التضامن الاوروبي". من جهته، أكد نائب المستشارة وزير الاقتصاد الاشتراكي الديموقراطي سيغمار غابرييل في تصرحي مماثل أنه "لا يمكن أن تكون ألمانيا والنمسا والسويد الدول الوحيدة التي تستقبل لاجئين". وكانت الحكومة الائتلافية الألمانية برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل، قد أعلنت عن تخصيص مبلغ 6 مليارات أورو كمساعدات للتصدي لموجة من المهاجرين القادمين إلى ألمانيا. وذكر بيان للائتلاف الحاكم أنه سيتم إدراج نحو ثلاثة مليارات أورو في ميزانية سنة 2016 لتمويل مصاريف الحكومة بهذا الصدد، ومنها دفع إعانات اجتماعية لطالبي اللجوء، كما ستخصص ثلاثة مليارات أخرى لمساعدة الولايات والحكومات المحلية على مواجهة التدفق القياسي للاجئين والمهاجرين. وقرر زعماء الائتلاف الحاكم أيضا، بعد اجتماع استمر أكثر من خمس ساعات وانتهى فجرأمس، اتخاذ تدابير أخرى بينها التعجيل بإجراءات اللجوء وتسهيل بناء ملاجئ للاجئين. في غضون ذلك تعرضت الولاياتالمتحدة لمزيد من الضغط لمساعدة أوروبا على توفير ملاذ لفيضان المهاجرين الفارين من الحرب والفوضى لكن واشنطن لم تظهر أي بادرة على أنها تعتزم قبول أعداد أكبر من المهاجرين. ودعا ديفيد ميليباند رئيس لجنة الانقاذ الدولية ووزير الخارجية البريطاني السابق الولاياتالمتحدة على إبداء "ذلك النوع من القيادة الذي تبديه أمريكا في مثل هذه القضايا". وقال ميليباند "كان للولايات المتحدة دائما دور قيادي في إعادة توطين اللاجئين لكن (استيعاب) 1500 شخص على مدى أربع سنوات يمثل مساهمة ضئيلة للغاية في معالجة الجانب الإنساني لهذه المشكلة." ولم يبد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي في مقابلة مع رويترز أي مؤشر على أن الولاياتالمتحدة ستزيد بشكل كبير عدد المهاجرين الذين تسمح لهم بدخول البلاد. وأشار كيربي إلى المساهمة الأمريكية بأربعة مليارات دولار لإغاثة اللاجئين وأعاد التأكيد على موقف إدارة الرئيس أوباما فيما يتعلق بالمخاوف الأمنية. وقال كيربي "هناك عملية تدقيق مهمة للقادمين من سوريا يتعين علينا أن نتبعها". وأضاف ان إدارة أوباما على اتصال مع الحلفاء الأوروبيين وتبحث مختلف الخيارات. وتريد السلطات الأمريكية منع تسلل متشددين من تنظيم الدولة الإسلامية أو القاعدة إلى الولاياتالمتحدة كلاجئين. لكن هناك مخاطر للتشبث بهذه السياسة وعدم القيام بدور أكثر فاعلية في مساعدة أوروبا. وأقر مسؤول أمريكي آخر طلب عدم نشر اسمه بأنه في ضوء الصور المروعة لمحنة المهاجرين فإن واشنطن قد تواجه مشكلة في صورتها الدولية لسماحها بدخول عدد محدود من المهاجرين مقارنة بالدول الأوروبية. ومنذ اندلاع الصراع في سوريا أوائل عام 2011 سمحت الولاياتالمتحدة بدخول 1500 لاجئ من هناك غالبيتهم العظمى هذا العام. وقال كيربي إن زهاء 1500 لاجئ آخر يمكن السماح لهم بالدخول بحلول نهاية عام 2015 وربما عدد أكبر العام القادم. وقال مايكل اجناتييف وهو قيادي سابق بالحزب الليبرالي في كندا والذي يعمل حاليا استاذا بكلية كنيدي بجامعة هارفارد في مقال بصحيفة نيويورك تايمز إن الولاياتالمتحدةوكندا ودول الشرق الأوسط كلهم مخطئون في اعتقادهم بأن الأزمة مشكلة أوروبية. وأضاف ان الولاياتالمتحدة عليها مع حلفائها مسؤولية أمام اللاجئين السوريين -الذي يقدر عددهم بأربعة ملايين منذ اندلاع الحرب الأهلية في بلادهم- نظرا لأن هذه الدول تسلح المعارضة السورية وتقاتل تنظيم الدولة الاسلامية في بلادهم. وكتب اجناتييف قائلا "إلقاء اللوم على الأوروبيين هو تنصل من المسؤولية كما أن باقي أعذارنا مثل عدم امتلاك اللاجئين لوثائق هجرة صحيحة أمر مقزز."