في صبيحة يوم الثلاثاء 18 /01/2011 لبى داعي ربه المشمول برحمته الدكتور حمو دودو عن عمر يناهز 78سنة، وشيع جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير بعد ظهر نفس اليوم، لم يكن تشييع جنازة فقيدنا مجرد طقس عادي لمواراة جثمان في قبر، بل كانت فوق ذلك عبارة عن وقفة وفاء وامتنان لرجل عز مثيله، وقفة هبت من أجلها جموع حاشدة شملت ساكنة المدينة والإقليم و ضمنهم المسؤولون المحليون و الإقليميون. فقد كان الفقيد نموذجا بعطائه وبسلوكه المهني، من ذلك الصنف من الأطباء ذوي النزعة الإنسانية الذين كرسوا حياتهم لخدمة الإنسان أينما كان، واسترخصوا من أجل ذلك كل غال ونفيس، فمثلهم لم يجعل الفقيد رفاهه الشخصي، وما يستوجبه من كسب مادي، من ضمن أولوياته، وعلى شاكلتهم فضل لأداء واجبه المهني مدينة هامشية لا توفر له بحكم وضعها، أدنى ما توفره طبيعة مهنته من إمكانيات العيش المرفه، حيث أنه فضل مسقط رأسه فكيك على مدينة كالدارالبيضاء بكل ما توفره هذه المدينة الكبيرة من فرص ومن مغريات، و كان قد حصل على رخصة لممارسة مهنته فيها، كما أن الفقيد ظل مثل بعضهم ، مستميتا في أداء واجبه إلى آخر رمق من حياته، حيث أنه لم يتوقف عن العمل واستقبال مرضاه في مقر عمله رغم معاناته ولسنوات من مرض عضال من شأنه بحكم ذلك أن يقعده عنه منذ أن استحكم به المرض. لذلك فإن فكيك قد فقدت بوفاة (مو دودو) أحد أبرز رموزها، لكونه كان يشكل في هذه المدينة كشخص وكطبيب مؤسسة اجتماعية و صحية قائمة الذات، وكان بذلك يشكل باستمرار عنصر اطمئنان لساكنتها كلما اختل التأطير الصحي فيها. لقد كان مسار حياة الفقيد مسارا متصلا من الكد ومن النضال: فبعد أن أنهى دراسته الابتدائية في مدرسة النهضة التي كانت ثمرة لروح التحدي التي اتسمت بها مواجهة الساكنة للسلطة المحتلة في عهد الحماية، وكان هو ذاته عنصرا فاعلا في هذه المواجهة، اتجه لإتمام دراسته إلى الدارالبيضاء، وبعدها إلى سوريا، ثم إلى يوغسلافيا حيث ختم مشواره الدراسي باكتسابه صفة طبيب وفيها كون عائلته الصغيرة، قبل أن يعود إلى بلده ثم إلى مسقط رأسه، حيث كان عليه لكي يمارس مهنته وفق ما يمليه عليه ضميره، أن يغالب مختلف الضغوط والمضايقات بل والمؤامرات التي كان يتعرض لها من طرف بعض رجال السلطة في الفترة الموسومة بسنوات الرصاص. وبهذه المناسبة الأليمة نتقدم بتعازينا الحارة إلى والدته وإلى أبنائه وبناته: محمد و فاطمة وياسمينة و جمال، وإلى أحفاده، كما نتقدم بها إلى إخوانه وأخواته: محمد و مبارك وفاطنة وفاطمة وأمينة،. راجين من الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنانه وأن يلهم ذويه جميل الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.