«ألا عِمْ صَبَاحاً أيّهَا الطّلَلُ البَالي»، مطلع قصيدة لأمرؤ القيس، يحيي فيها الأطلال البالية والمتلاشية، وهي اللازمة التي يبدأ بها كل شعراء ما يسمى بالجاهلية، قصائدهم، التي تتراوح بين البكاء على الأطلال والغزل. ويبدو أن وكالة الأنباء الفرنسية، أصبحت تعشق الأطلال البالية. لذلك عندما تعرضت لموضوع الجدران في الصحراء، تعاملت معه بنوع من الخيال الشعري، ولم تفرق بين الجدران العازلة، مثل تلك التي تقسم الأراضي الفلسطينية، والجدار الذي أقامه المغرب، بحثا عن السلم. ولتذكير «المهني» الفاشل، الذي أعد التقرير الذي نشرته الوكالة عن الجدران العازلة في العالم، فإن الجدار الذي بناه المغرب، ليس جدارا عنصريا أو سياسيا يعزل بين السكان، بل خطا عسكريا، مكونا من كثبان رملية من أجل مواجهة الهجمات المسلحة، التي تأتي من بلد آخر هو الجزائر. تم بناء هذا الجدار، بعد توالي الهجمات المسلحة، من طرف قوات البوليزاريو، المسلحة من طرف الجيش الجزائري، الذي يوفر لها المال والوقود، والأهم من ذلك، التخطيط، في إطار حرب بالوكالة، ضد المغرب. وقد كلفت هذه الحرب أرواحا من الجانبين. غير أنه بعد بناء الجدار، توالت هزائم البوليزاريو، لأن القوات المسلحة الملكية، وضعت مخططا لحماية التراب المغربي، لمنع تسلل المرتزقة الذين كانوا يهاجمون القوات الحامية لهذه الأراضي، وتوفير تدخل سريع وناجع للوحدات المغربية، التي سحقت قوات البوليزاريو، وفرضت عليها الإعلان الأحادي الجانب عن وقف إطلاق النار، أو بلغة أخرى، الاعتراف بالهزيمة العسكرية. وكان دور الجدار حاسما في تغيير موازين القوى، مما سمح بحقن الدماء من الجانبين، خاصة وأن المعارك الأخيرة التي خاضها البوليزاريو ضد المغرب، كبدته خسائر فادحة في الأرواح ، مما أثار ردود فعل قوية في مخيمات تندوف، حيث طالب السكان بالكف عن تقديم أبنائهم وقودا لحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل. فالجدار العسكري، الذي هو عبارة عن خط دفاع متقدم، تحول إلى عامل أساسي في السلم، وأرغم الجزائر والبوليزاريو على اللجوء إلى أسلوب آخر، وهو المناورات الديبلوماسية وتكثيف الدعاية الإعلامية، ومن بينها الترويج بأنه جدار عازل يفصل بين «سكان شعب واحد»، وهو ما تلقفته وكالة الأنباء الفرنسية وأعادت نشره. كثيرة هي الصور المتخيلة، التي تنتشر في الإعلام الغربي عن الصحراء، والتي هي من صنع المخابرات الجزائرية وانفصاليي البوليزاريو، الذين بعد أن هزموا عسكريا وسياسيا، لم يبق لهم سوى البكاء على الأطلال.