كشفت مصادر مطلعة أن الحكومة تستعد لرفع الدعم عن مادة السكر بداية من يناير القادم ، إذ من المرجح أن يتضمن مشروع القانون المالي 2016 الذي يجري حاليا وضع اللمسات الأخيرة عليه، مقتضيات تسير في اتجاه تخلي الدولة نهائيا عن دعم مادة السكر التي ظلت تدعمها لعقود من الزمن، حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين، قبل أن تقرر الحكومة الحالية ، في سياق سياسة التقشف التي تنهجها ، وضع حد لهذا الدعم تحت ذريعة "إصلاح صندوق المقاصة" ، وهو ما يجعل أسعار هذه المادة الأساسية في قفة المغاربة، مرشحة للارتفاع ولتقلبات الأسواق الدولية. ويأتي تفعيل قرار الحكومة رفع الدعم عن السكر في سياق يتسم بتراجع كلفة دعم هذه المادة خلال العام الجاري، حيث يؤكد آخر تقرير أعده صندوق المقاصة في هذا الشأن أن تكاليف الدعم العمومي للسكر وغاز البوتان، ستتراجع خلال 2015 بحوالي 10 ملايير درهم، وهو ما يتناقض كليا مع قرار اللجوء الى رفع الدعم عن أي منهما. وأوضح التقرير أن مصاريف دعم غاز البوتان والسكر - وهما المادتان اللتان سلمتا حتى الآن من سياسة رفع الدعم الذي نهجته الحكومة منذ مجيئها - لم تتجاوز خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري 7.1 مليار درهم بدل 12.3 مليار درهم المسجلة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، أي بتراجع معدله 42 في المائة، وهو تراجع لا دخل للحكومة فيه ما دام أنه ناجم بالأساس عن تراجع أسعار السكر في السوق الدولي بعد الارتفاع الملحوظ في الانتاج العالمي خلال موسم 2014-2015 والذي فاق 180 مليون طن، وهو ما خفف من الضغط على المخزون، وبالتالي فقد واصلت أسعار السكر للعام الثالث على التوالي تراجعها ما زاد من تخفيف العبء على صندوق المقاصة. ونتيجة لتراجع الأسعار الدولية لمادة السكر ، لم تتجاوز فاتورة دعمها من قبل صندوق المقاصة 870 مليون درهم، مع العلم أن هذه الأخيرة مرشحة لمزيد من التراجع بسبب تحسن الانتاج الوطني في زراعة السكر. ويستنتج من كل هذا أن ما تسميه الحكومة »إصلاح المقاصة«، والذي تفتخر بأنه »ساهم في ربح ملايير الدراهم التي كانت تثقل ميزانية الدولة«، وتلويحها بين الفينة والأخرى بمراجعة منظومة أسعار البوتان والسكر«، إنما هو في الواقع قرارات عمياء برفع الدعم عن مواد أساسية تساهم في استقرار الأسعار بشكل عام، وقد أثرت بشكل مباشر في رفع تكاليف المعيشة خلال السنتين الأخيرتين في العديد من المجالات، وهو ما تؤكده جميع إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط التي تنبه في كل شهر إلى الارتفاع التدريجي للتضخم، خصوصا في المواد الغذائية والاستهلاكية، وهو ما أدى إلى تراجع الطلب والادخار وفقدان الثقة في المستقبل، خصوصا إذا ما انتهت »فترة الحظ » العابرة التي تمر بها الأسواق الدولية للمحروقات التي قد تعاود الارتفاع في أية لحظة، مع ما يعنيه ذلك من تهديد حقيقي للقدرة الشرائية للمغاربة، ومن انعكاس سلبي على الاستقرار بشكل عام.