كشف تقرير جديد أعده صندوق المقاصة أن تكاليف الدعم العمومي للسكر وغاز البوتان، ستتراجع خلال 2015 بحوالي 10 ملايير درهم، وهو ما يتناقض كليا مع تصريحات محمد الوفا وزير الشؤون العامة والحكامة الذي يعتبر أن « الأمر يتعلق بقضية شائكة .. و أن الحكومة ستنخرط في تفكير عميق لمواجهة هذه الإشكالية وإيجاد بدائل..» . وأوضح التقرير أن مصاريف دعم غاز البوتان والسكر - وهما المادتان اللتان سلمتا حتى الآن من سياسة رفع الدعم الذي نهجته الحكومة منذ مجيئها - لم يتجاوز خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري 7.1 مليار درهم بدل 12.3 مليار درهم المسجلة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، أي بتراجع معدله 42 في المائة، وهو تراجع لا دخل للحكومة فيه ما دام أنه ناجم بالأساس عن تراجع سعر غاز البوتان في السوق الدولي ، والذي انخفض خلال شهر أبريل الماضي ب35 في المائة مقارنة مع الشهر ذاته من العام الماضي بعدما نزل سعره في سوق روتردام إلى 565 دولارا للطن. كما تراجعت أسعار السكر في السوق الدولي بعد الارتفاع الملحوظ في الانتاج العالمي خلال موسم 2014-2015 والذي فاق 180 مليون طن، وهو ما خفف من الضغط على المخزون، وبالتالي فقد واصلت أسعار السكر للعام الثالث على التوالي تراجعها ما زاد من تخفيف العبء على صندوق المقاصة. ونتيجة لتراجع الأسعار الدولية لغاز البوتان، بفعل عوامل خارجة عن إرادة الحكومة، لم تتجاوز فاتورة دعم هذه المادة خلال الشهور الأولى من العام الجاري 3.1 مليار درهم، بدل 5.5 مليار درهم سنة من قبل، تضاف إليها حوالي 88 مليون درهم لدعم مصاريف النقل، بينما لم تتجاوز فاتورة دعم السكر 870 مليون درهم، مع العلم أن هذه الأخيرة مرشحة لمزيد من التراجع بسبب تحسن الانتاج الوطني في زراعة السكر. ويستنتج من كل هذا أن ما تسميه الحكومة «إصلاح المقاصة»، والذي تفتخر بأنه «ساهم في ربح ملايير الدراهم التي كانت تثقل ميزانية الدولة»، وتلويحها بين الفينة والأخرى ب «مراجعة منظومة أسعار البوتان والسكر»، إنما هو في الواقع قرارات عمياء برفع الدعم عن مواد أساسية تساهم في استقرار الأسعار بشكل عام، وقد أثرت بشكل مباشر في رفع تكاليف المعيشة خلال السنتين الأخيرتين في العديد من المجالات، وهو ما تؤكده جميع إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط التي تنبه في كل شهر إلى الارتفاع التدريجي للتضخم، خصوصا في المواد الغذائية والاستهلاكية، وهو ما أدى إلى تراجع الطلب والادخار وفقدان الثقة في المستقبل خصوصا إذا ما انتهت «فترة الحظ « العابرة التي تمر بها الأسواق الدولية للمحروقات التي قد تعاود الارتفاع في أية لحظة، مع ما يعنيه ذلك من تهديد حقيقي للقدرة الشرائية للمغاربة، ومن انعكاس سلبي على الاستقرار بشكل عام.