المهرجان الدولي للمسرح الجامعي بالدارالبيضاء، الذي سيفعل على بعد أيام قليلة دورته السابعة و العشرين من خلال مسيرة ثلاثين سنة وجوديا ككيان جامعي حاضر وفعال على مستوى التكوين و العطاء الثقافي، الفني و الإبداعي الوطني عموما.. هذا المهرجان يترجم انخراطه في دورته الجديدة هاته، التفاعلات، التي تسجلها في الفترة الحالية، الساحة الدولية على عدة مستويات، تعكسها بوضوح تحولات ومتغيرات كثيرة لا يستطيع أحد وضع حد لمداها، ومن ثمة اختارت الدورة لنفسها عنوانا معبرا " البعد النفسي و الاجتماعي للمسرح" ، سعيا وراء تحليل وتفسير بعض ما يعتمل في كثير من البقاع فنيا ، وذلك " لما يقدمه أبو الفنون لكل مكونات المجتمع برمته من معونة وسند في توجيه وتربية النشء و حل المشاكل و الصعوبات النفسية ومقاربة وتحليل المشاكل الاجتماعية.. " كما قال عبد القادر كنكاي عميد كلية الآداب و العلوم الإنسانية أثناء تقديمه لهذه التظاهرة المسرحية الدولية بامتياز عشية الأربعاء الماضي بالدارالبيضاء، و التي ستنظم بين الممتدة من 24 إلى 28 من شهر يوليوز الجاري، حيث أضاف أن " المهرجان من خلال تناوله هذا الموضوع يريد إثارة الانتباه إلى المسرح، تشجيع دراسته وتدريسه لما له من دور في بناء الشخصية واكتساب مهارات الاستماع و العمل الجماعي و المواجهة عند الكبار و الصغار". وقال عميد كلية آداب بنمسيك فى ذات الندوة،" إن المهرجان يحمل بين طياته علامات ومؤشرات هويته، فهو الدولي الذي يجمع شباب العالم حول الإبداع و الفن، وهو الجامعي الذي يعتمد التكوين و التأطير، وهو البيضاوي الذي ينتمي إلى مدينة عريقة تصبو إلى أن تكون قطبا اقتصاديا وثقافيا وجمعيا متميزا..." هذه المميزات ، يقول عبد القادر كنكاي تهدف الجامعة من ورائها إلى تخطي مهمتها التربوية إلى بلورة" مقترحات وأفكار من شأنها المساهمة في تنمية الدارالبيضاء و المشاركة في ديبلوماسية ثقافية موازية ترسخ الهوية الحقيقة للمغرب بلدا للسلم و التعايش و الانفتاح..." في هذا السياق، وكعادة الدورات السابقة من هذا المهرجان المسرحي الدولي الكبير، سيكون حافلا بالعديد من الأنشطة تتجلى في عروض مسرحية تتنافس في المسابقة الرسمية للمهرجان، وعروض خارج المنافسة، وكذا ورشات وندوات وأيضا لحظات تكريم في حق أسماء طبعت صفحة من صفحات تاريخ المسرح وطنيا ودوليا.. في هذه الإطار تحتفي دورة هذه السنة بدولة رومانيا كضيف شرف، التي تربط جامعاتها علاقات قوية بالجامعات المغربية، كما أوضح ذلك عميد الكلية ورئيس المهرجان، وستحضر، بالمناسبة فرق مسرحية جامعية وازنة من مختلف القارات، يأتي في مقدمتها مختبر كلية الحقوق للمسرح بمراكش التي ستقدم مسرحية " ريجيم"، وفرقة فنطازيا من المدرسة الوطنية للتجارة و التسيير بالدارالبيضاء( جامعة الحسن الثاني ) التي ستقدم مسرحية " الدكتاتور"، وفرقة الإجازة المهنية في الدراسات المسرحية من كلية الآداب و العلوم الإنسانية بن مسيك، التي ستتنافس بمسرحية " انشطار"، وفرقة نادي المسرح بجامعة جزان السعودية التي ستعرض مسرحية " ثلاثة"، وفرقة مجموعة أهالينا للثقافة من السودان التي ستقدم مسرحية " الصعود إلى الهاوية"، وفرقة جامعة تاركو موريس للفنون من رومانيا التي ستعرض مسرحية "مرتجلة الما"، وفرقة بيترز - سشار- سشواس الألمانية التي ستدخل المسابقة بمسرحية " هيرة"، وفرقة الفضاء الأخضر الجزائرية، التي ستقدم مسرحية " الحقيبة"، وفرقة آلاس للمسرح المكسيكية التي ستعرض مسرحية " وسط اللامكان"، وفرقة المعهد العالي للفنون المسرحية المصرية ، التي ستعرض مسرحية " مسافر الليل"، وفرقة كيسبار للمسرح التشيكية التي ستقدم مسرحية " ألف ليلة و ليلة"، هذه المسرحيات جميعها التي تنتمي لمشارب ومدارس مسرحية مختلفة ستكون مناسبة للجمهور البيضاوي خاصة و المغربي عامة لمتابعتها بكل من فضاءات المركب الثقافي سيدي بليوط، قاعة عبد العروي بكلية بنمسيك، و المركب الثقافي مولاي رشيد... ستتنافس جميعها أمام لجنة تحكيم تتكون من كل من الكاتب و الباحث فريد الزاهي و المخرجة المغربية فاطمة بوبكدي، و المسرحية الكرواتية غيرينا بوكاي، وأستاذ علم الاجتماع بكلية بنمسيك عبد المجيد الجهاد و المخرج السويدي الروماني سلطان شابيرا، لأجل الفوز بالجائزة الكبرى للمهرجان على مستوى العمل المتكامل والإخراج والأداء .. وموازاة مع هذه المنافسة الجامعية المسرحية ستعرض مسرحيات خارج المسابقة وتتمثل في المسرحية الكرواتية" نيكار" لفرقة مجموعة بونكوسيباك للمسرح، و المسرحية السويدية الرومانية " غرفة الحلم" لفرقة فن ديفا. الورشات المسرحية ستصاحب بدورها العروض المسرحية وستكون بلمسة دولية على مستوى التأطير، نذكر منها ورشة " تطوير أداء الفنانين من خلال التقنيات النفسية و الجسدية" تشرف عليها نوال عقال من فرنسا، " الجسد و الحركة اليومية" بإشراف مريم صوفي سيافاش من ألمانيا، " التنشيط من الموضوع إلى الشخص، من تأطير كوستاشكافر ييلسيرستونو واوناليهو من رومانيا، " الدراما النفسية أو مسرح الأنا" بإشراف رشدي شمشام من المغرب، و " البعد النفسي عند الممثل" من تأطير عبد الفتاح صرصار.. وستتوج هذه الورشات مائدة مستديرة بعنوان " البعد النفسي و الاجتماعي للمسرح".. اللمسة التكريمية ستسجل حضورها، كذلك، بالدورة السابعة و العشرين ، واختارت هذه السنة كلا من أحمد مسعية الكاتب و الناقد المسرحي الذي درس المسرح في الجامعة ليشغل منصب مدير للمعهد العالي للفن المسرحي و التنشيط الثقافي من 93 إلى 2004 ، و القيدوم، الكاتبوالفنان المسرحي محمد التسولي الذي تكون على يد أساتذة فرنسيين متخصصين في الفن الدرامي مثل أندري فوازان، انطلق بدايته الفنية سنة 1951 بقسم المسرح التابع لمكتب الشباب إلى أن صار رائدا من رواد المسرح المغربي و العربي، وهو بالمناسبة والد الفنان سعد التسولي.. المثير في الندوة الصحافية التقديمية للدورة السابعة و العشرين للمسرح الجامعي الدولي للدار البيضاء الذي ستحضره فرق جامعية دولية وزانة، والذي يعد مرآة عاكسة لما يعرفة المغرب من تحولات مهمة على جميع المستويات الاجتماعية و الاقتصادية و الفكرية وبالأخص الثقافية.. المثير أن الندوة هاته التي حضرتها العديد من المنابر الإعلامية، ورقية وإلكترونية..، سجلت غيابا غير مفهوم وغير مبرر للقناتين الأولى و الثانية، الأمر الذي يكرس " جفاءهما" تجاه هذا المكون التعبيري الراقي، الذي يسمى " أبو الفنون"، ليس على مستوى برمجة مسرحيات فقط ، ولكن على مستوى التغطيات الإخبارية أيضا.