يبدو قطعا أن مويس بوتان المحامي الفرنسي للشهيد المهدي بن بركة لم يتعب ولن يتعب أبدا من قضية اختطاف واغتيال عريس الشهداء المغاربة التي اعتبرها طول حياته منذ أول محاكمة في باريس سنة 1966 إلى يوم الجمعة 21 نونبر 2014 الذي جاء فيه للمغرب من أجل توقيع كتابه ?الحسن الثاني..ديغول بن بركة ما أعرف عنهم?، وذلك بنادي المحامين بالرباط. أما بالنسبة لقضية اغتيال عباس المسعدي التي ظلت غامضة وقيل عنها الكثير، فهكذا تناول موريس بوتان المحامي الفرنسي قضية الاغتيال لهذا الرجل القيادي بجيش التحرير المغربي في عهد مقاومة الاستعمار الفرنسي والاسباني. يقول بوتان في كتابه ، اغتيل عباس المسعدي، واسمه الحقيقي أحمد الناصري الطويل، في 27 يونيو 1956، في ظروف غامضة لم تتكشف إسرارها بعد، ولم يكشف احد عن الجهة التي كانت وراء عملية الاغتيال، ما عدا الحسن الثاني نفسه الذي لم يتردد فى القول أن المهدي بن بركة هو من يقف وراءها. يقول الحسن الثاني «أراد المهدي بن بركة سنة 1956 تسييس جيش التحرير أيضا(...) كان يهدف الى جعل 9 أو 10 آلاف شخص من هذا الجيش يخضعون لسيطرة حزب يسعى الى التحول الى حزب وحيد، كان من نتائج هذه التطورات اختطاف وتصفية أحد القادة المؤسسين لجيش التحرير المغربي، واسمه المسعدي (..) وبمجرد وصولي من القاهرة، أرسلني أبي الى فاس (...) قضيت أياما وليالي برفقة وزير الداخلية إدريس المحمدي وهو رجل صارم، نتفاوض حول اندماجه جيش التحرير هذا في القوات المسلحة الملكية، كنا نبحث عن شخص اسمه كريم حجاج متهم بقتل (...) المسعدي وقد اعترف مباشرة بعد القاء القبض عليه بكونه القاتل، وأضاف : «قتله بأمر من المهدي بن بركة» (...) وابتداء من ذلك الوقت، لم أعد أكن له الاحترام الذي كنت أكنه لأستاذي. ويقول موريس لكن هذا لم يمنع الأمير، بضعة أشهر بعدها، من أخد صورة إلى جانب بن بركة الذي كان حينها رئيسا للمجلس الوطني الاستشاري... وفي نظري هذه المعلومة التي يكشف عنها الحسن الثاني مشكوك في صحتها، صحيح أن هناك من اليوم بعض المغاربة الذين يرددونها. ولكن هل من قبيل الصدف أن ترد على لسان مؤسسي الحركة الشعبية المحجوبي أحرضان وعبد الكريم الخطيب؟ يذهب هذا الأخير حد ادعاء أن حزب الاستقلال اغتال المسعدي بقرار من اللجنة التنفيذية في تلك الفترة. استفسرت قاسم الزهيري وهو عضو متنفذ في الحزب حينها: فأجابني: «لا اعرف أي شيء عن هذا الاغتيال، هذه القضية حسب علمي لم تطرح أبدا داخل أجهزة حزب الاستقلال. وهنا يدخل بوتن في بعض التفاصيل التي تهم الوقائع، « لنتوقف مليا عند الوقائع، المهدي بنبركة يحل بالريف في ربيع 1965 في اطار بحث ينجزه لصالح جريدة «الاستقلال»، ساعيا في الوقت نفسه الى استقطاب أكبر عدد من المقاومين كي يلتحقوا بالحزب، ويبدل أيضا أقصى الجهود ليمنع أنصهار جيش التحرير المغربي في القوات المسلحة الملكية. فقد يتحول بإشراف من حزب الاستقلال، يوما ما إلى نواة جيش مغربي صرف، ليلتحق إضافة الى ذلك بقوات جبهة التحرير الوطني لتحرير كامل تراب المغرب العربي. و إذا كان المسعدي متفقا مع المهدي بن بركة حول النقطة الثانية، فإنه كان يخالفه الرأي حول التحاق المقاومين بحزب الاستقلال. وقرر المهدي الالتقاء بالمسعدي بفاس لمناقشة الأمر، والحال أن هذا الخير اغتيل وهو في طريقه إلى فاس. ويرى البعض أن هذه الجريمة ليست في الحقيقة سوى خطا، فالمسعدي لم يكن يريد الذهاب إلى فاس. ولكن شخصا اسمه حجاج أرسله المهدي لإقناعه هدده بمسدس كان مع الاسف محشوا بالرصاص، هكذا انطلقت رصاصة نتيجة حركة غير محسوبة.... أما البعض الآخر، فيرى ان لا شيء من ذلك وقع، فالمسعدي كان فعلا متجها نحو فاس، لكن قوة خاصة هاجمت السيارة التي كانت تقله وقتلته. وهذه القوة الخاصة أنشاها مدير الأمن في الغزاوي.... كي لا يجتمع الزعيمين المسعدي وبن بركة فاس.ويشير بوتان أن حجاج اعتقل بعد الحصول على مجموعة من الاعترافات التي تدينه، ....غادر حجاج السجن ثلاثة أيام بعد اعتقاله، دون أن يتابع بأية تهمة، أكان مجرد عميل استأجرته الشرطة؟ إضافة إلى ذلك ، فلم يتابع بن بركة، مع أنه هو المسؤول (المزعوم) عن الجريمة بل على العكس من ذلك، اختاره العاهل المغربي خمسة اشهر بعد ذلك رئيسا للمجلس الوطني الاستشاري,,,