تحولت إحدى قاعات المؤسسة التشريعية في العاصمة الرباط على مدى يومين إلى ما يشبه جلسة محاكمة لمشروعي القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، كانت أطرافها وزارة العدل والحريات و المجلس الوطني لحقوق الانسان وفاعلون حقوقيون مغاربة وأجانب. وشكلت جلسات "إصلاح القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية" فضاء لمناقشة نقاط الاختلاف في مشروعي القانون الجنائي والمسطرة الجنائية المقترحين على البرلمان والتي تثير جدلا واسعا بين هؤلاء الفاعلين، خاصة مسألة الحكم بالإعدام وبعض جوانب الحريات الشخصية والتمييز ضد المرأة. وتميزت الجلسة العامة بعرض للأستاذ عبد الله اونير عضو اللجنة الجهوية لحقوق الانسان طنجة - تطوان، وأستاذ بكلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية - جامعة عبد المالك السعدي والذي ركز خلال مداخلته على المرجعيات المعتمدة والتي من خلالها تم تبني مسودة مشروع القانون الجنائية ، وتطرق لهندسة مشروع القانون الجنائي والتي يلح كل الفاعلين والمهتمين بهذا المجال على أنها لغرض حماية الحياة كمطلب أولي. كما عرفت الجلسة مداخلة أمينة بوعياش بالنيابة عن ميشيل توبيانا رئيس الشبكة الاورومتوسطية لحقوق الانسان. وكانت المداخلة تحت عنوان "القانون الاجتماعي والدال الاجتماعي" والتي تناولت خلالها اهمية المشروع الذي يندرج في إطار الاصلاح الدستوري، خاصة الشق المتعلق بحماية الحقوق والحريات. وفي مداخلة فتوح شاكر عن الودادية الحسنية للقضاة، تم التطرق لمستجدات القانون الجنائي والتي عرفت نقاشا جديا بين مختلف الفئات ومن كافة المشارب، بحيث أعرب عن أن المسودة جاءت بمجموعة من المرجعيات، منها ما يتعلق بالخطاب الملكي ل 20 غشت 2009، ومنها ما يتعلق بتوصيات هيئات الإنصاف والمصالحة، بحيث منذ الاعلان عن المسودة انصب النقاش حول مواضيع معينة كالإعدام وازدراء الاديان، والافطار العلني، وزعزعة عقيدة المسلم. كما شهدت هذه الجلسة تدخل كل من سعيد بنعربية مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اللجنة الدولية للحقوقيين، والذي ناقش مشروع إصلاح القانون الجنائي من زاوية مبدأ الشرعية الذي يحكم أي قانون جنائي، مستحضرا المقاربة التشاركية وما يمكن أن تحققه من إيجاد نص توافقي يحترم مبدأ الشرعية من خلال تشريع النصوص في علاقته مع الواقع. وعن ربيع الكرامة تدخلت خديجة الروكاني المحامية بهيئة الدارالبيضاء، بمداخلة تحت عنوان "تجريم ومعاقبة الجريمة المبنية على النوع"، والتي أكدت من خلالها على أن ما جاءت به مسودة القانون الجنائي قاصر عن أن يفي بالغرض في ما يتعلق بالحماية الجنائية، خصوصا بالنسبة للنساء، مشيرة إلى أن المسودة احتفظت بنفس الفلسفة التقليدية، التي تتعارض مع قيم ومبادئ حقوق الإنسان، وأنها احتفظت ببنية القانون الجنائي الذي يتبنى أولوية أخرى بعيدة عن أولويات حماية الحقوق والحريات الفردية للإنسان. كما عرف اليوم الثاني من الندوة الدولية التي نظمها المجلس الوطني لحقوق الانسان، الجلسة العامة الثانية والتي كانت بعنوان "المسطرة الجنائية رهانات إصلاح"، والتي قام بتسييرها فيليب تسكيي مفوض اللجنة الدولية للحقوقيين. وكانت أولى المداخلات مداخلة السعدية بلمير عضو المجلس الوطني لحقوق الانسان ونائبة رئيس لجنة مناهضة التعذيب للأمم المتحدة بعنوان- الضمانات الاساسية للمحاكمة العادلة مقاربة لجنة مناهضة التعذيب -، كما عرفت الجلسة العامة مشاركة علال البصراوي رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الانسان ومحام بهيئة خريبكة، والذي تناول موضوع القواعد الاستثنائية للاختصاص مدخل الى الافلات من العقاب. كما عرفت الجلسة العامة مداخلة الاستاذ فريد السموني أستاذ بكلية العلوم القانونية، الاقتصادية والاجتماعية جامعة الحسن الثاني المحمدية بعنوان "مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية، تقييم أولي لبعض الحلول" . وعرفت الجلسة ايضا تدخل اسان جيوما ندياي رئيس الرابطة السينغالية لحقوق الانسان وعضو دائم للجنة التأديبية للمحكمة الجنائية الدولية، الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان بعنوان - مسودة مشروع المسطرة الجنائية ورهانات الوقاية من التعذيب". وشهدت الجلسة العامة الثانية من اليوم الثاني للندوة مشاركة كل من محمد شماعو محام بهيئة الرباط عن جمعية هيئات المحامين بالرباط الذي قدم قراءة نقدية في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية، كما شهدت هذه الجلسة مشاركة انس سعدون نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بسوق اربعاء الغرب وعضو نادي قضاة المغرب، والذي قدم عرضا حول عدالة الاحداث وتجربة خلايا التكفل بالاطفال والنساء ضحايا العنف، كما عرفت الجلسة الثانية أيضا مساهمة محمد احداف أستاذ بكلية العلوم القانونية الاقتصادية و الاجتماعية - جامعة مولاي اسماعيل مكناس - بعنوان - ملاحظات حول النسق المسطري الجنائي على ضوء قرينة . كما أشار الى أنه هناك حقيقتين السعي بشكلانية الى الدفاع عن البراءة والعدالة دون البحث عن هوية قانونية لنظامها، وعرفت الندوة ايضا مداخلة مصطفى الريسوني محام - نقيب سابق وعضو في هيئة الإنصاف و المصالحة، والذي تحدث عن سياسة الانصاف والمصالحة والتي ترمي إلى قانون يضمن حقوق المواطن في كل المجالات، تماشيا مع المبادئ العامة لتوصيات هيئة الانصاف والمصالحة. وقدم الاستاذ محمد بزاز ، عضو اللجنة الوطنية للقانون الدولي الانسان الذي استعرض بالتفصيل الرأي الاستشاري للجنة الذي قدمه بخصوص مشروع القانون الجنائي. وللإشارة، كانت الجلسة الافتتاحية لجلسات الندوة الدولية حول "إصلاح القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية" قد انتهت على إيقاع تباين وجهات النطر بخصوص مسألة الاعدام.