من أجل اعتماد برنامج يستهدف حفظ الذاكرة المنجمية لمدينة جرادة، التي يختلط فيها التراث المادي مع المكونات اللامادية وتتداخل فيها الروافد السوسيولوجية والثقافية والنفسية، وتمتزج فيها وقائع الحياة اليومية العادية مع الظروف والأوضاع الصعبة التي عاشتها الساكنة نتيجة الأحداث الاستثنائية المرتبطة بالمنجم من النضالات العمالية والحوادث المنجمية الكبرى، نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان وجدة-فجيج مؤخرا، يوما دراسيا تحت شعار «استحضار الماضي والتطلع نحو المستقبل» احتضنته مدينة جرادة وشاركت فيه مجموعة من الفعاليات الحقوقية والجمعوية إلى جانب أساتذة جامعيين وباحثين في التراث. وجاء تنظيم هذا اليوم الدراسي إيمانا من اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، بكون موضوع الذاكرة المنجمية أصبح ملحا أكثر من أي وقت مضى ويستلزم إطلاق نقاش فكري وثقافي وحقوقي، لأن الأمر يتعلق بتراث حقيقي تختزنه الذاكرة الجماعية لساكنة مدينة جرادة وتقع مسؤولية رد الاعتبار إليه وحمايته من التلاشي والطمس والضياع، على جميع المتدخلين المؤسساتيين والفاعلين الجمعويين في المجالات الثقافية والحقوقية والاجتماعية. وقد عرف اللقاء تقديم مجموعة من العروض القيمة تناولت «التاريخ والذاكرة من خلال تجربة المجلس الوطني لحقوق الإنسان»، «ذاكرة مدينة جرادة من خلال الأصول الجغرافية لعمال مناجمها»، «أهمية المتحف المنجمي ودوره في حفظ ذاكرة جرادة» و»قراءة في بعض النماذج في ضوء واقع المدينة ومحيطها»، «إيكو– متحف منجمي: رافعة للتراث المحلي والتنمية البشرية المستدامة بجرادة» وعرض حول موضوع «جرادة بين الأمس واليوم: الأدب والفن محافظا على الذاكرة المنجمية بجرادة ومنعشا لها» وآخر حول «دور المجتمع المدني في حفظ الذاكرة المنجمية لجرادة». وقد تم ، موازاة مع هذا اللقاء، تنظيم معرض تشكيلي وعرض مجموعة من الكتب التي تؤرخ للمدينة، كما وزعت بعض الجوائز على المتفوقين في مسابقة بين الإعداديات بإقليم جرادة في مجال الإبداع في الذاكرة. وللإشارة فقد احتضنت مدينة جرادة وعلى امتداد ما يناهز سبعين سنة، المنجم الوحيد للفحم الحجري «الأنتراسيت» بشمال إفريقيا ، وكانت المصدر الرئيسي لإنتاج الطاقة بالمغرب، حيث تضاعف الإنتاج من 414 طنا في بداية الستينات إلى ما يناهز 800 ألف طن في منتصف الثمانينات...