احتضنت اليوم السبت مدينة جرادة، يوما دراسيا نظمته اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بوجدة فجيج حول موضوع "الحق في حفظ الذاكرة المنجمية لمدينة جرادة.. استحضار الماضي والتطلع نحو المستقبل"، وذلك بشراكة مع المجلس الإقليميلجرادة ووكالة تنمية أقاليم الجهة الشرقية. ويندرج تنظيم هذا اللقاء في إطار البرنامج السنوي للجنة الجهوية في محوره المتعلق بالنهوض بثقافة حقوق الإنسان، والمساهمة في إثراء الفكر الحقوقي وتنشيط النقاش التعددي حول القضايا الحقوقية بالجهة، وكذا الحوار حول القضايا المرتبطة بعدد من الحقوق الأساسية للمواطنين والمواطنات على الصعيد الجهوي، وذلك بالتعاون مع الفاعلين المعنيين على مستوى الجهة من مؤسساتيين ومدنيين وفعاليات ثقافية. وفي هذا الصدد، أبرز رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لوجدة- فجيج، محمد العمرتي، الأهمية الكبيرة التي يكتسيها الاشتغال على موضوع الذاكرة المنجمية، في مشاريع وبرامج عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية لكون الحفاظ على الذاكرة وحمايتها مرتبط بشكل وثيق بالبعد الحقوقي السياسي والمدني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. واعتبر أن هذا اللقاء يتوخى المساهمة في التحسيس بعمق ذاكرة جرادة التي كانت في الماضي مدينة منجمية بامتياز، وكذا بضرورة حمايتها وحفظها من التلاشي والاندثار من خلال إطلاق حوار بناء ونقاش تعددي حول هذا الموضوع بين مختلف المعنيين بحاضر مدينة جرادة ومستقبلها من مسؤولين محليين ومنتخبين وفاعلين جمعويين ومثقفين وكافة الشرائح الاجتماعية الأخرى لهذه المدينة. وأضاف أن اللجنة بإطلاقها لهذا الحوار من خلال هذا اليوم الدراسي، تهدف إلى الاستماع إلى الآراء والأفكار والمقترحات لبلورة مشروع عمل حول موضوع الذاكرة المنجمية باعتبارها حقا لساكنة هذه المدينة ولمحبيها وللمنتمين إليها، مشيرا إلى أن هذا اللقاء يشكل مناسبة لتبادل الرأي حول السبل والصيغ الممكنة والكفيلة بالعمل على هذا الموضوع بشكل جدي لتحقيق الأهداف المرجوة المتمثلة في المساهمة في رد الاعتبار لهذه الذاكرة المنجمية وتثمينها وحمايتها كجزء من الذاكرة الجماعية للمملكة. من جهته، أبرز عبد الرحمان الحرادجي، أستاذ الجغرافيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، أهمية المتحف المنجمي ودوره في حفظ الذاكرة الثمينة لمدينة جرادة سواء لفائدة الأجيال القادمة أو التاريخ، مشيرا في هذا الصدد إلى نموذج متحف منجمي للمفاحم سابقا بجزيرة سردينيا بإيطاليا، الهدف منه هو التحسيس بأهمية مثل هذه المتاحف ووظائفها كفضاءات تضم الذاكرة المنجمية التاريخية للمناطق وكذا الثقافية والاقتصادية المرتبطة بها. من جانبه، أكد محمد بودويك أستاذ التعليم العالي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بفاس، أن جرادة في حاجة إلى لم شمل أبنائها من طاقات فكرية ومفكرين وغيرهم لكي يبادروا لإنقاذ هذه المدينة وإنعاش ذاكرتها التي تموت من خلال إعادة الاعتبار للتراث المادي الذي هو رأسمال ثقافي أساسي ينبغي الحفاظ عليه وإيصاله للأجيال الحاضرة والمستقبلية. بدورها، تطرقت نعيمة شيخاوي، أستاذة بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، لموضوع المتحف المنجمي كأداة لبناء ذاكرة المدينة بكل أبعادها الإنسانية والثقافية والتراثية والاقتصادية، داعية كافة الفاعلين في المجتمع المدني والمسؤولين، إلى المساهمة في تجميع التراث المادي وغير المادي لهذه المنطقة الغنية والقوية بتراثها من أجل استشراف مستقبل أفضل ودعم للتنمية الاقتصادية والبشرية المستدامة. وتناولت باقي المداخلات التي قدمت خلال هذا اللقاء، الذي حضر جلسته الافتتاحية على الخصوص عامل إقليمجرادة مبروك ثابت، ورئيس المجلس الإقليمي والنائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، وممثلون عن وكالة تنمية أقاليم الجهة الشرقية وجامعة محمد الأول وكذا فعاليات المجتمع المدني، مواضيع حول "التاريخ والذاكرة من خلال تجربة المجلس الوطني لحقوق الإنسان"، و"ذاكرة مدينة جرادة من خلال الأصول الجغرافية لعمال مناجمها"، و"دور المجتمع المدني في حفظ الذاكرة المنجمية لمدينة جرادة". وقد تضمن أيضا برنامج هذا اليوم الدراسي على الخصوص، تقديم شهادات حول جرادة، وتوزيع جوائز المسابقة حول الذاكرة المنجمية وأخرى في مسابقة الإبداع في مجال الذاكرة، إلى جانب تكريم بعض الفعاليات المحلية بالمدينة.