أكد إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أول أمس السبت، بالحسيمة، أن مشروع إقامة متحف الريف بالمدينة يروم المساهمة في رد الاعتبار لذاكرة المغاربة عموما، وسكان الريف خصوصا، وكذا الانخراط الفعال في التنمية الشاملة للمنطقة. وأوضح اليزمي، في اختتام أشغال الندوة الدولية (15 و16 يوليوز الجاري)، التي أقيمت بالحسيمة حول موضوع "التراث الثقافي بالريف: أية تحافة؟"، أنه لن يكون مجرد متحف يحفظ الماضي فقط "بقدر ما سيكون أداة لنشر المعرفة التاريخية، والتربية على المواطنة التي من بين شروطها احترام الموروث الثقافي، والتحفيز على تطوير البحث العلمي في ما خلفه الأجداد من إرث مادي وغير مادي في منطقة الريف". وأبرز، في هذا الإطار، أنه تفعيلا للرسالة الملكية السامية التي وجهها جلالة الملك للمشاركين في الندوة، وسعيا إلى إخراج المشروع إلى حيز الوجود في أقرب وقت، سيجري نشر أعمال اللقاء قبل نهاية السنة الجارية، باعتبار أنها ستشكل قاعدة علمية أولية لبناء تصور المضامين التي سيقدمها المتحف، مبرزا أن الموقعين على اتفاقية الشراكة سيعملون على توسيعها، لتنضم إليها المؤسسات المسؤولة عن تدبير الشأن الثقافي. وأشار في هذا الصدد إلى أن وزارة الثقافة، ومؤسسة المتاحف، والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والمندوبية السامية للمقاومة وجيش التحرير، ومؤسسة أرشيف المغرب، ومؤسسات البحث العلمي، ووكالة تنمية الجهة الشرقية، ووكالة تنمية الأقاليم الشمالية، والشراكة مع هيئات المجتمع المدني. وأكد أنه سيجري، أيضا، إحداث لجنة علمية تضم المتخصصين في مختلف فترات تاريخ الريف وأنواع التراث الثقافي، تتكلف بتطوير تصور أولي للمتحف. كما سيجري العمل على تشكيل لجنة التدبير التي ستضم كل الشركاء الحاليين (المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومجلس جهة تازةالحسيمة تاونات، والمجلس البلدي لمدينة الجسيمة، ومجلس الجالية المغربية بالخارج)، وكذا الشركاء الذين سيلتحقون بالمشروع. وأضاف أنه ستشكل شبكة أخرى للحوار والتشاور وإشراك فعاليات المجتمع المدني، خاصة الجمعيات الأكثر اهتماما واختصاصا وفعالية في مجال التراث الثقافي بمنطقة الريف بمفهومها الواسع، تتكلف بتتبع مشروع المتحف وإغناء التصور. وأكد إطلاق عملية ترميم وتأهيل المبنى الرئيسي لمتحف الريف، الذي يشكل نواة المشروع الذي سيهم شبكة من المواقع والمآثر والمعالم التاريخية في المنطقة، ويضطلع بجملة من الأنشطة المرتبطة بالذاكرة في تراب منطقة الريف كلها، باعتبار أن "المتحف هو متحف للريف يأخذ بعين الاعتبار النظرة الشاملة للثقافة في علاقتها بالبيئة، والتربية والتنمية". وأبرز أنه باعتماد هذه المنهجية "سنتمكن بفضل جهود الجميع من تحقيق متحف تشاركي للريف، ولكن أيضا في تقديم نموذج لمتحف يتملكه الجميع". وذكر اليزمي بأن مشروع متحف الريف، الذي شكلت هذه الندوة العلمية نقطة انطلاقه، يندرج في إطار تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي تستهدف الحفاظ على الأرشيف، وتشجيع البحث في التاريخ، والتاريخ المعاصر على وجه الخصوص، ونشر المعرفة التاريخية، والمحافظة على الذاكرة، باعتبارها ملكا مشتركا للمغاربة قاطبة. ووصف باقي المتدخلين إقامة هذه الندوة الدولية في الحسيمة باللحظة التاريخية، مؤكدين أن المتحف المزمع إقامته بالمدينة، سيساهم في التلاقح الثقافي، وإبراز رصيد المنطقة التاريخي. وشددوا على حرص المؤسسات التي يمثلونها في المساهمة في إغناء هذه المبادرة المهمة، التي ستعيد الاعتبار للمجال الثقافي والتاريخي بمنطقة الريف الزاخرة بالتراث والمعالم الحضارية الضاربة في جذور التاريخ. يذكر أن الندوة الدولية التي نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بشراكة مع المجلس البلدي للحسيمة، ومجلس الجهة، ومجلس الجالية المغربية بالخارج، وفعاليات أخرى، تروم على الخصوص فتح نقاش أكاديمي حول الكيفية التي ينبغي أن يعمل بها متحف الريف، بالنظر إلى غنى مدينة الحسيمة بتراثها وآثارها. وعرف هذا اللقاء، الذي نظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مشاركة أكثر من أربعين باحثا من المغرب ومن خمس دول أجنبية يقدمون أحدث الأعمال العلمية الخاصة بتاريخ المنطقة من ما قبل التاريخ إلى التاريخ المعاصر، وكذا تاريخ التراث المادي وغير المادي للمنطقة. (و م ع)