لم تكن مجموعة من الأسر والآباء و الأمهات بمدينة بنسليمان تتوقع أن يكون يوم الأحد 7 يونيو 2015 يوما أسودا ومأساويا بالنسبة إليها، بعدما تلقت في حدود الثانية عشرة زوالا من نفس اليوم أخبارا مؤلمة تفيد بأن مجموعة من الأطفال الذين ذهبوا في رحلة رياضية وترفيهية قد ابتلعتهم مياه البحر بالقرب من مصب وادي شراط وبالضبط في المنطقة الفاصلة بين تراب إقليم بنسليمان و تراب عمالة تمارةالصخيرات. الخبر نزل كالصاعقة على الأسر واهتزت على وقعه ساكنة المدينة التي هرعت إلى المستشفى الإقليمي ببنسليمان، للتأكد من الخبر واستقبال الضحايا، حيث تأكد خبر غرق 11 طفلا بمياه البحر من بينهم البطلة الوطنية الواعدة في رياضة التيكواندو، فدوى الوردي أمواج بشرية من الرجال والنساء و الأطفال شوهدت وهي تتدفق على المستشفى المذكور الذي أغلقت كل المنافذ المؤدية إليه وتم ضرب حصار كبير عليه من طرف رجال الأمن والقوات المساعدة،على إثر ذيوع خبر هذه الأنباء المأساوية والحزينة حيث تحولت فضاءاته إلى مأتم من شدة الصدمة، حيث النحيب والعويل والبكاء والصراخ للأسر المكلومة التي توجد فلذات أكبادها ضمن الرحلة الرياضية الترفيهية التي نظمتها »جمعية النور لرياضة التيكواندو ببنسليمان«. وظلت هاته الأسر ترابط في محيط المستشفى لمعرفة مصير أبنائها و انتظار قدوم الجثث . وكان لتأخر وتضارب الأخبار القادمة من مكان الحادث المأساوي حول هوية وعدد الضحايا تأثير قوي على نفسية عائلات الضحايا التي حاولت اقتحام المستشفى بمعية المواطنين خصوصا بعد أن عاد بعض الناجين من الغرق وتلقيهم الإسعافات والعلاج بقسم المستعجلات بنفس المستشفى. واستمر هذا الوضع المأساوي إلى أن وصلت الأخبارالتي تفيد أنه تم انتشال 6 غرقى ونقلهم إلى مستودع الأموات بمدينة الرباط لكون المكان الذي لفظتهم فيه مياه البحر تابع لتراب عمالة الصخيراتتمارة، حيث انتقل بعض المواطنون وأسر الضحايا إلى مكان الفاجعة بشاطئ وادي الشراط، في حين انتقل البعض الآخر منهم إلى مدينة الرباط بعدما تأكد أن الجثث المنتشلة تعود لابنه أو ابنته. مشاهد من عين المكان »الاتحاد الاشتراكي« انتقلت إلى مكان الحادث المأساوي بشاطئ البحر لمعاينة عملية البحث عن الجثث المفقودة. حيث استدعت هذه الحادثة المؤلمة استعمال مروحيات تابعة للدرك الملكي وكذا الزوارق المطاطية للوقاية المدينة وشوهدت وهي تجوب مكان الفاجعة في عملية بحث عن الغرقى جد مضنية، أمام أنظار حشود المواطنين وأسر الضحايا التي تجمهرت بعين المكان، فيما ظل رجال الدرك والقوات المساعدة القادمين من مدينة الصخيرات وولاية الرباط يراقبون الوضع بشاطئ البحر. واستمرت عملية البحث هذه إلى حدود الساعة الثامنة مساء من نفس اليوم، علمت خلالها »الاتحاد الاشتراكي« أن البحر لفظ 6 جثث تم نقلهم إلى مستودع الأموات بالرباط، في حين لازالت 5 جثث مفقودة. وهو ما زاد من شدة صدمة الأسر التي لازالت لم تتعرف بعد على هوية أبنائها الذين ابتلعتهم مياه البحر، حيث استمرار العويل والنحيب والصراخ بكاء على فقدان الإبن أو الإبنة في مشهد جد مأساوي ومؤلم وجد مؤثر خصوصا بعد أن حاولت والدة البطلة الوطنية في رياضة التيكواندو فدوى الوردي الانتحار ورمي نفسها في البحر لولا تدخل رجال القوات المساعدة الذين حملوها بعيدا عن مياه البحر. المكان الذي عرف هذه الفاجعة يوجد عند مصب وادي شراط وهو تابع لتراب مدينة الصخيرات. والطريق المؤدية إليه عبارة مسلك قروي غير صالح للاستعمال. وقد صرح لنا أحد أبناء المنطقة ب »أن الشاطئ يتميز بالوعورة وبصعوبة السباحة وسبق أن ابتلعت مياهه عدة ضحايا لكونه غير محروس ولا توجد علامة تبين ممنوع السباحة، وتتخلله تيارات بحرية قوية خصوصا عند مصب الوادي«. وعلى إثر هذه الفاجعة الكبرى انتقل إلى عين المكان وزير الداخلية ومسؤولين كبار في الدرك الملكي والوقاية المدنية والقوات المساعدة، بالإضافة إلى عامل إقليم بنسليمان و السلطات الإقليمية والمحلية بمدينة الصخيرات لمعاينة عملية انتشال الجثث. وعن أسباب هذا الحادث المأساوي صرح مجموعة من أقارب الضحايا ل»الاتحاد الاشتراكي« أن رئيس جمعية النور لرياضة التيكواندو التي يوجد مقرها بحي للامريم التوسيع ببنسليمان وهو في نفس الوقت مدرب لهذا النوع من الرياضة، نظم رحلة رياضية ترفيهية صباح اليوم المأساوي لفائدة ما يزيد عن 30 من الأطفال الصغار الذين يمارسون رياضة التيكواندو بالنادي كبيرهم لا يتجاوز سنه 17 سنة وضمنهم فتيات، إحداهن يقارب سنها 11 سنة. وهي رحلة إلى شاطئ البحر بوادي شراط تأتي في إطار الاحتفال بفوز إحدى الرياضيات ببطولة المغرب في رياضة التيكواندو المنظمة مؤخرا بمدينة الرباط، لكن تضيف نفس المصادر شاءت الأقدار أن تتحول هاته الأفراح إلى أحزان بعد أن راح ضحية هذه الرحلة العديد من الأطفال وهم في سن الزهور. في منازل الضحايا التقت »الاتحاد الاشتراكي« إحدى جارات البطلة الوطنية فدوى الوردي التي لازالت لم تنتشل جثتها بعد حيث صرحت:» أن الغريقة تبلغ من السن حوالي 14 سنة، و تتميز بأخلاق طيبة وحسنة وهي وحيدة أمها ويعيشان معا في بيت واحد صغير جدا، يكتريانه بالحي الحسني بمدينة بنسليمان و أن والدة الضحية تعمل كل ما في وسعها لكي توفر لابنتها كل ما تطلبه. و قد تنبأ لها الجميع بمستقبل واعد في رياضة التيكواندو بعد أن فازت ببطولة المغرب واحتلت المرتبة الثانية إفريقيا في نفس الرياضة، وكانت تستعد للمشاركة في بطولة العالم بكوريا، لكن يد المنون اختطفتها في غفلة من أمها التي كان هول الصدمة جد قوي عليها. والد إحدى الضحايا الذي يوجد في حالة نفسية جد مأساوية صرح لنا :»صدمتنا شديدة لم نكن نتوقع ما حدث، ابنتي كانت جد نشيطة وهي تستعد لهذه الرحلة، إنه قدر الله ... « كما انتقلت »الاتحاد الاشتراكي« إلى منزل إحدى الناجيات من الغرق وهي زينب جلابن التي يبلغ سنها حوالي 11 سنة و تدرس بالمستوى الخامس ابتدائي حيث وجدت منزل العائلة مملوء بالأقارب والأهل و الجيران الذين حلوا لتهنئة أفراد الأسرة على سلامة ابنتها التي كانت ضمن وفد الرحلة الترفيهية ونجت من الغرق. وقد صرحت لنا هذه الأخيرة ب:» بعد فوزنا ببطولة المغرب قرر مدربنا الذي هو في نفس الوقت رئيس جمعية النور لرياضة التيكواندو تنظيم رحلة إلى شاطئ البحر احتفاء بهذا الفوز، انتقلنا إليه بواسطة سيارة من الحجم الكبير »سطافيت« التي أمنت الرحلة مرتين لأن عدد المستفيدين من هذه الرحلة يتجاوز عددهم 30 طفلا ممن يمارسون رياضة التيكواندو بنفس النادي ومن ضمنهم فتيان وفتيات، وعندما وصلنا بدأنا في ممارسة الرياضة على الشاطئ، بعدها توجهت مجموعة إلى البحر قصد السباحة لكنني فوجئت بأن صديقاتي وأصدقائي اختفوا في البحر، حاول خلالها مدربنا إنقاذ البعض منهم لكن دون جدوى...وسمعت أسرتي الخبر فانتقلت إلى عين المكان لتأخذني معها«. أما مديحة الشافعي التي يبلغ سنها 14 سنة وتتابع دراستها بالمستوى التاسعة إعدادي بالثانوية الإعدادية محمد السادس والتي نجت بأعجوبة بمساعدة أحد أصدقائها فروت لنا قصة هذه الفاجعة بعد عودتها وتلقيها العلاج بالمستشفى الإقليمي ببنسليمان:» تجمعنا في حدود الساعة الثامنة صباحا من يوم الفاجعة وبما أن عددنا كان كثيرا فقد ارتأى مدربنا الذي نظم الرحلة أن نتوجه إلى البحر عبر مرحلتين بواسطة »سطافيت« التي أقلت الفوج الأول من المستفيدين من الرحلة وعادت لتقل الفوج الثاني، وبعد وصولنا شرعنا في ممارسة الرياضة على الشاطئ قرب وادي شراط ، توجهنا بعدها إلى البحر قصد السباحة وتفاجأنا بأمواج البحر والتيار البحري القوي الذي أخذ يجرف الواحد منا تلو الآخر، حاول إثرها مدربنا انتشال البعض منا لكن صعوبة التيار حالت دون إتمام العملية وقد كدت أن أغرق لكن بمساعدة زميلي تمكنا من النجاة وقد رأيت حينها فدوى الوردي بطلة المغرب تستغيت وتطلب النجدة من سائق »سطافيت« الذي حاول إنقاذها بمعية صديقها لكن الصدمة كانت قوية حيث غرق الثلاثة دفعة واحدة« لا شك أن فاجعة وادي شراط ستظل تتداولها الألسن على مدى السنوات المقبلة، لكون المنطقة عرفت وشهدت كوارث وأحداثا مأساويا اهتز لها الرأي العام الوطني والدولي. فبالأمس القريب عرفت المنطقة غرق المرحوم أحمد الزيدي برلماني الدائرة ورئيس جماعة شراط وعلى مقربة من نفس المكان صدم القطار وزير الدولة عبد الله باها واليوم تعود مدينة بنسليمان لتعيش حدادا كبيرا على فقدان أبنائها بمياه وادي شراط وهم كلهم صغار في ريعان شبابهم وينتظرهم مستقبل زاهر في المجال الرياضي والدراسي. وينحدرون من أسر بسيطة جلهم يقطن بالحي الحسني. وقد توزعت أحزان أسرهم ما بين المستشفى الإقليمي وشاطئ البحر و مستودع الأموات بالرباط. فقد قضى الجميع ليلة حزينة بهاته الأماكن في انتظار انتشال وتسلم جثث الأبناء من المسؤول عن الفاجعة تتناسل التساؤلات حول ملابسات الحادثة / الفاجعة وفي الوقت الذي فتح فيه تحقيق في ظروف وملابسات الفاجعة لابد من استحضار الإطار العام للكارثة فالشاطئ بحسب ماصرح به رجال الوقاية المدنية أنفسهم خطير وغير صالح للسباحة، إلا أنه لا توجد علامات تشويرية تنبه ?لى خطورته وتعلن أن السباحة ممنوعة فيه، معطى لابد من استحضاره لمعرفة حدود مسؤولية الدولة في الحادثة. وفي انتظار ظهور أولى نتائج التحقيق فقد خلف هذا الحادث المأساوي أسى وحزنا عميقا في أوساط ساكنة بنسلمان بصفة عامة التي خرج سكانها للتضامن مع أسر الضحايا ومؤازرتها في هذا المصاب الجلل، وتحولت منازل الضحايا إلى قبلة لمختلف الشرائح الاجتماعية وللمسؤولين الذين هبوا لتقديم المواساة و العزاء لعائلات المكلومة.