واقعة العنف التي أتاها رئيس الغرفة الفلاحية لدكالة عبدة وبرلماني التجمع الوطني للأحرار ضد مدير التعاونية الفلاحية بآسفي في اجتماع مجلسها الإداري، قبل أيام خلت، خلفت ردود فعل مدينة لهذا السلوك غير المقبول .. في التفاصيل التي لا تهمنا هنا.. هاجم رئيس الغرفة والبرلماني المدير المذكور بعصا غليظة أو زرواطة تدقيقا، وأشبعه ضربا أمام أعين المسؤولين، ثم تركه مجندلا أرضا ليتم نقله للعلاج وتحرير شكاية وضعت لدى السلطة القضائية ضد المعتدي.. الذي يهم هو محاولة استبطان الخلفيات الكامنة وراء هذا السلوك لشخص مفروض فيه الرصانة والرزانة وحسن التعامل الحضاري.. إذا عدنا قليلا إلى الوراء.. سنجد أن التعاونية الفلاحية «لاسكام» التي تهتم بالمتاجرة في المنتوج الفلاحي وخصوصا الحبوب ، كانت دائما موضع التساؤلات والشكايات بشأن طريقة تدبيرها وطبيعة مسيريها.. التعاونية تتصرف في الملايير و لا أحد يعرف أين و كيف تذهب تلكم الأموال إلا ما أراد له القابضون على مداخلها الإدارية والمالية أن يعرف.. مسيروها يعتبرونها ريعا محفوظا لجنابهم.. كيف لا وهم يدخلون في خانة الشبكات المتحكمة في صناعة الخرائط الانتخابية في آسفي، عبدة ودكالة، بل لاعبون أساسيون في كل الاستحقاقات التي تعرفها الجهة والمنطقة.. لا يلعبون إلا لإفساد اللعبة وتحصيل المواقع داخل الجماعات وفي البرلمان بغرفتيه عن طريق شراء الأصوات وابتزاز الشرائح الفقيرة والفلاحين.. وهذا الكلام حتما سيجد له مكانا في التقارير التي ترفعها أجهزة الدولة للمركز.. ناهيك عن المتابعات القضائية التي كان هؤلاء عرضة لها بعدما ضبطوا وتوبعوا من لدن السلطة القضائية.. في مكالمات هاتفية يدلسون ويناورون ويساومون في استهتار واضح بإرادة الانتخاب وقيم النزاهة والديمقراطية والمواطنة.. بل منهم من أدين وأبعد من الترشيح للاسباب السالفة الذكر.. أيضا هؤلاء عمدوا لتزوير الشواهد المدرسية لرئاسة جماعات قروية وهذا المعطى تعضده الشكايات والملفات المستقرة في محاكم آسفي.. إذن من يسير التعاونية الفلاحية بآسفي جزء من لوبي حقيقي له سوابق انتخابية فضائحية، ينتمي للممارسات القديمة التي تنتصر للفساد الانتخابي والسياسي، ولا يتوقف الأمر هنا للأسف الشديد.. هذا اللوبي جزء من أخطبوط كبير يمد أرجله على كل مداخل الثروة المحلية في الإقليم و الجهة .. نهب الرمال و احتكار سرقتها على الشريط البحري دون حسيب أو رقيب كما يقع اليوم في كاب كونتان أو شاطئ البدوزة.. كراء الأسواق الأسبوعية و«سرط» مداخيلها والتملص من تأدية واجباتها، الاستيلاء على أراضي الجموع وحيازتها برسوم الاستمرار الصيغة المثلى للنصب و الحيازة .. هذا يقع مثلا في احرارة و البدوزة و الصويرية القديمة و على امتداد سهل عبدة عموما .. أيضا لم يتركوا حتى الثروة الحيوانية و منها اللحوم و المجازر.. نوضح خطة الاشتغال هذه لدى اللوبي الأخطبوطي لسبب بسيط.. هو أن هؤلاء يتوفرون على «ذكاء استراتيجي» في تحصيل وحماية وتسييج الريع الاقتصادي الذي تتحول ملاييره المكتسبة إلى صندوق أسود داعم لمرشحيهم وفاسديهم في الانتخابات.. من يستطيع مقاومة «نخبة «حزبية وسياسية مشتركها الأمية والفساد أو مواجهتها على الساحة الانتخابية.. هل ستصمد البرامج والتوجهات الكبرى للبلاد أمام برنامجهم الذي يقوم على توزيع الأعطيات والأموال المشبوهة على الناس.. يظهر الآن بعد التمعن في طبيعة المتحكمين في التعاونية.. أن أصحاب الأصول السياسية الفاسدة لا يجدون غضاضة وحرجا في الدفاع عن مصالحهم الضيقة حتى ولو استعملوا العنف.. هم يملكون المال وثروات هذه البلاد.. يرتعون ويفسدون.. والسؤال المركزي الذي يطل بعنقه احتجاجا.. هل يتدخل المجلس الأعلى للحسابات لافتحاص وتدقيق مسارات الأموال المتحصلة من عرق الفلاحين ومجالات الصرف بالملايير التي توظف في صناعة الخرائط الانتخابية ومراكمة الثروات غير المشروعة؟ تخليق الحياة السياسية ودعم التحولات في البلاد ومن بينها مسار الانتقال الديمقراطي.. لن يتم بمثل هذه الكائنات التي دخلت إلى السياسة فقيرة معدمة وتحولت اليوم إلى كبار الأثرياء الذين تجد السلطة صعوبة في لجم طموحاتهم الفاسدة والمفسدة..؟