صحافيون جزائريون يستحضرون مساهمة المغرب في استقلال الجارة الشرقية    زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بهبات رياح عاصفية مرتقبة بعدد من أقاليم الممكلة    "أطباء القطاع العام" يعلنون خوض إضراب وطني عن العمل احتجاجا على حكومة أخنوش    أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل لاعب إفريقي للسنة    المنتخب الوطني يختتم مشواره في إقصائيات كأس إفريقيا بفوز كبير على منتخب ليسوتو    المفوضية الجهوية للأمن بأزرو…استعمال السلاح الوظيفي من قبل شرطي لتوقيف متورطين في اعتراض وتهديد سائق أجرة    أسرة الأمن الوطني تحتفي بأبنائها المتفوقين دراسيا ورياضيا وفنيا    توزيع 10 حافلات للنقل المدرسي على الجماعات الترابية بإقليم الحسيمة    المنتخب المغربي يختتم تصفيات كأس إفريقيا 2025 بالعلامة الكاملة    مشاريع الحسد الجزائرية تواصل فشلها الذريع....    شريط سينمائي يسلط الضوء على علاقات المملكة المغربية والولايات المتحدة منذ مستهل التاريخ الأمريكي    الشرادي يكتب : عندما تنتصر إرادة العرش والشعب دفاعا عن حوزة الوطن وسيادته    حالة ان.تحار جديدة باقليم الحسيمة.. شاب يضع حد لحياته شنقا    العراقي محمد السالم يعود لجمهوره المغربي بحفل كبير في مراكش    إنقاذ سائح وزوجته الألمانية بعد محاصرتهما بالثلوج في أزيلال    مصرع 4 أشخاص في حادث سير مروع    المغنية هند السداسي تثير الجدل بإعلان طلاقها عبر "إنستغرام"    مجموعة العشرين تعقد قمة في البرازيل يطغى عليها التغير المناخي والحروب وانتخاب ترامب    بريطانيا تفرض عقوبات جديدة ضد إيران        دراسة: البحر الأبيض المتوسط خسر 70 % من مياهه قبل 5.5 ملايين سنة    الفرحة تعم أرجاء القصر الملكي غدا الثلاثاء بهذه المناسبة        الحزب الحاكم في السنغال يستعد للفوز    رابطة ترفع شكاية ضد "ولد الشينوية" بتهمة الاتجار بالبشر    هذه هي المنتخبات التي ضمنت رسميا التأهل إلى "كان المغرب" 2025    أجواء غير مستقرة بالمغرب.. أمطار وزخات رعدية وثلوج ابتداءً من اليوم الإثنين    جائزة ابن رشد للوئام تشجع التعايش    فتح باب الترشح لجائزة "كتارا للرواية العربية" في دورتها الحادية عشرة    محامي حسين الشحات: الصلح مع محمد الشيبي سيتم قريبا بعد عودته من المغرب    انطلاق مهرجان آسا الدولي للألعاب الشعبية وسط أجواء احتفالية تحت شعار " الألعاب الشعبية الدولية تواصل عبر الثقافات وتعايش بين الحضارات"    المغرب يستضيف الملتقي العربي الثاني للتنمية السياحية    مركز موكادور للدراسات والأبحاث يستنكر التدمير الكامل لقنطرة واد تدزي    الكرملين يتهم بايدن ب"تأجيج النزاع" في أوكرانيا بعد سماح واشنطن باستخدام كييف أسلحتها لضرب موسكو    تزامن بدلالات وخلفيات ورسائل    فاتي جمالي تغوص أول تجربة في الدراما المصرية    فرنسا تقسو على إيطاليا في قمة دوري الأمم الأوروبية    بني بوعياش وبني عمارت على موعد مع أسواق حديثة بتمويل جهوي كبير    "غوغل" يحتفل بالذكرى ال69 لعيد الاستقلال المغربي    المغرب يفتح آفاقاً جديدة لاستغلال موارده المعدنية في الصحراء    ملعب آيت قمرة.. صرح رياضي بمواصفات عالمية يعزز البنية التحتية بإقليم الحسيمة    تنظيم النسخة 13 من مهرجان العرائش الدولي لتلاقح الثقافات    بعد صراع مع المرض...ملك جمال الأردن أيمن العلي يودّع العالم    مزاد يبيع ساعة من حطام سفينة "تيتانيك" بمليوني دولار    ارتفاع أسعار النفط بعد تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا    تراجع النمو السكاني في المغرب بسبب انخفاض معدل الخصوبة.. ما هي الأسباب؟    مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان    وقفة احتجاجية بمكناس للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤال الإرهاب وبقايا التخلف السياسي بآسفي .. الفساد .. الريع .. البام .. و أشياء أخرى ..!؟
نشر في آسفي اليوم يوم 10 - 06 - 2011


محمد دهنون
كتبنا فيما سبق قبل أيام عن اقتصاد الريع ، وقدمنا نماذج حقيقية وواقعية حول هذه الثقافة الريعية التي تسلطنت وتسرطنت داخل رقعة إقليم آسفي.. وسيكون من الموضوعية والوجاهة تقديم وجوه و شخوص وعرابي هذا الريع سليل الفساد السياسي والانتخابي.من يكون هؤلاء.. ؟.. كيف ترعرعوا وكبروا ، من حماهم وكيف وصلوا لتكوين ثروة غير مستحقة بدون تأطير سياسي ولا حس وطني.. ماذا يفعلون في الخريطة الانتخابية.. وأي بيت حزبي يأويهم ويحتضن فسادهم التاريخي..؟! .. نقدم هذه الورقة الإعلامية خصوصا وأن المدينة اليوم أصبحت في بعض تفاصيلها الاجتماعية والسياسية " حاضنة" لسؤال الإرهاب ، بل إن جنوبها الذي يضم أحياء شعبية مثل سيدي مومن والسكويلة والتقلية .. ونتيجة لتلك السياسات التي قوت فقط الهاجس الأمني وأغفلت أسئلة التنمية الحقيقية والإدماج وأنسنة القرار العمومي .. رأينا كما رأى الجميع نتائج تلك السياسات .. وهي أسباب نزول هاته الورقة الإعلامية. ..هم شلة معروفة. علاقتهم بالسياسة لا تتعدى إفساد الحياة السياسية. تاريخهم مرتبط بأجهزة السلطة. مشتركهم.. الأمية ، الفقر ، أصول اجتماعية نكرة ، لم يعرفوا النضال قط في حياتهم ، كل زادهم ورصيدهم النهب والاغتناء الفاحش عبر اختلاس المال العام وشراء ذمم الناخبين وتحويل المدينة والإقليم في كل استحقاق إلى سوق نخاسة انتخابية أمام أعين السلطة. وليتهم توقفوا عند هذا الأمر.. بل بلغ بهم"ذكاؤهمالسياسوي" إلى اختراق كل المؤسسات التمثيلية والترابية والقضائية أيضا.. الملفات والوثائق والتقارير توجد في أدراج كل المسؤولين القدامى والجدد منهم.
الرمال والأسواق السياسية.. ترى كيف بدأ الاغتناء..؟.. القوم انطلقوا من دواويرهم وكوشيناتهم ولبنهم وعصيدتهم ، إلى رئاسة معظم الجماعات القروية ، في سنوات قليلة.. أنجزوا المتعين، تحكموا في كل مداخل الثروة الريعية.. استولوا على المقالع المشروعة وغير المشروعة. ولا احد يستطيع ان يجاريهم في أية محطة انتخابية. يوزعون الأموال بفحش ظاهر ، يتسابقون على اظهار الولاء المغشوش في كل المناسبات الرسمية ، يصادقون بعض المتواطئين والفاسدين داخل أجهزة السلطة ، يقدمون الهدايا والأعطيات للمنبطحين والانتهازيين.. يمارسون ثقافة القرب التي تعني عندهم الكفن والمقبرة ودعم الموت..!.. الزرود والولائم ديدنهم في تطويع البطون الجائعة.. ويغسلون أيادي ضيوفهم بالمياه المعدنية. استولوا بعد هذا على كل أسواق الإقليم من الإثنين إلى الأحد.. ونقصد بها من الغيات لحرارة لجمعة اسحيم لثلات بوكدرة وهكذا دواليك.. يكونون شركات وهمية في اسم الخلان والبنات والنساء والصديقات ، ويعمدون لكراء المرافق من أنفسهم لأنفسهم..!.. حتى "الفنادق" لم يسلموا منهم ، بمعنى أن باركينكات الحمير والبغال في كل هذه الأسواق القروية يسيطرون عليها ، ويتوفرون بالتأكيد على العدد الحقيقي للحمير في إقليم آسفي.. واللهم لا حسد.. ولهذا تسميهم النكتة الشعبية محليا ، ب "الفنادقية".. لأن خلفيتهم السياسية ومسارهم الحزبي انطلق من هناك.. بعدها توجهوا إلى مقالع الرمال.. لامن داز ، يسرقون الرمال ويحمون لصوصها ويوزعون الأرباح بالتساوي ، على كل المتواطئين واللاعبين معهم في نفس ملعب الفساد ، تكاثروا بقوة وتناسلت فضائحهم الأخلاقية والتدبيرية ، زوروا الشواهد المدرسية و أثبت القضاء ذلك ، ضبط أغلبهم في التنصتات الهاتفية في تجديد غرفة المستشارين ، وعزل من عزل ، ومنع من منع من الترشح والانتخاب بأحكام قضائية ، لكن الخلف والحمد لله..!.. موجود وبقوة ، إذا طردهم حكم قضائي من لعبة السياسة الرديئة التي يتقنون تفاصيلها الفاسدة.. فالعوض على الابن والأخت والصديق الحميم.. نسوق هنا نموذج اتنين الغيات وحد حرارة وسبت كزولة. العقار السياسي والانتخابي.. موضوع العقار في هذه المدينة يحتاج لأكثر من وقفة ، لأن به ومعه اغتنى الكثير ، وكان بوابة حقيقية للربح السريع وللترقي السياسي ، أناس لم يقدموا شيئا للبلاد ، أخذوها سهلة وأكلوها لوحدهم ، " استثمروا" في التجزئات ، أي تحصيل الأراضي بطرق مشبوهة بدون ترك أية بصمة ، حازوا أجود المواقع بالتواطؤ.. بنوا مساكن سرعان ما تشققت على رؤوس ساكنيها ، والأحكام القضائية موجودة ، حولوا أحياء جديدة باسم دعم السكن الاجتماعي إلى صناديق اسمنتية ، وتركوا تجزئات معروفة مثل المسيرة.. بلا طرقات وبمياه عادمة ترمى على جانب الأحياء ، وكأننا في قندهار.. تواطؤوا مع مستشاري وبرلمانيي الغرفة الفلاحية والتعاونية الفلاحية لقضم ما تبقى من أراضي وسط المدينة بأثمان بخسة تحت أعين الوالي السابق للجهة ، وبعد ذلك عملوا على اجتياح المؤسسات التمثيلية وشراء الأصوات ودفع السلطات المحلية لإنجاز خريطة سياسية وانتخابية على مقاسهم ومقاس أبنائهم.. ألم يقولوا ذات يوم إن الثروة تبني طريقا في البحر ، وهكذا فعلوا.. رئيس قسم الشؤون العامة السابق والذي عين في الحسيمة حاليا يفهم ويعرف ويدرك ما صنعت يداه ، التزوير في آسفي بلغ مداه بلا حشمة أو حياء وبدون احترام للتاريخ وللطبقة السياسية الوطنية الحقيقية. فضائحهم أيضا في العقار يعرف تفاصيلها وخروقاتها قسم التعمير في العمالة الذي اختار سياسة الصمت ، والوكالة الحضرية التي انتصرت لمقولة كم حاجة قضيناها بتركها. هذا اللوبي هو من نفس جينات لوبي البادية المسيطر على الرمال والأسواق والجماعات ، يتحالفون في الانتخابات ويقدمون يد العون لبعضهم في الوساطات والاستيلاء على الرئاسات والغرف المهنية والمجالس الإقليمية والجهوية. هذه هي خططهم وأساليبهم. يضاف إليهم بطبيعة الحال مقاولو آخر لحظة الذين كانوا يتعيشون من أنشطة مشبوهة وتمكنوا من الحصول على صفقات تحسب بالملايير.. وهنا لابد أن يعيد الوالي الجديد النظر في صيغ وطريقة توزيع المارشيات وخصوصا صفقات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. "البام" .. بيتهم السياسي الحالي .. ! في نفس السياق التحليلي.. "الحظوة" الاجتماعية التي نالها هؤلاء نتيجة "الجفاف السياسي" الذي عاشه المغرب لحظتئذ في الزمن السابق و الثروة التي تحصلت لهم بفعل سيادة منطق الريع الاقتصادي و محاولة خلق نخبة محلية ذات أصول قروية يسهل التحكم فيها و تدجينها حد التماهي مع مشروع السلطة السياسية آنذاك. كل هذه أسباب كانت بمثابة منصة انطلاق مثل هذه الكائنات السياسية التي وجدت الطريق سالكة نحو المؤسسات الدستورية و أصبحت تصنع خريطتها الانتخابية بكثير من الأريحية النفسية و المادية. هؤلاء للأسف الشديد جزء كبير من التشكيل السياسي الذي يسير حاضرة آسفي و ما جاورها ، سنوات تقارب العقدين و هؤلاء يتم تصعيدهم و موقعتهم في الجسم السياسي ، لم يسبق لهم أن انتموا إلى فكرة الوطن و لا ضربتهم النفس عن الأحزاب التي يترشحون باسمها ، فهم مع من يعطي التزكية بأسرع وقت، لا يهمهم تأسيس هياكل و أجهزة حزبية و ربطها بالمواطنين و لا تأطير الناس و لا تخليق الحياة التمثيلية و لا إعطاء صورة شفافة و محترمة عن العمل البرلماني و التدبير الجماعي. همهم الحفاظ على مواقع الريع التي اكتسبوها بدون وجه حق و تشكيل جبهة فساد قوية ضد كل مبادئ التخليق و المفهوم الجديد للسلطة و الحكامة الجيدة ، يتفاهمون و يتواطؤون على مصلحة البلاد و منهم نماذج كثيرة على امتداد جغرافية هذا الوطن. اليوم استقر بهم المقام في حزب الأصالة و المعاصرة ، كلهم و بدون استثناء التحقوا بالوافد الجديد قبل انتخابات 2009 ، و منهم من أصبح عضوا كامل العضوية في الأجهزة التقريرية لحزب الهمة الذي بشر المغاربة بأنه جاء لتغيير المشهد السياسي و محاربة التمييع و الرداءة التي ميزت حياتنا الانتخابية . و للتاريخ فالزعيم المفترض للحزب الأغلبي الشيخ بيد الله ، ترعرع كل هؤلاء الذين نتحدث عنهم في زمن ولايته على عبدة و دكالة ، و التاريخ شاهد بالنقطة و الفاصلة و اليوم و الساعة على ذلك ، حتى لا نقول أكثر ...؟؟
خشونة تاريخية..! هي إذن "خشونة" من نوع آخر يمارسها التاريخ في الحاضر و الماضي . و لعل من تجليات هذه الخشونة هو إنتاج نماذج تسلطت على الحقل السياسي المغربي برمته . و باتت تنازع مناضلي الحركة الوطنية و اليسار المغربي في شرعيتهم ، و في مشروعية تواجدهم بالمؤسسات التمثيلية بالبلاد . ألا يجب تغيير و تحييد و التخلص من أناس همهم الأساس تمييع الحياة السياسية .قد يكون هذا مفهوما في مناخ سياسي كان يؤطره وزير الداخلية الأسبق ، عندما كان يصنع الأغلبيات و يوزع الكوطات على من يتقن لعب دور الكومبارس السياسي . أما اليوم فمن غير المستساغ و لا المقبول إن سياسيا أو اجتماعيا و حتى أخلاقيا، الإبقاء على الزبناء القدامى أصحاب الريع و الامتيازات و هدر الثروة الوطنية ، و الاحتفاظ لهم بنفس المواقع الانتخابية. أمام هذا السرد الموضوعي لمسلكيات عناصر تشكل بامتياز بقايا التخلف السياسي ، ما العمل؟ و ما هو البديل الذي يجب أن يفكر فيه مركزيا ، بمعنى أن يكون هاجسا أساسيا و حاضرا في أية مقاربة دستورية و قانونية أو قراءة اجتماعية و سياسية ، و خصوصا فيما يتعلق بالتحديث السياسي الذي يتطلب بل يستلزم من النخب الوطنية سواء في موقع القرار أو غيره، الأخذ به قبل أي حديث عن التنمية ، لأن التنمية السياسية بالأساس لا تقل أهمية عن الجوانب الأخرى. صراحة .. لجأت الدولة فيما سبق في إطار الصراع التاريخي بين السلطة السياسية و المعارضة التقدمية بالخصوص ، إلى بدونة العديد من المدن و ترييفها ، ناهيك عن التحكم في البادية و منع تسرب أي نفس تقدمي، ثم اللجوء لاحقا إلى تصنيع نخب تم تفريغها في مؤسسات ذات طابع حداثي بذهنية تقليدية تعتمد على المزاوكة و العار و الذبيحة و القسم على القرآن . مما أنتج ممارسة سياسية متخلفة تستقي آليات بنائها و استمرارها من معايير بعيدة كل البعد عن منطق الحداثة الذي نفترض حتما أن الخطب الملكية جاءت حابلة به في غير ما مقطع . فتسييد قيم و قناعات تؤسس للمساواة و العدل و وجود آليات تضمن مراقبة المسؤولين على الشأن العام و محاسبتهم و تقويمهم، و استبدال آليات الشرعية التقليدية المستمدة من التقاليد و الأعراف بشرعية جديدة تقوم على الانتخاب و الانتداب و القانون ، لم يواكبها تطور مواز على مستوى تأهيل النخب المحلية و إعدادها للرهانات الجديدة . نعم إن التحديث السياسي أو التنمية السياسية عملية شاقة ، لكن هذا لا يعفي من الوقوف على الثغرات و طرد الشوائب أو عوائق التحديث . بالمنطق السليم..
* من كان مفسدا بالأمس و اليوم لا يمكن أن يصبح نبيا للديمقراطية في سنة 2012.
* من أكل الميزانيات و اشتغل مخبرا لدى الأجهزة المحلية لا يمكنه تمثل آليات التحديث المطالبة بها النخب المحلية الذي لم يترب أو ينشأ وسط هياكل ديمقراطية و مناخ وطني ، و وصل سن "اليأس السياسي" و كان منخرطا قديما في الحزب السري لصاحبه المعلوم ، مناهضا لكل مظاهر الديمقراطية و الحداثة ، لا يمكنه بأية حال من الأحوال أن يستقيم و يدعو إلى بناء مؤسسات سياسية وفق الآليات الديمقراطية التي توصل لها العقل البشري . لهذا نجد هذه النماذج التي تشكل أعيانا تقليديين في آسفي و بادية آسفي و قد اصطفوا دفاعا عن مصالحهم التي تتعارض كلية مع مصالح السكان و يستمدون قوتهم من النفوذ و الريع أكثر من الشرعية الجماهيرية ، و يعملون في اتجاه فرملة التحديث بكل معانيه الخلاصة .. سيفهم القارئ الرصين لماذا أنتجت آسفي ، بعد أن كانت خلفية داعمة للنضال الديمقراطي و التقدمي ، و قدمت فاتورة ثقيلة من المواقف النضالية و المناضلين الذين جاوروا إخواننا في أقبية المعتقلات السرية و العلنية. لماذا و كيف أنتجت نماذج مثل الويسكي و الصنايكي و الكراولي ، بعد أن كانت بطنا ولودا للمناضلين.
إنهم عناوين بارزة لمسلسل سياسي فرض على المغاربة في فترة معينة . و اليوم لا زلنا نتلظى بناره في آسفي حصريا رغم أن مكونات الدولة تخلت عن هذا النهج و اختارت الانخراط في سلسلة التحديث و البناء الديمقراطي الحقيقي ، فهل قدر آسفي أن تركب قطار التنمية بما يليه من تحول ديمقراطي حقيقي ، أم أن هذه المنطقة التاريخية المناضلة ، ستبقى وكرا لأباطرة الانتخابات الفاسدين و الأميين و الجهلة أصحاب الممارسات السياسية الدنيئة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.