عاشت مدينة فاس أيام 1 الى 9 ماي أجواء فنية رائعة بمناسبة المهرجان الوطني 13 الذي نظمته الجماعة الحضرية بشراكة مع مؤسسة تراث فاس، حيث استمتع سكان فاس عامة وعشاق فن الملحون بأروع القصائد الملحونية بجنان السبيل وسط الحدائق الأندلسية الرائعة وانسياب المياه الرقراقة، إذ كان موعد الجمهور مع جوق أشياخ الملحون بفاس الذين أبدعوا إنشادا وطربا ،كما اكتظت حديقة الأميرة للا أمينة بالمدينةالجديدة ا بمحبي هذا الفن الأصيل الذين استمتعوا بحفل الربيع من إحياء جوق الملحون بفاس الذي أدى مجموعة من القصائد الملحونية في طليعتها قصيدة الربيع هب ونسام فاحت وهي قصيدة تتغنى بجمالية فصل الربيع و ما يزخر به من مميزات طبيعية . المهرجان الملحوني 13 شاركت فيه فرقة سجلماسة بار فود وجوق الأصالة بمكناس إلى جانب جوق جمعية أمحمد بوزوبع والمجموعة النسائية الفاسية ومجموعة شباب فن الملحون بفاس الذين أبدعوا وجددوا حيث قدموا سمفونية ملحونية صفق له الجهور الذي اكتظت به القاعة الكبرى لفاسالمدينة التي تعد تحفة فنية أبدعها الصناع التقليديون بفاس ،وقد أبت اللجنة الثقافية بمجلس فا س ا ن تعنون السهرات الملحونية بعناوين تشير إلى الراحل المبدع الملحوني الحاج محمد بوزوبع والمنشد الراحل محمد النجيوي وهما سهرتان ساهم في إحيائها جوق فاس وجوق الملحون لمراكش بالإضافة الى جوق سجلماسة بارفود والفرقة النسائية الفاسية .. ومن أهم المحطات المميزة في هذه الدورة هي المسرحية الفكاهية الشاب والشابة المستوحاة من شعر الملحون من إعداد الفنان الملحوني محمد العلمي وإخراج حميد الرضواني . كما تميز المهرجان بتوقيع مجموعة من الكتب التي تبحث في هذا الفن الأصيل بالإضافة الى عدد من الندوات الفكرية من أهمها المحاضرة التي ألقاها الدكتور عباس الجراري بدار العلاقات الخارجية حول تطور قصيدة الملحون شكلا ومضمونا انطلاقا من الشاعر الملحوني عبد الله بن حساين الذي ابتكر الشرطين أي الفراش والغطا فاتحا المجال للشعر المبيت مما يعد تطورا في الشكل ،كما عرفت القصيدة الملحونية يقول د الجراري.. تطورا في الموضوع داخل الزوايا في مدح الرسول ،أما الشاعر حماد الحميري فقد انشد قصائد في موضوع الطبيعة وزاد تطور القصيدة الملحونية في الموضوع عندما تناول الشاعر بوعمر مواضيع غزلية فانتقد من طرف مجا يليه وحكم عليه بالزندقة غير انه فتح المجال لشعراء الملحون في مجال الغزل وفي طليعتهم التهامي المدغري الذي كان فقيها ، وهكذا تناول شعراء الملحون عددا من القضايا الاجتماعية كما واكبوا النضال من أجل الاستقلال، ثم عرف الشعر الملحوني تطورا في الشكل على يد الشاعر المريني الذي تخلى عن القافية على غرار الشعر الحر فلقي معارضة من خصومه إلى أن برز شعراء مجددون أمثال المغراوي الذي دعا إلى الدندنة، بينما فضل الشاعر المصمودي مالي مالي على الدندنة ليظهر بعد ذلك الشيخ الجيلالي متيرد والكندوز وغيرها وظل شعراء الملحون رهينون لهذا النمط لقلة النقد الفني ،وظل الملحون منزويا رغم احتضانه من طرف الملوك العلويين في عهد مولاي عبد الرحمان مولاي أحفيظ الذي كان شاعرا . فالملحون يقول د الجراري خرج من الزوايا والمساجد ثم عرف التجديد لتناوله مواضيع مختلفة بمصاحبة الآلات الموسيقية العصرية ثم تساءل المحاضر قائلا ..هل من حقنا نجدد الملحون وكيف ؟ فالأشياخ بذلوا جهودا كبرى للحفاظ على هذا التراث لذا فنحن لا نطالبهم بالتجديد بقدر ما ندعوهم للمحافظة عليه لكن الأهم ان المضمون في حاجة إلى التجديد خاصة أن المغرب يعيش مخاضات سياسية واجتماعية عميقة قي غياب التعبير الشعبي، لذا يتوجب على شعرائنا، يقول د الجراري، أن يلامسوا القضايا المعاصرة ولنا في تجربتي ناس الغيوان وجيل جيلالة خير مثال على ذلك .