قدمت فاعلات وناشطات صحراويات أمام لجنة المناصفة وتكافؤ الفرص لمنتدى رؤساء برلمانات أمريكا الوسطى والكاريبي، يوم الاثنين بالرباط، شهادات مؤثرة عن الوضع المأساوي الذي تعيشه النساء في مخيمات تندوف ومعاناتهن الطويلة جراء استمرار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وأبرزت هذه الشهادات، خلال اجتماع هذه اللجنة المنعقد تحت شعار "الوصول إلى اللواتي لا صوت لهن"، بمشاركة برلمانيين من المغرب ودول أمريكا الوسطى والكاريبي وسفراء من أمريكا اللاتينية معتمدين بالرباط وخبراء، حجم المعاناة التي تكابدها النساء الصحراويات بمخيمات تندوف، والحرمان الذي تتعرض له من أبسط الحقوق الأساسية كالحق في التعبير وحرية التنقل والحق في الرعاية الصحية وخاصة بالنسبة للنساء الحوامل وكذا الحق في الأمومة، حيث تتعرض الأمهات الصحراويات لنزع أطفالهن من حضنهن وتسفيرهم إلى بلدان مختلفة ثقافيا من أجل شحنهن بإيديولوجية الكراهية. وفي هذا الصدد، أكدت الناشطة الصحراوية سعداني ماء العينين، واحدة ضمن آلاف الأطفال والفتيات الذين هجرتهم جبهة (البوليساريو) قسرا نحو كوبا، أن أكثر الشرائح التي تعاني بمخيمات تندوف هي فئة الأطفال والنساء، مبرزة الحرمان الذي تتعرض له النساء اللاتي لا يمكن لهن الاحتجاج على الترحيل القسري لأطفالهن نحو أمريكا الجنوبية، ولا إبداء أي رأي يخالف قيادة الحركة الانفصالية. وأضافت أن قادة "البوليساريو" متورطون في تصفية وتعذيب العديد من الصحراويين خاصة من اختلف معهم في الرأي، إلى جانب متاجرتهم في معاناة الصحراويين عبر تحويل المساعدات الإنسانية الدولية الموجهة للمخيمات من أجل الإثراء الشخصي. ومن جهتها، أبرزت الناشطة بعمر مسغولة، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوي، أن المرأة الصحراوية في المخيمات تعاني من ظروف وأوضاع مزرية على كافة المستويات خاصة ما يهم الصحة والتعليم، أو ما يتعلق بقساوة الطبيعة ، مشيرة إلى استمرار التهجير القسري للأطفال نحو أمريكا الجنوبية بعيدا عن أحضان الأمهات الصحراويات. وفي ذات السياق، أبرزت كل من الناشطتين الصحراويتين، مغلاها الدليمي وكحوانة أوبلا، أشكال الحرمان الذي تعيشه المرأة الصحراوية في المخيمات في ما يتعلق بالحق في التعبير وفي التنقل حيث لا يمكنها الحصول على جواز السفر الذي أصبح امتيازا لا تحصل عليه سوى أسر قيادة "البوليسارو" والمقربون منهم. كما أشارتا إلى أن المرأة الصحراوية تعيش أيضا الحرمان والخصاص على مستوى مواد التغذية التي يتم التلاعب فيها وتحويلها نحو الأسواق الدولية، وكنتيجة لذلك، لا يحصل الأطفال والنساء وخاصة أثناء الحمل على وجبات صحية متوازنة. وتميز هذا الاجتماع الذي ترأسته النائبة الاشتراكية حسناء أبو زيد، بتقديم مداخلات خلال المناقشة العامة من طرف البرلمانيات كجمولة منت أبي وخديجة أبلاضي ونزهة الصقلي، أبرزن فيه حجم معاناة النساء الصحراويات بمخيمات تندوف وكذا الدور الذي تضطلع به المرأة الصحراوية في المجتمع والحياة السياسية والمؤسساتية المغربية، داعين إلى ضرورة وضع حد لهذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية من خلال اعتماد مبادرة الحكم الذاتي الموسع الذي يشكل إطارا مرجعيا لإنهاء هذا النزاع الذي أضحى يعرقل تقدم وازدهار شعوب المنطقة ويهدد الأمن والاستقرار بالمنطقة. وكان المغرب، العضو الملاحظ بمنتدى رؤساء المؤسسات التشريعية بأمريكا الوسطى ودول الكاريبي، قد اختير في 12 فبراير الماضي بسانت دومينغو إلى جانب كوستاريكا، رئيسا للجنة المناصفة وتكافؤ الفرص التابعة للمنتدى. ويضم منتدى رؤساء المؤسسات التشريعية بأمريكا الوسطى ودول الكاريبي، برلمانات غواتيمالا وبليز والسلفادور والهندوراس ونيكاراغوا وكوستاريكا وبنما وجمهورية الدومينيكان والمكسيك بالإضافة إلى المغرب الذي يعد البلد الافريقي الوحيد الذي يشغل العضوية بصفته ملاحظا في هذا المنتدى. من جهة أخرى تم، يوم الاثنين مرة أخرى، توجيه مساءلة لحكومة جهة جزر الكناري الإسبانية، التي تأوي فوق ترابها العديد من أنصار حركة "البوليساريو" الانفصالية، حول الجرائم التي ارتكبتها "البوليساريو" ضد السكان الصحراويين في مخيمات تندوف فوق التراب الجزائري. وسلم رئيس "جمعية مفقودي البوليساريو" الداهي أكاي، ، لرئيس حكومة جهة جزر الكناري، باولينو ريفيرو، ملفا مفصلا حول حالات التعذيب والاختفاء القسري التي ارتكبها جلادو "البوليساريو" في مخيمات تندوف. وفي رسالة أرفقها بالملف، ذكر الداهي أكاي، وهو نفسه ضحية الفظائع التي ترتكب في سجون "البوليساريو"، رئيس حكومة جزر الكناري بالشكاية التي وضعت لدى المحكمة الوطنية، أعلى هيئة جنائية بإسبانيا، ضد الإبادة الجماعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في تندوف. وطالب في الرسالة سلطات جزر الكناري بتقديم كل المساعدة اللازمة من أجل تحديد هوية جلادي تندوف، لاسيما المدعو مولود لحسن، الذي يوجد حاليا فوق تراب جزر الكناري، وتقديمهم إلى العدالة من أجل محاسبتهم على الجرائم البشعة التي ارتكبت ضد السكان الصحراويين. وقال رئيس "جمعية مفقودي البوليساريو" في هذه الرسالة، التي توصلت وكالة المغرب العربي للأنباء بنسخة منها، أنه تم تحديد الجلاد مولود لحسن من قبل ضحاياه والشهود لدى مثوله أمام القاضي الإسباني، بابلو روث، بالمحكمة الوطنية في مدريد. ويضم الملف، الذي سلم لسلطات جزر الكناري، أيضا، صورا لبعض الجلادين، وضحايا التعذيب، ولصحراويين لا زالوا في عداد المفقودين، ومعتقلين إسبان فقدوا في سجون البوليساريو فوق التراب الجزائري. يذكر أن قاضي المحكمة الوطنية الإسبانية السابق، بابلو روث، كان قد قضى بقبول الشكاية التي تم التقدم بها، في 14 دجنبر 2007، ضد قادة "البوليساريو"، وضد ضباط في الأمن والجيش الجزائريين بتهمة "ارتكاب جرائم إبادة والاختفاء القسري والاعتقال غير القانوني والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان". ويوجد من بين المتابعين في هذه القضية، والبالغ عددهم 29 شخصا، على الخصوص، الممثل السابق ل"لبوليساريو" بإسبانيا، إبراهيم غالي، المستقر حاليا بالجزائر، و"وزير" الإعلام في "الجمهورية الوهمية" سيد أحمد بطل، و"وزير" التربية البشير مصطفى السيد، والممثل الحالي للانفصاليين بإسبانيا جندود محمد. كما تتابع العدالة الإسبانية محمد لوشاع الممثل السابق ل"لبوليساريو" بجزر الكناري والذي توفي بلاس بالماس، وخليل سيدي محمد "وزير" المخيمات، ومحمد خداد "المنسق الحالي مع المينورسو" و"مدير عام سابق للأمن العسكري"، بتهمة تعذيب السكان في مخيمات تندوف فوق التراب الجزائري. وأعرب رئيس "جمعية مفقودي البوليساريو" عن أسفه لكون مرتكبي هذه الجرائم الخطيرة، ورغم الدعوات الكثيرة لمحاكمتهم، يواصلون التنقل بحرية في إسبانيا ويحضرون أنشطة فوق التراب الإسباني وجزر الكناري، بجوازات سفر دبلوماسية جزائرية، وتحت حماية "البوليساريو" والسلطات الجزائرية.