الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    "المغرب ينير الأندلس" ويتحول إلى فاعل طاقي وازن في الضفة الجنوبية    البنك الدولي يتوقع انخفاض أسعار السلع الأولية إلى مستويات ما قبل كورونا    استعادة التيار الكهربائي تنهي ساعات من العزلة والصمت في البرتغال    الأوقاف تدعو المواطنين إلى توخي الحذر بخصوص بعض الإعلانات المتداولة بشأن تأشيرة الحج    المغرب يدين أكاذيب الجزائر بمجلس الأمن: هوس مرضي وتزييف الحقائق    "المستشارين" يحتضن شبكة الأمناء العامين لمنتدى الحوار جنوب جنوب    "النهج": الحوار الاجتماعي يقدم "الفتات" للأجراء مقابل مكاسب استراتيجية ل"الباطرونا"    خبر مفرح للمسافرين.. عودة الأمور إلى طبيعتها في مطارات المغرب بعد اضطرابات الأمس    ربط المغرب بآسيا.. اتفاقية استراتيجية بين المكتب الوطني للسياحة وطيران الإمارات    شراكة تجمع التعليم العالي و"هواوي"‬    "البيجيدي" يطالب بتوسيع "الانفراج الحقوقي" ويؤكد أن البناء الديمقراطي بالمغرب شهد تراجعات    دول الساحل تُشيد بمبادرة المغرب لتمكينها من الولوج إلى الأطلسي وتؤكد تسريع تفعيلها    كيف يمكن لشبكة كهرباء أن تنهار في خمس ثوان؟    كارني يحقق فوزا تاريخيا في الانتخابات الكندية ويعد بمواجهة تهديدات ترامب    أورنج تهدي مشتركيها يوما مجانيا من الإنترنت تعويضا عن الانقطاع    حريق مطعم يودي بحياة 22 في الصين    إسبانيا.. ظهور السفينة الحربية المغربية "أفانتي 1800" في مراحل متقدمة من البناء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    الوزيرة بنعلي: جودة مياه الشواطئ المغربية ترتفع إلى 93 في المائة    كاميرات ذكية ومسرح في المدارس المغربية لمواجهة العنف    تكريم موظفين في سجن "لوداية"    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    نقابة الكونفدرالية بالمحمدية تطالب بعقد اجتماع عاجل مع السلطات الإقيليمية لإنقاذ عمال مجموعة "الكتبية"    يضرب اليوم موعدا مع تنزانيا في النهائي القاري .. المنتخب النسوي للفوتسال يحقق تأهل مزدوجا إلى نهائي كأس إفريقيا وبطولة العالم    أخبار الساحة    مشروع مستشفى بالقصر الصغير في طي النسيان منذ أكثر من عقد يثير تساؤلات في البرلمان    هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: المؤرخ ابن خلدون … شاعرا    موكوينا يخلط أوراق الوداد الرياضي    تنظيم ماراتون الدار البيضاء 2025 يسند إلى جمعية مدنية ذات خبرة    أزيد من 220 عاملًا بشركة "أتينتو Atento" بتطوان يواجهون الطرد الجماعي    البطولة.. أربعة فرق تحاول تجنب خوض مباراتي السد وفريقان يصارعان من أجل البقاء    خبير اقتصادي ل"رسالة 24″: القطار فائق السرعة القنيطرة مشروع استراتيجي يعزز رؤية 2035    أرسنال يستضيف باريس سان جرمان في أولى مواجهتي نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    مهرجان كان السينمائي.. لجنة تحكيم دولية برئاسة جولييت بينوش وعضوية ليلى سليماني    مؤسسة المقريزي تسدل الستار على الأسبوع الثقافي الرابع تحت شعار: "مواطنة تراث إبداع وتميّز"    شباب خنيفرة يسقط "الكوكب" ويحيي الصراع على الصعود    لقاء علمي بجامعة القاضي عياض بمراكش حول تاريخ النقود الموريتانية القديمة    عودة حمزة مون بيبي : فضيحة نصب تطيح بمؤثر شهير في بث مباشر وهمي    السايح مدرب المنتخب النسوي للفوتسال: "التأهل للنهائي إنجاز تاريخي ونعدكم بالتتويج بلقب الكان.. والفضل يعود لهشام الدكيك"    مراكش: تفاصيل توقيف أستاذ جامعي يشتغل سائق طاكسي أجرة بدون ترخيص    تمارة.. اعتقال أب وابنه متورطين في النصب والاحتيال بطريقة "السماوي    وهبي: تعديل القانون الجنائي سيشدد العقوبات على حيازة الأسلحة البيضاء    الصين: الحكومات المحلية تصدر سندات بحوالي 172 مليار دولار في الربع الأول    لماذا يستحق أخنوش ولاية ثانية على رأس الحكومة المغربية؟    سانشيز يشيد بتعاون المغرب لإعادة الكهرباء    حصيلة الدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دانتي والإسلام

في عام 1919، أصدر ميجيل آسين بلاثيوس كتاباً نال رواجاً هائلاً عن »الكوميديا الإلهيّة« من تأليف دانتي. كان موعد الذكرى الستّ مئة لوفاة هذا الشاعر، وهو أكثر الشعراء الإيطاليين شهرةً، قريباً آنذاك. وفي كتاب »علم الأخرويات الإسلامي في الكوميديا الإلهية«، كرّس آسين بلاثيوس مئات الصفحات لتوثيق مواطن التشابه الملفتة بين صعود دانتي المجازي من الجحيم إلى الفردوس، وبين الرحلات التي تصفها نصوص مختارة من التقليد الإسلامي، لا سيّما النسخ المختلفة عن رحلة النبي محمّد الليليّة إلى جهنّم وصعوده إلى الجنّة.
وتركت أفكار الأديب الإسباني وقعاً قويّاً، لا سيّما في إيطاليا. ونتج عن كتاب آسين بلاثيوس نقاش محتدم بين مؤيّدي بحثه من جهة، والمدافعين عن فرادة دانتي من جهة أخرى. ومن المعلوم أنّ الغرب آنذاك كان ينظر إلى العالم الإسلامي بنوع من الفوقيّة، وسط الأجواء الاستعماريّة وطموحات »فرض التمدّن« السائدة آنذاك. فكيف كان أيّ شخص ليفكّر أنّ نابغة إيطاليّاً مثل دانتي يدين بأيّ شيء لتقاليد هذه الشعوب غير الأوروبية والأدنى منه مقاماً؟
في نهاية ثمانينيات القرن العشرين في بولونيا، نظّمتُ مع طلاّبي سلسلة حلقات دراسيّة، تناولنا خلالها مفسّري دانتي »المصابين بالهذيان«. وأصدرنا كتاباً (بعنوان »الفكرة المحوَّرة«، حرّرته ماريا بيا بوزاتو)، شمل مجموعة مقالات بحثيّة حول بعض هؤلاء المفكّرين - جابرييل روسيتي، وأوجين أرو، ولويجي فالي، ورينيه جينون وجيوفاني باسكولي - ونُعتوا جميعاً بمفسّري الشاعر الإلهي المتطرّفين، أو المسرفين أو المصابين بجنون العظمة. وتناقش البعض آنذاك حول ما إذا كان ينبغي إدراج آسين بلاثيوس ضمن لائحة هؤلاء المفسّرين الغريبي الأطوار. ولكنّنا قرّرنا ألاّ نفعل، لأنّ آسين بلاثيوس، على الرغم من تأكيداته المبالغ فيها أحياناً، لم يكن يهذي على الإطلاق.
وتوثّق بقوّة أنّ دانتي تأثّر بمصادر إسلاميّة عدّة. وبالتالي، ليست مسألة ما إذا كان دانتي قد غرق في قراءة هذه النصوص مباشرةً، بل أكثر حول كيفيّة اطّلاعه عليها في القرون الوسطى. ولا شكّ في أنّ علماء مسيحيّين كثيرين كتبوا عن رؤاهم حول العالم الآخر. ووصفوا بعضها في »حياة القديس مقاريوس الروماني«، و»رحلة برندان«، و»رؤى تنديل«، ناهيك عن أسطورة بئر القديس باتريك. ولكنّ هذه المصادر هي طبعاً غربيّة بالكامل.
وفي كتابه، قارن آسين بلاثيوس هذه الروايات بتلك التي وجدها في التقليد الإسلامي، وأظهر، تماماً كما فعل دانتي قبله، أنّ أصحاب الرؤى الغريبيّن كانوا تعلمواا أموراً من نظرائهم البعيدين، الذين أقاموا على ساحل البحر الأبيض المتوسّط. وفي ذلك الوقت، لم يكن آسين بلاثيوس قد اطّلع بعد على »كتاب المعراج«، الذي أعيد اكتشافه في أربعينيات القرن العشرين، بعد أن تُرجِمَ من اللغة العربيّة.
هل كان دانتي بنفسه ليعرف بالرواية عن رحلة النبي إلى الآخرة؟ قد يكون سمع بها عن معلّمه برونيتو لاتيني، أو قرأ نسخاً لاتينيّة عن نصوص عربيّة حول تاريخ الإسلام وأصوله، كانت مشمولة في »مجموعة طليطلة« الصادرة بتفويض من بطرس المبجّل، رئيس دير كلوني الفرنسي، حتّى قبل ولادة دانتي.
ولا شكّ في أنّ الإقرار بهذه التأثيرات لا يُنقِص أبداً من عظمة دانتي، حيث إنّ عدداً كبيراً من كبار المؤلّفين استندوا إلى تقاليد أدبيّة سابقة، لإصدار مؤلّفات يتفرّدون فيها بالكامل.
بالتالي، ما الذي دفعني إلى نفض الغبار عن هذه الاكتشافات والنقاشات؟ ذلك لأنّ دار نشر »لوني« الإيطاليّة أعادت مؤخراً إصدار كتاب آسين بلاثيوس، وتحمل النسخة الجديدة عنه عنواناً لافتاً أكثر من سابقه، هو »دانتي والإسلام«، ويشمل مقدّمة ممتازة وضعها كارلو أوسولا لترجمة العام 1994.
هل تبقى قراءة كتاب آسين بلاثيوس منطقيّة، بعد أن سمح كمّ كبير من البحوث المتتالية بتجسيد مزاعمه؟ هي كذلك، لأنّ صياغته ممتعة، وهو يطرح عدداً هائلاً من المقارنات بين دانتي »وأسلافه« العرب. حتّى أنّ الكتاب أصبح اليوم أكثر صلة بالواقع ? في حقبة تزعزعها همجيّة الأصوليين الإسلاميين المجنونة، وينسى الناس خلالها العلاقات التي لطالما كانت قائمة بين الثقافتين الغربيّة والإسلاميّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.