أثارت المشاهد الأربع، التي توفرت لحد الآن، من الفيلم الأخير، لنبيل عيوش، «الزين اللي فيك»، ردود فعل قوية من طرف العديد من الأوساط، بتهم متعددة، مثل الإساءة لصورة المغرب وإظهاره كبلد للدعارة، والحط من قيمة المرأة المغربية، وتضمنه لكلمات بذيئة ومظاهر للخلاعة وغير ذلك. قد يكون عاديا أن نناقش صورة المرأة المغربية، إذا كان الأمر يتعلق بعمل سوسيولوجي أو إحصائي، يقدم لنا عينة تمثيلية عن المرأة المغربية، أو وصلة إشهار للمكتب الوطني للسياحة، والحال أننا أمام عمل سينمائي، يعتمد أساسا على الخيال ويظل محكوما برؤية إبداعية ذاتية، لا ترقى إلى مرتبة الواقع، مهما حاولت ذلك. فالفيلم، مهما كان موضوعه، هو عبارة عن عمل إبداعي متخيل، لا يمكن التعامل معه، كما لو كان استطلاعا للرأي أو تحقيقا وطنيا او عملا إحصائيا، بل هو اجتهاد معين، قد يقارب الحقيقة أو قد يكون عبارة عن فانطازيا، لا علاقة لها بالواقع. فلماذا ردة الفعل القوية تجاه فيلم يروي حكايات الدعارة في المغرب؟ نعرف جميعا أن الدعارة ممارسة مهنية في المغرب، كما هو الشأن في مختلف بلدان العالم. ما الذي أزعج الرافضين لهذا الفيلم؟ هل هو الموضوع؟ أو الصور واللغة الخليعة؟ علما بأن المغاربة لم يشاهدوه بعد، إذ لم يبدأ عرضه في القاعات السينمائية. نلتهم أفلاما من مختلف الجنسيات، تروي حكايات، قد تكون واقعية أو متخيلة، عن الدعارة وتجارة المخدرات والإجرام والرعب وفساد الأنظمة، ونعتبر تلك الأعمال دليلا على تطور المجتمع وقدرته على انتقاد الظواهر، إنطلاقا من رؤية سينمائية تمزج الخيال بالواقع. لكن في المغرب، كثيرا ما تجد السينما نفسها محاصرة من طرف فئة معينة.كما حدث حين انتفض العدول لأنهم اعتبروا أن فيلما أساء لصورتهم، وما حصل مع سائقي سيارة الأجرة. وايضا مع فيلم صور فتاة محجبة لها علاقة خارج الزواج، مع أن هذا الفيلم تحدث عن فتاة واحدة محجبة وليس كل المحجبات في العالم، وانطلاقا من تخيل أصحاب الفيلم. الأمر يتعلق بإبداع متخيل، لك أن تختار مشاهدته أو لا. أما ما يجب إدانته، فمحدد في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، التي تنطلق من حرية التعبير والإبداع، ومن رفض الدعوة للعنف والكراهية والتطرف والعنصرية. ويبقى للمشاهد بالطبع الحق في انتقاد القيمة الفنية والأدبية، للعمل السينمائي.