أن يحدد المرء مواعيده ويرهنها بقطارات الخليع، لا بد أنها فكرة خاطئة، وستكلف صاحبها التأخر عن الموعد، بل وإلغاءه، وإضاعة الوقت وارتفاع الضغط، مع ما يرافق ذلك من خسائر مادية وتعطيل للمصالح... وتوقف للحياة. التأخر هنا لا يتعلق بدقائق معدودة، لأن مستعملي القطارات في المغرب تعودوا على ذلك، وأصبحوا يخططوا لمواعيدهم وهم يضعون هامش التأخر كجزء من الرحلة، لكن المأساة هو ما أصبح يعانيه المسافرون هذه الأيام، حيث امتدت فترات التأخر لتصل لعدة ساعات، بلغت إحداها أربع ساعات متصلة... والمحظوظون هم من يتأخر عليهم القطار وهم في المحطة، أما التعساء، فيتوقف بهم القطار في الخلاء، في حر الظهير، وفي عربات مكتظة تفتقد لشروط الراحة وبدون مكيفات، والأسوأ أنهم لا يجدون مخاطبا يطيب خاطرهم ولو بكذبة تفادي الاصطدام بقطار قادم في الاتجاه الآخر، بيد أن الحقيقة هي فشل شركات الصيانة في مهامها. وأمام استفحال الوضع، لم يجد ضحايا قطارات الخليع بدا من اللجوء للعالم الأزرق، حيث تم منذ نهاية أبريل الماضي إنشاء صفحة بعنوان (ONCF en retard)، وقارب أعضاؤها السبعة آلاف شخص، جعلوا من هذا الفضاء فرصة لإسماع صوتهم والتعريف بمعاناتهم، حيث يقوم الأعضاء بالتبليغ عن حالات التأخر، وتوثيق ذلك بالصور والتذاكر. وتسعى الصفحة في هذه المرحلة لجمع قرابة عشرة آلاف مشترك فيها، تم الانتقال في وقت لاحق إلى الخطوة التالية في مراسلة المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية للاحتجاج والمطالبة بتقديم توضيحات وإيجاد الحلول.