مرت خمسون سنة على تأسيس المكتب الوطني للسكك الحديدية، وهي في حكم الزمن نصف قرن بالتمام والكمال ومن المفروض أن يكون المكتب قد اكتسب خبرات كبيرة على مستوى النقل على السكة الحديدية سواء نقل المسافرين أو نقل البضائع، وهي سنوات كافية ليجدد أساليب اشتغاله والخضوع للمعايير الدولية في هذا النوع من النقل والتنقل، وروج المكتب للمنجزات التي حقق، لكن كما يقال فإن الكلام لا تثبت صحته حتى يجد له مصداقا على أرض الواقع، وبمعايير الملاحظة اليومية فإن ما يروج له المكتب الوطني للسكك الحديدية من منجزات هو مجرد وَهْم لا أقل ولا أكثر. فيفتخر المكتب بأسطوله من القطارات التي وضعها رهن إشارة المسافرين، لكن واقع الحال غير ذلك، فالقطارات التي وضعها ربيع لخليع لنقل المسافرين متهالكة وكما يقول البعض تفكها باردة شتاء حارة صيفا في دلالة على الاضطراب الواضح في التكييف الذي تتبجح به إدارة القطارات، وأصبحت عبارة عربات مكيَّفة يتم تحريفها أي أنها عربات غير عادية "دايخة" في البرد تطلق مكيفات باردة جدا وفي الصيف تطلق مسخنات كحر جهنم، ناهيك عن غياب النظافة والخدمات التي تعتبر من أردإ أنواع الخدمات والتي لا يمكن مقارنتها حتى بقطارات دول أقل من المغرب في مؤشرات التنمية. وأصبح واضحا أن المواطن لا يمكن أن يضبط مواعيده وفق مواقيت القطارات، حيث لا تأتي القطارات في موعدها بتاتا وأصبح الساعات شيئا معروفا في تأخر القطار، وقد ضيع المكتب الوطني للسكك الحديدية العديد من مواعيد مواطنين كانوا يستعدون للسفر للخارج، ولا ندري هل يعرف ربيع لخليع أن عدم الانضباط في المواعيد يضيع على الاقتصاد الوطني فرصا كثيرة. من جهة أخرى، اهتم ربيع لخليع بتغيير بنية المحطات السككية، وقد ارتكب جريمة في حق المعمار الذي يعود تاريخه إلى حقبة طويلة، وله دلالات ثقافية، سواء من حيث الهندسة أو من حيث المواد المستعلمة، فقد خرَّب لخليع بنيات تاريخية كانت تحتوي على أنواع من الزخرفة تمت صياغتها يدويا وكان بالإمكان إصلاح هذه المحطات بدل تخريبها، لكن ظهر أن المتحكم في ذلك هو تحويل المرافق الجديدة لمستثمرين فرضوا أسعارا لا تنسجم مع قدرات المسافرين.