دخلت اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة حيز التنفيذ بتاريخ 26 يونيو 1987، وصادقت عليها 157 دولة، من بينها المغرب (21 يونيو 1993). وفي 18 دجنبر 2002، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة البروتوكول الاختياري الملحق بهذه الاتفاقية، والذي دخل حيز التنفيذ عام 2006، ونصت ديباجته على تعزيز »حماية الأشخاص المحرومين من حريتهم من التغذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة... بوسائل غير قضائية ذات طابع وقائي تقوم على أساس القيام بزيارات منتظمة لأماكن الاحتجاز«. ومنذ عام 2006، صادقت عدة دول على هذا البروتوكول، وبدأ المغرب عملية التصديق بتاريخ 1 نونبر 2012، أودع وثائق التصديق يوم 24 نونبر عام 2014، وبالتالي أصبح الدولة الطرف رقم 76 في البروتوكول الاختياري. وبذلك تكون الدولة المغربية بتفعيل هذا البروتوكول، وخاصة مادته 17 التي تنص على أن »تستبقي كل دولة طرف أو تعين أو تنشئ، في غضون أقصاها سنة واحدة بعد بدء نفاذ هذا البروتوكول أو التصديق عليه أو الانضمام إليه، آلية وقائية وطنية مستقلة واحدة أو أكثر لمنع التعذيب على المستوى المحلي«. وذلك استجابت الحكومة لمطلب قديم جدا تبناه المجتمع المدني وتوصية أساسية جاءت في تقارير التحريات التي أنجزها المجلس الوطني لحقوق الانسان. وفضلا عن ذلك، أطلق المغرب في 4 مارس 2014 بتعاون مع الشيلي واندونسييا والدنمارك وغانا مبادرة طويلة الأمد لمكافحة التعذيب، تدعو خصوصا الحكومات لبذل جهود مشتركة خلال العقد المقبل بهدف التصديق العالمي والكوني على هذا الصك وتفعيله على أرض الواقع. وفي هذا السياق ينظم المجلس الوطني لحقوق الانسان وجمعية مناهضة التعذيب بتاريخ 12 ماي 2015 بمدينة الرباط ندوة حول »الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب: التحديات والممارسات الفضلى« وتعد هذه الندوة مناسبة للمساهمة في النقاش الدائر حاليا حول الوضع المستقبلي للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب في المغرب وطريقة عملها، وذلك على ضوء تجارب آليات من بلدان أخرى. وتجدر الاشارة إلى أن المجلس الوطني لحقوق الانسان وجمعية مناهضة التعذيب عملا معا من أجل »تفعيل برنامج متحدون من أجل قارة مناهضة للتعذيب«، تم اطلاقه من مدنية الرباط في دجنبر 2011 بالتعاون مع الشبكة الافريقية للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان. كما تعبأ المجتمع المغربي لعدة سنوات من أجل مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاانسانية أو المهينة، حيث تم تشكيل تحالفات ومنابر ركزت في عملها على التحسيس من أجل مكافحة التعذيب وإصلاح الاطار القانوني والمؤسساتي ومكافحة الإفلات من العقاب. كما دعا المجلس الوطني منذ إنشائه إلى اعتماد مقاربة شمولية من أجل التصدي للتعذيب وتجريمه، وأصدر العديد من التقارير والمذكرات المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، نصت على توصيات استندت على دراسات وتحقيقات قام بها، حيث دعا التقرير الموضوعاتي حول أوضاع السجون بالمغرب، الصادر في أكتوبر 2012، على المصادقة على البروتوكول الاختياري وإنشاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب. واستناداً إلى العمل الذي تقوم به لجانه الجهوية، وعلى ضوء الشكايات التي تلقاها بخصوص ادعاءات التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة الأخرى، يرى المجلس ضرورة إنشاء آلية وقائية وطنية، لترسيخ التزام المغرب بالقضاء على التعذيب. وفي هذا السياق، ومن أجل ضمان الشروط الضرورية لإنجاح إحداث هذه الآلية الوطنية، ينظم المجلس هذه الندوة بحضور فاعلين أساسيين على المستوى الوطني والدولي، وذلك من أجل تبادل الخبرات ومناقشة الممارسات الفضلى للوقاية من التعذيب، حيث تتوخى الندوة أساساً تحقيق الأهداف التالية: تحديد الإطار والتنظيم والوسائل الكفيلة بتمكين الآلية الوطنية للوقاية من التصدي للتعذيب وسوء المعاملة على نحو فعال. تعميق التفكير حول طريقة عمل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بين الفاعلين بالمغرب، على ضوء تجارب ومكتسبات الآليات المنشأة في بلدان أخرى. برنامج الندوة إنصب على تقديم أهم مقتضيات البروتوكول الاختياري وتجارب الآليات المنشأة في بلدان أخرى، وكذا إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب في السياق المغربي. هذه الندوة عرفت مشاركة الفاعلين الرئيسيين على المستوى الوطني (الحكومة والمجلس الوطني والمجتمع المدني والبرلمانيين)، وكذا مشاركة خبراء دوليين من اللجنة الفرعية للأمم المتحدة لمنع التعذيب، واللجنة الأوربية لمنع التعذيب، وجمعية منع التعذيب، والمعهد الدانماركي لمناهضة التعذيب (كرامة)، وخبراء من مجلس أوربا، وكذا آليات وطنية بأوربا وافريقيا وأمريكا اللاتينية.