بالرغم من إعلان أوباما رسمياً عن ضرورة الصرامة في الاستعمال الدقيق لطائرات الدرون، فإن أخطاء هذه الأخيرة في إصابة الأبرياء مازالت تثير نقاشات في أوساط المتهمين بإشكالات الحرب على الإرهاب. بعض الهيئات المستقلة اعتبرت أن إصابة المدنيين في الآونة الأخيرة ضعيفة بالمقارنة مع رقم 197 ضحية سنة 2010. في 15 يناير الماضي، لم يكن يتوقع جهاز المخابرات الأمريكي أن »وارون ويشلون« الأمريكي والايطالي »جوبياني«، لوي يورو كانا محتجزين في المكان الذي كان هدفاً لطائرات الدرون. في نفس الفترة بالضبط، تم قتل أمريكيين ينتميان إلى القاعدة »أدم كيدان« و »أحمد فاروق« ومرة ثانية باعتراف الجهاز المخابرات الأمريكي المكلف بالعملية، فإن المعلومات المتوفرة لم تكن على علم بوجود العنصرين الأمريكيين. هذه العمليات يطلق عليها في تقارير الجهاز الأمريكي »توقيعات« سطارك. قد حاول أوباما ضبطها وتأطيرها عندما صرح في أكتوبر 2014 »يجب أن نقضي على القواعد الخلفية لإرهابيين عوض قتل أبرياء وخلق أعداء جدد لأمريكا. الحرب على الإرهاب بطائرات الدرون بدأت سنة 2008 قبل مجيء أوباما إلى الحكم .عدد أفراد خلايا القاعدة آنذاك لم يتجاوز في باكستانوأفغانستان 300 عضو, تم القضاء على جزء كبير منهم، لكن تنظيمات أخرى أعلنت ولاءها للقاعدة لاسيما في اليمن، والتي يصل عدد أطرها إلى أكثر من 1000. جون برنال المدير العام لجهاز المخابرات الأمريكي مرتاح من عمليات الدرون التي حققت أهدافها، مادام أن القاعدة كتنظيم لا تستطيع القيام بعمليات شبيهة ب 11 شتنبر، إلا أن ما يتنافى أن ظاهرة تنظيم القاعدة لم تعد محصورة في مكان جغرافي محدد. فبالإضافة إلى العراق ثم سوريا ونيجيريا وشمال مالي ثم بروز الدولة الاسلامية قبلها النصرة ثم الصومال واليمن، هذه بؤر توتر مواجهتها تحتاج تعبئة بشرية وتكنولوجية استثنائية. من هذا المنطلق، فإن تصريحات المسؤول الأول عن المخابرات الأمريكية ليست كافية لطمأنة الرأي العام في الولاياتالمتحدةالأمريكية يسعى إلى معرفة الجواب الحقيقي عن السؤال المؤرق: هل نحن بصدد خلق أعداء جدد؟ حسب بعض الأبحاث التي قامت بها بعض معاهد الدراسات الاستراتيجية المهتمة بالقضايا العسكرية مثل »نيو أمريكا فوندسيون,« أن هناك أكثر من 522 ضربة بطائرات الدرون 3852 قتيلا 476 مدنيا, ينتمي إلى التنظيمات الإرهابية. رقم قد يثير غضب الأوساط الحقوقية، لكن يبقى، حسب هذه المؤسسات، يحظى بالدعم والسند الشعبي الأمريكي، سواء من خلال استطلاعات رأي أو داخل الكونغريس. فالجميع يعتبر عملية الدرون فعالة للقضاء على الإرهاب دون التورط في الحروب الكلاسيكية قد يكون ثمن البشري فيها مكلفاً. هذا النقاش جاء متزامناً مع بعض التسريبات لوثائق سرية لضربات الدرون. فالقاعدة الأمريكية المتواجدة »برم سطاين« في الجنوب الغربي لألمانيا هي البنية الخلفية المتطورة والمكلفة بتدبير كل العمليات المعقدة الخاصة بهذه الضربات. فالتجهيزات المتطورة بدأ الاشتغال بها منذ يوليوز 2012، والذي يهم نوعين من طائرات الدرون وهما »رايير« و »تخيداتور« لذلك ولضمان الفعالية، فإن قاعدة رام سطاين الألمانية لها وظائف أساسية بدونها لا تستطيع أمريكا إنجاح هذه العمليات، سواء بالنسبة للمخابرات أو سلاح الجو الأمريكي في أفغانستان والشرق الأوسط وافريقيا. المستشارة الألمانية ميركل بعد هذه التسريبات محرجة، فاستعمال القاعدة العسكرية كان مشروطاً بعدم القيام بعمليات مخالفة للقوانين الألمانية، لكن بعض فقهاء القانون الدولي الألماني عبروا في وسائل الاعلام أن الأمريكيين المتواجدين في القاعدة برم سطاين قد تنسب لهم جرائم حرب، لاسيما أن هذه القاعدة توظف أكثر من 16 ألف أمريكي ما بين عسكري ومدني وهي تكون بذلك أكبر القواعد الأمريكية خارجة تراب الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقد اكتملت الأشغال بها 2013. أوباما عند زيارته إلى برلين أشار إلى أهمية هذه القاعدة العسكرية في الحرب على الإرهاب مع التأكيد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لا تستعمل الأراضي الألمانية لأغراض عسكرية غير معلنة أو مخالفة للقوانين، إلا أن انفجار فضيحة تنصت المخابرات الألمانية لحساب الأمريكيين على شركات فرنسية حساسة في مجال التكنولوجيا العسكرية بدأ الشك يراود البعض أن ميركل لها مصالح مع الحليف الأمريكي عوض حماية مصالح الشريك الفرنسي. المساهمة الاسبوعية في راديو «أطلنتيك»