مثل يوم امس الثلاثاء، رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أمام مجلس النواب، في إطار المساءلة الشهرية، ووجد رئيس الحكومة نفسه أمام سؤال محوري تقدمت به فرق المعارضة حول الحوار الاجتماعي الذي عرف تراجعاً كبيراً منذ مجيء الحكومة الحالية، مما أدى إلى الغليان وسط الحركة النقابية. إذ جمدت الحكومة الحوار الاجتماعي، ولم تعمل على تنفيذ ما تبقى من بنود اتفاق 26 أبريل الذي أبرمته الحكومة السابقة مع المركزيات النقابية، والتضييق على الحريات النقابية، إلى غير ذلك من الملفات المطلبية التي بقيت دون أجوبة وحلول من طرف الجهاز التنفيذي، مما حذا بالجسم النقابي إلى خوض العديد من الإضرابات القطاعية، وكذلك إضراب عام أكثر من مرة. فرق المعارضة اختارت إثارة هذا المحور ثلاثة أيام فقط عن احتفاء الطبقة العاملة بعيدها الأممي الذي يصادف فاتح ماي من كل سنة. وقد شددت فرق المعارضة في سؤالها الموجه إلى رئيس الحكومة على تذكير بنكيران بالتزام حكومته بمواصلة الحوار مع النقابات الممثلة للطبقة الشغيلة، لكنه لحد الآن، هناك تذبذباً في هذا الحوار الأساسي الذي من المفروض أن تعطى له الأولوية، وتتم مأسسته وانتظامه، انسجاماً مع ما تضمنه الدستور الجديد. وأكدت فرق المعارضة أن اللقاءات الأولى التي تحرص فيها الحكومات بالبلدان الراسخة في الديمقراطية على القيام بها تكون مع النقابات، وسجلت تواصل التوتر وتوسعه بصورة مقلقة مهددة للاستقرار والسلم الاجتماعي، واستفحال البطالة وتدهور القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة. وتساءلت فرق المعارضة عن هذا التأخر في الحوار مع النقابات والتراجع عن تنفيذ التزامات الحكومة في هذا الباب، وكيف سيتم تقويته وانتظامه معالجة الوضعية الاجتماعية المتدهورة والتجاوب مع الملفات النقابية المطروحة. وفي سؤال موجه إلى رئيس الحكومة من طرف الفريق الاشتراكي بمجلس النواب حول تفعيل السياسة العمومية المندمجة للنهوض بحقوق المرأة، أثار الفريق العرض الذي تقدم به رئيس الحكومة أمام البرلمان يوم 8 يوليوز 2014 في إطار ما ينص عليه الفصل 101 من الدستور بشأن الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، حيث التزم بأنه في إطار إقرار سياسة عمومية مندمجة للاهتمام بقضايا المرأة، تم اعتماد خطة لتنسيق جهود القطاعات الحكومية للنهوض بحقوق المرأة في عدة مجالات. وتساءل الفريق الاشتراكي عن الاجراءات التي تم القيام بها لتفعيل هذه الخطة وتنسيق جهود القطاعات الحكومية للنهوض بحقوق المرأة في المجالات التي تم تحديدها من طرف رئاسة الحكومة. كما يشير الفريق الاشتراكي إلى موضوع آخر حول أجرأة السياسة العمومية في مجال السكن، حيث ذكر الفريق بالبرنامج الحكومي المقدم من طرف رئيس الحكومة يوم 19 يناير 2012 أمام مجلس النواب، التزم خلالها الرفع من وتيرة إنتاج السكن الاجتماعي والسكن الموجه لفائدة الأسر المعوزة بقيمة عقارية إجمالية منخفضة، وكذا تأطير البناء الذاتي وإحداث منتوج سكني جديد ذي قيمة إجمالية لا تتعدى 800 ألف درهم موجهة لفائدة الفئات المتوسطة، ولاسيما بالمدن الكبرى والمتوسطة عبر توسيع قاعدة التحفيزات وتشجيع التعاونيات السكنية، وتخفيض عبء تكاليف السكن في ميزانية الأسر، فضلا، يضيف الفريق الاشتراكي، عن إحداث منتوج جديد موجه لفائدة الشباب والأسر الشابة الحديثة التكوين. وتساءل الفريق بعد انصرام نصف الولاية التشريعية، عن الحصيلة التي تمت على أرض الواقع، تفعيلا لهذه الالتزامات الحكومية؟ الجلسة الشهرية التي امتثل فيها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أمام أعضاء مجلس النواب، تأتي بعدما رفعت أحزاب المعارضة مذكرة إلى جلالة الملك بخصوص الاتهامات الخطيرة التي وجهها إلى خصومه السياسيين، الذين يعارضون سياسته الحكومية. وعوض أن يكون النقاش سياسياً، تبنى رئيس الحكومة خطاباً مغايراً استعمل فيه كل الألفاظ غير اللائقة والاتهامات المجانية والخطيرة أيضاً، بل لم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ صرح في أحد التجمعات الحزبية التي نظمها حزبه العدالة والتنمية بأن حكومته كاد أن يعصف بها لولا تدخل جلالة الملك، وهي النقطة التي أفاضت الكأس وجرت انتقادات كبيرة على رئيس الحكومة، حيث استغرب معارضوه لهذا النهج غير السليم الذي سلكه بنكيران في خطابه، مما دعا المعارضة إلى رفع مذكرة إلى الديوان الملكي بخصوص ما فاه به عبد الإله بنكيران. ورأت المعارضة أن هذه الاتهامات المباشرة والصريحة هي في نفس الآن، استقواء بالمؤسسة الملكية، خاصة في ظل سنة انتخابية بامتياز، وهي خطة سعى إليها رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، من أجل إيهام الرأي العام الوطني وبالدرجة الأولى الناخب المغربي، أن حزب العدالة والتنمية حزب مفضل لدى المؤسسة الملكية. في ضرب سافر للدستور، الذي يجعل الملك فوق الأحزاب، وليس ملكاً لفئة محددة، بل هو ملك لكل المغاربة جميعاً.