{ الرغبة في الإنجاب تعترض سبيلها عدة عراقيل، ماهي أبرز الصعوبات على المستوى المادي والمعنوي؟ بالفعل الرغبة في الإنجاب التي تكون جامحة عند الأزواج، تعترضها عدة عراقيل أبرزها المعيقات المادية التي تكمن في الكلفة المرتفعة للعلاجات، والتي تفوق إمكانات الأزواج، هاته التكلفة التي تتنوع وفقا لطبيعة المشكل الذي يعاني منه كل زوج على حدة، والذي يتطلب إجراء سلسلة من الفحوصات، ثم الانتقال بعد ذلك إلى مرحلة العلاج بعد تشخيص الخلل، والتي قد تتراوح ما بين 25 و45 ألف درهم، وقد تفوق هذا الرقم بأكثر من ذلك، حسب الحالات، وحسب كل زوج ،وحسب الجهة التي يتلقى فيها الأزواج علاجهم. { هل لذلك أية تأثيرات على الأزواج، إناثا وذكورا؟ نعم، لهذا الوضع الكثير من التداعيات والتأثير المتعدد الأبعاد بطبيعة الحال، فهناك تبعات لاتقف عند حدود ما هو مادي، وإنما يمتد الأمر إلى ما هو أخطر من ذلك، ويتعلق الأمر بالمعاناة النفسية والاجتماعية، فنحن نمرّ ، وبشكل يومي، بامتحان عسير نفسيا واقتصاديا واجتماعيا، بالنظر إلى أن فشل محاولاتنا في الإنجاب، هو يشعرنا بالإحباط ويجلب لنا مشاكل أسرية وصحية ونفسية لا حصر لها. { هل هناك رقم عن أعداد من يعانون من صعوبات في الإنجاب بالمغرب؟ تشير تقديرات الأطباء المتخصصين في مجال الخصوبة، إلى أن هناك ما بين 15 و 17 في المئة من الأزواج في المغرب، يعانون من صعوبات في الإنجاب، علما بأن المعلومات الإحصائية حول صعوبات الإنجاب في المغرب، تظل غير دقيقة، إلا أن وتيرة الكشف عن هذه الصعوبات هي في تزايد مضطرد بين المتزوجين، استنادا إلى ارتفاع عدد الذين يطلبون فحوصات طبية وبيولوجية للكشف عن أسباب تأخر إنجابهم. { لماذا حملة وطنية للتضامن مع مطالب هذه الفئة، وما هي الغايات المرجوة منها؟ الحملة الوطنية التي اخترنا لها شعار"كلنا معنيون بالعقم وصعوبات الإنجاب من قريب أو بعيد"، ترمي إلى تحسيس المجتمع ، بجميع أطيافه ومكوناته، بما نعانيه، كما أنها تعتبر دعوة لجميع المغاربة، نساء ورجالا، ومن مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية، للتضامن معنا عبر بعث رسالة مساندة إلى موقع الجمعية على الأنترنيت، والتأكيد على أن الموضوع هو يعني جميع الأفراد، سواء من قريب أو بعيد، على اعتبار أن هذا الوضع سيستمر وغير محدد في الزمان أو المكان، أما المسؤولون فنتوجه إليهم بملفنا المطلبي التفصيلي لاتخاذ الإجراءات الضرورية في أسرع الأوقات. { كيف راودتكم فكرة الحملة، وما هي المطالب التي ترفعونها؟ لقد جاءت الفكرة بسبب غياب التغطية الصحية عن العلاجات بالأدوية والخضوع للعمليات الجراحية، التي لا يواكبها أي علاج أو دعم نفسي، فيجد الزوجان نفسيهما وسط دوامة صعبة التحمل من الناحية النفسية والمادية. ويأتي ذلك في ظل الكلفة المرتفعة للعلاجات التي تتراوح قيمتها المالية ما بين 25 ألف درهم و45 ألف درهم، حسب نوعية الصعوبة التي يواجهها الزوجان، وحسب ما تستدعيه من تدخلات جراحية، وأدوية مساعدة، وفحوصات وتحاليل، وحسب نوعية التقنية التي سيعتمدها الطرفان في محاولتهما للحمل، ومنها التخصيب الخارجي أو التخصيب المجهري، علما بأن المحاولة الواحدة غير مضمونة النتائج، إلا بنسبة 25 في المئة، وهو ما يستدعي تكرار هذه المحاولات لأكثر من مرة، في الوقت الذي تغيب إمكانية استرجاع مصاريف العلاج، لعدم إدراج المشاكل الصحية المرتبطة بصعوبات الإنجاب ضمن لائحة الأمراض المقبول استرجاع ثمنها في إطار التغطية الصحية. إن الحالمين بالأمومة والأبوة يتشبثون بحقهم في الولوج إلى العلاجات عبر التغطية الصحية الأساسية عن النفقات العلاجية، ويطالبون بالاعتراف بضعف الخصوبة أو العقم كمرض، وإلى حدود كتابة هذه الأسطر، لا تندرج قضايا صعوبات الإنجاب ضمن قضايا الصحة العمومية، لذلك تطالب جمعية "مابا" بتخصيص برنامج خاص أو استراتيجية خاصة، واضحة ومفصلة المضامين، موجهة لمكافحة صعوبات الإنجاب، وإجراء دراسة حول أسباب تنامي أعداد المصابين بها، وسبل مقاومتها، مع ضمان تغطية النفقات الصحية. إن من مساعي الجمعية مطالبة الجهات المسؤولة بضمّ قضايا صعوبات الإنجاب، ضمن الاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية لتحسين هذه الأخيرة في المغرب، انطلاقا من مكافحة صعوبات الإنجاب وتحقيق الحمل، ثم مدّ هذه الرعاية إلى الحمل والوضع وما بعده، عوضا عن حكر الصحة الإنجابية على ما بعد الحمل وخلال الوضع. { ما هو السقف الذي حددتموه لحملة جمع التوقيعات؟ لقد حددنا في جميعة "مابا" يوم فاتح يونيو المقبل كآخر أجل لتسلم التوقيعات، والذي يتزامن مع اليوم العالمي للوالدين، وهي المناسبة التي تعد حلما لجميع الراغبين في الإنجاب، كما أنها لحظة لها دلالة رمزية وفيها رسالة تؤكد تشبثنا بحلمنا في الأمومة والأبوة وسعينا إلى اتخاذ جميع الأسباب والتدابير التي تساعد على ذلك. { لماذا جمعية "مابا"؟ تهدف الجمعية إلى إخراج قضايا صعوبات الإنجاب من دائرة الصمت والطابوهات، وفتح المجال أمام الحالمين بالأمومة والأبوة بهذه المشاكل للتعبير عن معاناتهم ومطالبهم، كما تسعى إلى تحسيس المجتمع بالانعكاسات الاجتماعية والنفسية لصعوبات الإنجاب على حياة الحالمين بالأمومة والأبوة، والعمل على إخراج الموضوع إلى دائرة الضوء، والمساعدة بكل ما من شأنه زرع الأمل في نفوس الأشخاص الذين يواجهون صعوبات في الإنجاب ويحلمون بسماع كلمتي ماما وبابا. لقد جاء تأسيس الجمعية وعيا من مؤسسيها بالمشاكل التي يتخبط فيها بعض الأزواج، بشكل يومي، جراء معاناة مادية ونفسية واجتماعية، تفرضها عليهم طبيعة التجارب المتعددة التي يخضعون لها في بحثهم عن الإنجاب، وما تفرضه من كلفة مالية كبيرة، لا تغطيها مؤسسات التأمين والصناديق الاجتماعية للتغطية الصحية، في الوقت الذي تتوفر مجموعة من الإمكانات العلمية والطبية التي ترفع حظوظ الإنجاب عند الأزواج المصابين بصعوبات الإنجاب وتحقيق أمومتهم وأبوتهم. وتعد جمعية "مابا" بادرة يقودها المجتمع المدني نحو إخراج قضايا صعوبات الإنجاب من دائرة الصمت والطابوهات، يلتئم فيها مجموعة من الأشخاص المصابين بصعوبات في الإنجاب، رفقة متعاطفين مع قضيتهم.