ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحالمون بالإنجاب.. معاناة نفسية ومحاولات لتكسير جدار الصمت
نشر في المساء يوم 09 - 04 - 2015

خلال رحلة البحث عن نعمة الأطفال يجد الأزواج الذين يعانون من عسر الإنجاب أنفسهم في وضعية مواجهة لصعوبات تحقيق أجمل تجربة حياتية وإنسانية في هذا الكون، تشعر الزوجين بسعادة الإتيان بمولود جديد، يحمل خصائصهما الجينية فيعطي لحياتهما طعما جديدا يتمناه كل زوجين في بداية مشوار حياتهما الزوجية.
يتألمون في صمت، ويخفون متاعبهم الداخلية، في ظل غياب محاور أو مستمع يفهم ويستوعب مشاعرهم، يجدون أنفسهم في مواجهة أسئلة واستفسارات.
لا تتوفر الحكومة وجمعيات المجتمع المدني على إحصاءات حول عدد الأزواج المصابين بصعوبات الإنجاب، في ظل غياب سجل وطني يحصي عدد الحالمين بالأمومة والأبوة، إلا أنه في مقابل ذلك، توجد تقديرات للأطباء الاختصاصيين، تشير إلى وجود 15 في المائة من الأزواج المغاربة في وضعية بحث عن تحقيق حلمهم لسماع كلمة»ماما» و»بابا»، استنادا إلى تقديرات المنظمة العالمية للصحة حول انتشار صعوبات الإنجاب عبر العالم.
بعد أن ظل الأمر واحدا من الطابوهات في المغرب، تزايد الطلب على الاستشارة الطبية لدى الاختصاصيين في علاج أمراض صعوبات الإنجاب وارتفع الطلب على علاج مسببات تأخر الحمل، وبدأ المجتمع المدني يتبنى مبادرات لرفع الوعي بأهمية إخراج موضوع عسر الإنجاب من خانة المواضيع المسكوت عنها في المجتمع المغربي والإسلامي بصفة عامة.
غالبا ما يتحاشى الذين يعانون من مضاعفات الخوض في الحديث عن هذه التجربة الواقعية صعبة التحمل، فيفضلون عدم تقليب الموضوع ويعتبرونه من القضايا الحساسة التي تؤثر على استقرار الحياة الزوجية وهدوئها وسيادة روح الطمأنينة فيها.
يواجه المعنيون بصعوبات الإنجاب مشاعر الإحراج الكبير من الحديث عن معاناتهم لغير المعنيين بهذه التجربة، وهي مشاعر قد تبدو ظاهرة في أحيان، كما قد تظل خفية في كثير من الأحيان، لأن الحالمين بالأمومة والأبوة، يجنحون إلى عدم إظهار الجهود الكبيرة التي يبذلونها في بحثهم عن الإنجاب وما يتحملونه من متاعب نفسية واجتماعية ومادية، سيما وأن الموضوع يتجاوز أحيانا حدود التأخر في تحقق النسل إلى همس حول مؤشرات العقم التي تحاط بالسرية والكتمان.
ساعات في ضيافة الحالمين بالإنجاب
من بين الحالات التي قررت تحطيم جدار الصمت اختارت سيدة أن تفتح قلبها وتخترق المسكوت عنه. السيدة قالت وهي تنتقي كلماتها بعناية، «أن أكون أما وربة بيت وزوجة صالحة فهذه طبيعة بشرية فطرها الله في أعماق كل امرأة منذ طفولتها، فوسط ألعاب كل فتاة تجد مطبخا بلا ستيكيا وطفلا في شكل دمية ومهدا. ككل صبية حلمت بزوج يحقق لي حلم الأمومة، فتمنيت أن تدغدغني قبلات طفل وتوقظني آهاته في منتصف الليل. كنت أريد أن أحتار ملابسه وأن أعيش قلق الأم في أول موعد دراسته». هكذا بدأت السيدة حديثها قبل أن تواصل وكأنها تعيد ترتيب أفكارها على نحو كرونولوجي «التحقت بقطار الزواج ولم أتجاوز الثامنة عشرة من عمري، فمرور هذا القطار كان يستهويني رغم أني ترعرعت في كنف أسرة كان هذا القطار مؤجلا لديها باعتبار أنها كانت تضع الدراسة ونيل الشهادات الأكاديمية ضمن الأولويات، إيمانا منها بأن الطريق لتحقيق الذات لا يبدأ من محطة الزواج. هكذا كانت تطلعات والدي، لكنني خالفت العادة والشعارات والتعليمات اليومية، فأنا ما قبل الأخيرة وسط ست بنات وولدين فكانت التجربة الأولى لأسرة متماسكة. انتشيت وانتشت أسرتي بإكسير التجربة، فالزوج لم يكن بعيدا عن محيط العائلة الكل مقبل ومستبشر وهكذا حققت حلم ربة البيت وعشت حلم الزوجة الصالحة بكل نجاح، وكذلك زوجي فقد كان الرجل الحنون المعطاء وهو ما وقفت عليه بنفسي إلى أن تأخرت أحلام الأمومة»
قررت السيدة وزوجها التسلح بالإصرار ومواجهة العطب الذي لحق بعجلة الزوجية عند أول منعرج، واتفقا على زيارة طبيب مختص، وبعد «سين وجيم» وإجراء فحوصات وتحاليل اكتشفت أن زوجها يحمل إصابة مرضية على مستوى خصيتيه بسبب مضاعفات إصابته في الصبى بمرض لم يعطه الأهمية التي يستحق ما أفقده خصوبته دون أن يفقده فحولته. خبر فاق كل التوقعات السيئة، وحكم على القطار بالتوقف في ورشة الصيانة. «توقفت» الحياة في عيني أو تمت مصادرة كل حلم كان بين ذراعي. إنها صدمة لم تصب فردين بل أصابت عائلة بأكملها، فالكل يرى أحلامه أحلاما تنكسر على صخرة العقم المرعبة.
في جلسة مصارحة ومكاشفة أغلق الزوج الجريح المكسور باب الغرفة الحميمية ووضعها أمام الاختيار الصعب، بين الاستمرار أو النزول مادام القطار في أولى محطاته. «الكل واقف ينتظر الرد في أمر الخيار بين حقي الفطري في الأمومة وبين الخيار والمخير الذي تجرع من الكأس نفسها التي تجرعت منها. وضعت نفسي مكانه، وتساءلت كيف أنسحب بحثا عن الخصوبة وهو الزوج الذي اجتمعت فيه كل مقومات الأبوة؟ كيف يحرم من وريث لاسمه؟ وكيف سنواجه أعين الناظرين وأراء البعيدين قبل القريبين؟ ماذا عساي أن أختار؟ فاخترت أن أحكم إغلاق المقطورة علينا وأن أحاول وأد حلم يناجي بين أضلعي. تفانيت في أن أكون ربة بيت متكاملة المعالم، زوجة مساندة، عشيقة حنونة، فكتبت في قاموس وخطوط عريضة مفهوم الصبر والاحتساب للقضاء والقدر. قلت في قرارة نفسي لمن سأوجه اللوم إلى المرض الذي أصاب زوجي في صغره والذي لم يكن يستدعي سوى أياما من الراحة وتوعية من المسؤولين لأكون بعدها أما. ظل العتاب يراودني ويقض مضجعي إلا أن الاحتساب لله كان بلسمي».
مرت ستة عشرة عاما على الزيجة، وتبين أن أناسا آخرين يشاركون السيدة القلق الدفين نفسه، «التحق بقطارنا ركاب جدد من أسرتي ومن خارجها ولازالت أبواب القطار مفتوحة، وبكل مقطورة زوجان قد رزقا أو سيرزقا بفلذات أكباد. فتحنا أبواب المقطورات على بعضنا فأصبح كل الأبناء أبناءنا وكل مقطورات القطار بيوتنا، كنت أنتعش لسماع كلمة «ماما» بحثت عن مجالات أخرى أكون فيها ذات نفع، فاخترت التمريض وأصبحت أقضي يومي في تضميد جرح وتخفيف ألم كلما تراودني طبيعتي أحتسب الأمر لربي» تقول المتحدثة بكلمات خافتة.
تأخرها في الإنجاب لم يحل دون عودة طليقها إليها
من بين الحالات التي تحدثت إلى «المساء» أيضا سيدة أخرى قاومت مشاعر الاكتئاب، والقلق المستمر والخوف وواصلت رحلة العلاج رغم ارتفاع تكلفتها، بحيث أكدت أنها عانت من عراقيل وصعوبات عديدة في سبيل تحقيق حلمها، متتبعة خيط الأمل بالرغم من أنها صرفت مبالغ كبيرة على ذلك قبل أن تعود وتختزل الحكاية في الأمل.
خلافا لسابقتها فقد مرت السيدة بمجموعة من المراحل أقساها إلى قلبها تجربة الطلاق قبل أن يعود الود من جديد وتتزوج مرة ثانية من طليقها، قاومت صعوبات الإنجاب بالجراحة تارة والأدوية، تارة أخرى، على أمل أن تحقق شعورها بالأمومة. السيدة نفسها ختمت كلامها ل»المساء» باقتناعها في نهاية المطاف بعد رحلة العلاج المكلفة بالتكفل بطفلة في محاولة منها لوضع حد لما عاشته مشيرة ضمنيا إلى تلك المشاعر السلبية التي يتأثر بها الحالمون بالأمومة والأبوة بسبب العوامل الخارجية وبسبب كثرة الأسئلة التي تحيط بهم وتطوق أعناقهم.
الكلمة للزوج المهدد في فحولته
الرجال هم أكثر الناس إحراجا وإصرارا على ابتلاع محنتهم السرية، وقد يختزلون القضية في عطب عابر، الزمن وحده كفيل بترميمه وصيانته. فبين من يشكو صعوبة في الإنجاب وبين من يتمتع بنعمة الخصوبة مسافة بعيدة من السعادة، بل إن البعض يتيه في دوامة الخلط بين تأخر الإنجاب والفحولة، في ظل نظرة المجتمع التي تغذي «الطابو» وتصر على النيل من فحولة رجل يواجه عسرا في الإنجاب، لأنها تخلط بين الفحولة والخصوبة، وتعتقد خطأ أن من لا ينجب يشكو من نقص فحولته وواجباته في المعاشرة الزوجية، ولذلك يتحرج الرجال كثيرا من الحديث عن أنهم يشكون صعوبات في الإنجاب لتجنب هذا الخطأ الراسخ في أذهان الكثيرين بسبب نقص الوعي بالمعلومات الصحيحة حول الموضوع.
أمور كلها ترخي بظلالها على العلاقات الثنائية بين زوجين يحرصان على جعل الموضوع شأنا داخليا. أما النساء فغالبا ما يتغلبن على الإحراج ويقاومنه لحماية العلاقة الزوجية من التصدع، وتخلص الزوج من هواجس القلق التي تسكنه وتسيطر عليه في صمته أكثر من حديثه، علما أن الكثير من الزيجات، صامدات في وجه هذه المعيقات النفسية والاجتماعية، أما هامش البوح فصغير وغالبا ما يسمح به عند الحديث إلى أشخاص يتقاسمون معهم التجربة ذاتها أو الذين مروا منها وحققوا حلمهم في الأمومة أو الأبوة.
خلال محاولات «المساء» كسر الصمت عن صعوبات الإنجاب توحدت الانعكاسات الاجتماعية والنفسية لعسر دفين، ومضاعفاته على الحياة العادية للأسر، هذه المرة لم يمانع زوج يتقاسم الصعوبة نفسها مع الحالات السابقة في التعبير عن ما بدواخله من مشاعر دفينة، وعن البوح بجروحه وإطلاق سراح هواجسه، والكشف عن آلامه، والتعبير عن انتظاراته وآماله إذ أوضح خلال حديثه أنه في إطار رحلة البحث عن الذرية الصالحة زار
مجموعة من الأطباء بحيث أخبره الأول أن أمله في إنجاب طفل أو طفلة منعدم، في حين جدد طبيب آخر أمله في تحقيق سماع «كلمة بابا» بإتباع رحلة العلاج بأدوية باهظة الثمن وتكاليف طبية يصعب عليه تحملها.
خلال حديثه مع «المساء» أفصح الزوج عن ما يخالج نفسه وكشف عن رغبته في رؤية وليده كلما صادف زوجة حامل «الشيء الذي يجدد ألمي ويجعلني في حيرة في أمري لكن قدر الله وما شاء فعل».
وأضاف الزوج «تتقوى قدرتك على مواجهة المشكل لكن بعض الأشخاص يحرجونك بالأسئلة التي قد تشكل حساسية لهذا الموضوع تتجاوز حساسية المرض ذاته، بسبب تدخل الآخرين في أمور تعتبر شخصية وحميمية باعتبار الموضوع حقا من حقوقنا، ويمكننا مناقشته وإبداء رأينا فيه بشكل ثنائي وعند الضرورة بإشراك طبيب».
ميلاد جمعية الحالمين بالأمومة والأبوة
بنبرة هادئة وملامح تعكس التصالح مع الذات اختارت عزيزة غلام رئيسة الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة، والأبوة أن تميط اللثام عن ما عاشته بعد أن تعذر عليها تحمل الجرح النفسي العميق الناتج عن فشل جميع محاولاتها لتحقيق حلم أمومتها عبر المساعدة الطبية على الإنجاب واصفة وضعها ب «أمر يثير جميع مشاعر الألم النفسي»».
في حديثها ل»المساء» قالت عزيزة: «قبل تأسيس الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة، لم نكن نجد فضاء أو فسحة للحديث عما يدور في أذهاننا من أفكار، حيث يمكن أن نتبادل الحوار مع من يتقاسمون معنا الهموم والمساعي نفسها. لأن شعور المحروم من الأمومة أو الأبوة لن يفهمه، في تقديري، إلا من عاش هذه التجربة» ومن هنا كانت فكرة تأسيس الجمعية قد تبلورت، حسب المتحدثة، بشكل تدريجي، بداية من العلاقات الاجتماعية التي ربطتها مع نساء أخريات، يعانين مثلها صعوبات في الإنجاب، التقتهن في عيادات طبية مختلفة، كانت تزور الأطباء فيها سعيا إلى تحقيق أمومتها، إذ تحولت فترة جلوسهن في قاعة الانتظار إلى فرصة لنسج علاقات إنسانية، يتم خلالها تبادل الأفكار، الهواجس، وحتى التجارب ومقارنة نتائج العلاجات التي كن يخضعن لها، على اختلاف أنواعها وجرعاتها. وهكذا انتقلت هذه العلاقات من فضاء قاعة الانتظار إلى ربط اتصالات هاتفية، وعقد لقاءات في فضاءات عمومية، قد تكون مقهى أو مطعم، المهم أنهن كن يلتقين ويتبادلن الحديث، كل واحدة منهن كانت تلعب دور المستمع قبل أن تدلي بشهادتها المدفونة، ويعتبرن تلك الفترة الزمنية بمثابة حصة للتفريغ عن ما يجول في الخاطر، تارة يصاحبها بكاء وتارة أخرى ضحك على تجاربهن ومشاعرهن. المهم أن يسرقن لحظات للانتعاشة بشعور من الارتياح.
تواصل عزيزة: «وبما أننا كنا نتبادل اتصالات هاتفية، بشكل متكرر، في فترة الليل كما في النهار، ولفترة تطول أو تقصر، حسب الدافع للمبادرة بالكلام، فطنت إلى أن حالتنا الصحية والنفسية تستدعي دعما ومساعدة، نفسية واجتماعية ومادية، في إطار قانوني، وأن وجودنا في وضعية بحث عن الأمومة أو الأبوة، يتطلب اطلاع المسؤولين عن ما نعيشه من معاناة يومية مع صعوبات الولوج إلى العلاجات، ماديا، ونفسيا، وتحملنا عبئا كبيرا للتصدي لجميع الضغوطات الاجتماعية التي تنتظر منا أن نكون أمهات وآباء، دون وعي بالإكراهات الصحية والوقائع الطبية التي تجبرنا على أن نكون هكذا».
العقم لا يمنع ولادة جمعية الحالمين بالأمومة
جاء الإعلان عن فكرة تأسيس الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة «مابا» لأول مرة في المغرب، في شهر دجنبر من سنة 2012، عبر شبكة التواصل الاجتماعي، خرجت تعابير الإعلان من شدة ألم الجرح الذي أحست به عزيزة، حين أخبرها الطبيب بأن توقف جميع محاولاتها للإنجاب، بسبب إصابتها بقصور في المبيضين، وعدم تمكنها حتى من الظفر ببويضة واحدة للمرور إلى مرحلة التخصيب الخارجي. كان من الصعب عليها تحمل النبأ الذي نزل على رأسها كالصاعقة.
ومنذ دجنبر 2012، التأمت نساء لهن قواسم نكبة مشتركة، وبحثن عن مجموعة من المصابين بصعوبات الإنجاب، من الذين تفاعلوا مع الإعلان عن تأسيس الجمعية، فتعددت لقاءات التشاور وتبادل الأفكار حول الكيفية التي يجب بها الاشتغال لخدمة الحالمين بالأمومة والأبوة، وظهرت ملامح اللجنة التحضيرية إلى أن أعلن على الولادة رسميا سنة 2013. «هكذا كانت فكرة تأسيس الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة، نابعة من رحم المعاناة النفسية والاجتماعية والمالية التي تتعايش معها هذه الفئة في صمت مطبق، لقد جاءت الجمعية لتوضيح مختلف الصعوبات التي يتكبدها الأشخاص الذين يشكون صعوبات في الإنجاب، في رحلتهم الشاقة وراء البحث عن الشعور بنعمة الذرية.
كان هدفنا، تضيف عزيزة رئيسة الجمعية «هو لفت انتباه المسؤولين إلى قضيتنا وحثهم على اتخاذ جميع التدابير الكفيلة بوصول الحالمين بالأمومة والأبوة إلى العلاج والأدوية، ورفع الوعي بمسببات صعوبات الإنجاب في المغرب لتفاديها، ابتداء من عمر الطفولة مرورا بمحلة المراهقة والشباب، وتوفير جميع القوانين التي تساهم في توازننا النفسي، حفاظا على تلاحم أسرنا، بعيدا عن الوقوف أمام محاكم الأسرة بسبب العجز عن الإنجاب».
تداعيات نفسية واجتماعية وفاتورة عالية
يجمع المحللون النفسانيون على أن أبرز التداعيات التي تعيشها هذه الفئة تكمن في طبيعة المشاعر النفسية التي يحسها المحرومون من الإنجاب، ما يؤثر نفسيا على معنويات الشخص، وعلى نظرته لذاته، ولمستقبله فكثير من الذين يواجهون صعوبات في الإنجاب مصابون بالإحباط وبالقلق والاكتئاب، ويحتاجون إلى دعم نفسي باستمرار لهذا نبعت فكرة تأسيس الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة، من رحم المعاناة النفسية والاجتماعية والمالية التي تتعايش معها هذه الفئة في صمت مطبق. ناهيك عن شعور المصاب بصعوبات الإنجاب، بالذنب اتجاه الطرف الآخر في العلاقة الزوجية.
تجد الأسر التي تواجه صعوبات في الإنجاب نفسها تتخبط في مشاكل صحية وفي عجز مالي كبير عن سداد نفقات العلاجات والفحوصات والتحاليل البيولوجية لغلاء كلفتها، وعدم اندراجها ضمن لائحة الأمراض المعوض عن علاجها في المغرب. وتبعا لذلك، تتخبط تلك الأسر في هذا النوع من المشاكل التي تعتبر كلها عوامل تساهم في الحيلولة دون ولوج هذه الفئة إلى العلاجات، وإلى تكرار محاولات الإنجاب بواسطة المساعدة الطبية، التي تتراوح قيمتها المالية ما بين 20 ألف درهم و40 ألف درهم، حسب نوعية الصعوبة التي يواجهها الزوجان، وحسب ما تستدعيه من تدخلات جراحية، وأدوية مساعدة، وفحوصات وتحاليل، وحسب نوعية التقنية التي سيعتمدها الطرفان في محاولتهما للحمل، ومنها التخصيب الخارجي أو التخصيب المجهري، علما أن المحاولة الواحدة غير مضمونة النتائج، إلا بنسبة 25 في المائة.

أهداف الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة
المساعدة النفسية
دعم ومساندة المصابين بصعوبات الإنجاب على تخطي مصاعبهم النفسية.
المساعدة والتوجيه نحو معالجين اختصاصيين في الطب النفسي.
مصاحبة الزوجين في مختلف خطوات بحثهم عن الأمومة والأبوة.
التوعية
نشر الوعي بصعوبات الإنجاب والتربية على الوقاية منها.
التوجيه الصحي والتحسيس بالصحة الإنجابية وبصحة الأم والجنين والطفل.
التوعية بالطرق المتوفرة والحديثة في مجال المساعدة على الإنجاب.
التضامن والمساعدة الاجتماعية
خلق فضاءات اللقاء والصداقة والتعارف والتضامن بين المصابين بصعوبات الإنجاب وعائلاتهم وأقربائهم.
مساعدة الأزواج من دون أطفال الراغبين في التكفل، على سلك الإجراءات والمساطر القانونية للكفالة.
مساعدة المحيط على التعايش مع ذويهم من المصابين بصعوبات الإنجاب.
الدفاع عن الحقوق
المساهمة بمقترحات في سن التشريعات القانونية المتعلقة بمجال الصحة الإنجابية وصحة الأم والطفل.
تحسيس المسؤولين الحكوميين ونواب الأمة وعموم المواطنين بالمضاعفات الصحية والنفسية للمشاكل التي تعيق الإنجاب وتحسيسهم بمشاكل واحتياجات المصابين بصعوبات الإنجاب.
الدفاع عن حقوق المصابين بصعوبات في الإنجاب للولوج إلى العلاجات الطبية.
إجراء الدراسات والأبحاث المتعلقة بمجال الصحة الإنجابية وصحة الأم والطفل.

كسمي: الرجل هو المسؤول عن نصف حالات عدم الإنجاب
– متى يمكن الحديث عن العقم؟
يعرف العقم بعدم حدوث الحمل بعد سنة من الزواج والعلاقة الجنسية دون استعمال موانع الحمل، وهناك ما يقارب %10 إلى %15 من الأزواج يعانون من هذه المشكلة في جميع أنحاء العالم.
ويعد العقم أوليا إذا لم يحدث حمل مطلقا من بداية الزواج، وأما إذا حدث حمل ثم تأخر حدوث الحمل مدة تزيد على السنة فهذا يعرف بالعقم الثانوي، وهنا وجبت الإشارة إلى أن الكثير من الناس يجهلون هذا التعريف وأنه تحت ضغط المحيط العائلي فإن الكثير من الأزواج يبدؤون مسلسل البحث عن الذرية دون انتظار هذه السنة، مما يؤدي إلى استهلاك غير موضوعي للعلاجات الحديثة كما يؤدي إلى استعمال بعض الأعشاب رغم خطورتها.
ويمكن أن يؤدي هذا البحث المبكر إلى مضاعفات نفسية من جراء الشعور بالإخفاق وعدم القدرة على الإنجاب مما يزيد الطين بلة وتدخل العائلة في مشاكل كان بالإمكان الاستغناء عنها.
– من المسؤول الزوج أم الزوجة؟
بالرغم من بعض التفاوتات في الأرقام ف: + 5%3 من الحالات مسؤول عنها الرجل.
+ %35 من الحالات مسؤولة عنها المرأة.
+% 10 إلى %20 مسؤولية مشتركة.
+% 10 إلى% 15 ذات أسباب مجهولة.
وهنا نريد أن نشير إلى إشكالية ثانية (الأولى هي ضرورة احترام السقف الزمني). وهي أن الفحص والتشخيص يجب أن يهم الزوجين لأن الرجل مسؤول عن حوالي نصف أسباب العقم وهذا ليس معروفا وغير متداول عندنا، بحيث نجد المرأة تخضع لكثير من التحليلات والعلاجات في حين أن الرجل هو المسؤول، كما أن كلا منا يعرف حالات من الطلاق سببها عدم إنجاب المرأة دون فحص الرجل.
أما إذا كان عمر المرأة يتعدى الخامسة والثلاثين، أو تشتكي من عدم انتظام الدورة الدموية فمن الأفضل ألا تنتظر سنة كاملة بل وجب الفحص والتقييم بعد ستة أشهر.
وماذا عن الأسباب؟
قبل التكلم عن الأسباب يجب التذكير أن تحقيق الحمل يستوجب المراحل الآتية:
إطلاق المبيض للبويضة.
إمساك أنبوب فالوب بالبويضة.
صعود الحيوانات المنوية عبر المهبل إلى الرحم ثم إلى قناة فالوب.
تلقيح البويضة بالحيوان المنوي في الثلث الأخير من قناة فالوب.
نزول البويضة الملقحة إلى الرحم.
انغراس العلقة في جدار الرحم ونموها.
وهكذا يظهر جليا أن كل خلل في مرحلة من هذه المراحل يكون سببا للعقم.
– وما هي الأسباب عند المرأة؟
أما فيما يخص المرأة فمشكل الإباضة يتصدر اللائحة بحيث يشكل بين %25 إلى %35 من مجمل حالات العقم وهذا المشكل يكون ناتجا عن متلازمة المبيض المتعدد الكيسات، قصور المبيض المبكر أو ارتفاع هرمون الحليب، وكذلك التأثيرات الجانبية للاختلالات الهرمونية الأخرى (الغدة الدرقية والغدة جاركلوية) دون أن ننسى التأثيرات النفسية لما لها من علاقة وطيدة مع الإباضة.
وتأتي من بعد مشاكل تهم قناة فالوب وصفاق الحوض وتشكل بين %26 إلى %35 من الحالات وهي ناتجة عن التهابات الجهاز التناسلي ومضاعفاته وكذلك نذكر دور التصاقات الأعضاء الواقعة ضمن الحوض التي تمنع البويضة من الانتقال داخل القناة.
وهذه الالتصاقات تنتج عن وجود البطانة المهاجرة أو مخلفات العمليات الجراحية.
أما فيما يخص الرحم فيمكن أن نجد البطانة المهاجرة الرحمية، السلائل والأورام الليفية، وكذلك وجود خلل في جوف الرحم إما خلقي وإما وجود التصاقات ناتجة عن العمليات الجراحية.
ونذكر في الأخير كذلك عوامل عنق الرحم التي تهم ضعف الإفرازات أو وجود تعفنات أو أجسام مضادة.
– عن الأسباب عند الرجل؟
نجد من بين الأسباب حالات خلقية تهم قناة نقل الحيوانات المنوية وكذلك وجود دوالي الخصية والخصية المعلقة والالتهابات المزمنة ومضاعفاتها.
وتتجلى هذه المضاعفات في تحليل السائل المنوي الذي يظهر نقصان عدد الحيوانات أو نقصان حركتها أو وجود تشوهاتها.
وماذا عن العلاج؟
قد تتضمن معالجة العقم استعمال بعض الأدوية أو الجراحة أو اللجوء إلى تقنيات الإخصاب المساعدة.
وقد يأخذ العلاج بعين الاعتبار نتائج الفحوص، عمر الزوج والزوجة، مدة العقم وما يفضله الزوجان وإمكانياتهما.
– أدوية الخصوبة: تعطى لتحفيز الإباضة أو تنظيمها وتعطى على شكل أقراص أو حقن.
كما تستعمل بعض الأدوية المضادة الحيوية لعلاج الالتهابات سواء عند الرجل أو عند المرأة.
– الجراحة : تستعمل في حالات وجود تشوهات تهم رحم المرأة (الالتصاقات الحوضية وانسدادات قنوات فالوب أو قنوات القذف) لكن نتائجها تبقى محدودة، وتتم جل هذه العمليات عبر التنظير الباطني أو طريق تنظير الرحم.
أما فيما يخص دوالي الخصية فرغم المناقشات يجمع جل المختصين على جراحة الدوالي حين وجود ألم، أو نقص في حجم الخصية وفي حالات تأخر الإنجاب.
– تقنيات الإخصاب المساعدة: وهي أنواع:
وتضم الإمناء داخل الرحم حيث يحقن المني مباشرة داخل جوف الرحم وتستعمل عند وجود أعطاب في عنق الرحم أو وجود نقصان نسبي للمني وكذلك عند إخفاق العلاج الدوائي. وتظهر الدراسات أن حوالي 18 في المائة من النساء قد يلدن بهذه الوسيلة.
وتضم كذلك التلقيح الاصطناعي حيث تؤخذ البويضات جراحيا من المبيض ثم يتم مزجها مع مني الزوج وإذا تم تلقيح البويضة تعاد إلى الرحم.
وتستعمل هذه العملية حين وجود انسداد قنوات فالوب أو وجود تدني مهم لمني الزوج وكذلك عند استنفاد الوسائل وعند ما لم يكتشف أي سبب واضح للعقم.
كما تم تطوير هذه العملية فيما بعد حيث يتم اختيار أجود حيوان منوي وحقنه داخل البويضة.
وتكون هذه العملية ناجحة في حوالي 25 إلى 30 في المائة حسب الحالات.
* عبد اللطيف كسمي اختصاصي في أمراض النساء والجراحة النسوية والتوليد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.